كتبت زينة حمود دراسة نقدية حول ديوان الشاعرة Yaqeen Janoud…( لين)…
……
عنونت الشاعرة السورية يقين حمد جنود ديوانها الاول باسم مولودتها الوحيدة (لين).
ما معنى اسم لين ؟ لين :هو اسم علم مؤنث أصله عربي وهو من اللين أي السهل الرقيق ضد الخشونة والقسوة
واختارت غلافها باللون الأزرق لون السماء لون الصفاء بذلك عكست من خلال الغلاف الراحة والسلام في نفس المتلقي
أهدت الشاعرة يقين مولودها الشعري الاول الى ابنتها (لين )،عائلتها(الام،الاب ،الاخ،الاخت) والى الأصدقاء والصديقات …
هذا الديوان يقسم الى قسمين :قصائد ولمحات
القصائد تنوعت بين قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر
واستطاعت يقين من خلال قصائدها التعبير عن كل ما يخالج روحها وذاتها فعناوين القصائد هي مرأة عاكسة لحياة يقين وتفاصيلها ، وكل ما مرت به في سنواتها التي لم تخلُ من غدر ،تيه ،حزن ،أنين ،غربة،وحد
ة ….
فتقول : التفت ورائي وجدتني وحيدة
الطيبة هي عيب يقين الوحيد….مشكلتي
وتستذكر الغدر الذي يطبع النفوس
فتقول ص ٩ :
وطبع الغدر يغويه الرجاء
فكأن يقين رغم إحاطة العائلة والرعاية والأصدقاء الا انها لم تفلت من سهام الغدر والغدارين فكانت قصيدتها الاولى عن الغدر ترسيخ لحقيقة الحياة المرة .
كما تكلمت عن العقوق ،عن ضياع الهوية ،عن قسوة الزمن فتقول ص ٤٨
أحرق نفسي
أنحر نفسي
أسخر نفسي
أهمل نفسي دون قيد ….أو حساب ….
ولابنتها لين كتبت قصيدة صغيرة الحجم كبيرة المعنى والدلالات فلين بالنسبة ليقين هي ذاتها ، امتداد لها ولأمانيها كما تشعر ربما أنها قصرت في حقها يوما
فتقول في الاهداء: لن أفي هبة الله لي حقها ابنتي لين
…وفي قصيدة لين قالت :…. أبحث عن يقين
وأسأل عن غد ….فكان جواب روحي
لرب العرش مختصرا بلين ….
فهي تعترف بنعمة الله عليها بوجود هذه النعمة والهبة التي جعلتها تكتشف أهمية وجودها وبقائها واستمرارها من خلالها …
كم عبرت عن امتنانها لوجود أمها في حياتها فتقول ص ٨١ :لن أفي أو أرد الأماني
وبعض الاغاني
لوجه الضياء …
وفي ص ٩٦ تقول: نضجت يا أمي
غير أني نضجت أكثر من اللازم
فاحترقت
كما ان الاب هو السند وتعترف بحاجتها له في غمار الحياة بعد رحيله فتتوجه لله قائلة في قصيدتها :ص ٧٨… أأكثر مني تريد أبي،!!!
وللوطن سوريا نصيب من القصائد وتعتبر أن وسام الهوية هو سبب من اسباب المعاناة فبسبب الحرب وجنسيتها تتعرض الى الخيانة والغدر واغتصاب الحقوق فتقول : سوري لا ظهر لي
تهزأ من تشردي كل أوطان الذباب ..
وفي ص ٥٢ تقول :
اهتف يا شعبي المقهور
اهتف يا شعبي المقهور
لا تدعو أبدا للنور
فستلقى حتفك بعد الشمس
وستبقى في الارض وحيدا ….
وتطالب بالعودة الى بيتها ومرتعها وأمانها فتقول ص ٧٧
خذوني لبيتي
خذوني لبيتي
فلم يبق مني إلا القليل .
كما أن لفلسطين القضية الام دور بارز في بقاء العرب وقضيتهم واستمرارهم
فتقول يقين ص ٣٤ :
العرب بعدك صاروا قضية
وبفضلك صار لهم هوية
….
وفي ص٣٥تقول :
كنت …وما زلت …وستبقين …
فلسطين
فقضية فلسطين لن تموت ولم يجف حبر دماء الشهداء بل هي تاريخ للانسانية …
يقين سجلت بين دفتي ديوانها مشاعرها الرقيقة الفائضة بكل انسياب وأناقة بلغة سليمة ومعبرة …
اما اللمحات التي صاغتها يقين فجاءت كمعادلة رياضية -شعرية
كقولها : يرتدي رداء عازلا للحنين +يسير تحت المطر=المخذول
أذر مع الريح أحزاني وأفراحي+أجمع ما نقته الريح معي الأمر=مؤونة عصف قادم
فكأن الحياة يمكن أختصارها بحدثين او قضيتين ونحصل على النتيجة …
اما من الناحية الاسلوبية فقد استطاعت الشاعرة يقين استاذة اللغة العربية أن تبدع في قصائدها ولمحاتها باستخدام كافة الأفعال
الماضية (غرقت،وثقت،رضعت،أمسكت،اشتد،علوت،هرمت ،ساد،شل ،عدت والتي استطاعت من خلالها التعبير والتصوير لحالتها النفسية .
بالاضافة الى الافعال المضارعة والتي تدل على الثبات والاستمرارية فتقول :ألاعبُ،يغطي،يطوق،يرنو،يئن،ترجو،أشكو،أدور،. ….
وللمستقبل اضافت حرف السين الى المضارع كقولها: ستلقى،ستعود،ستبقى،سيرعاني…..
مما يدل على التفاؤل والأمل …
ولافعال الامر التي تدل على طلب الفعل نصيب كقولها : شككْ،فلتعدْ،هلل،كنْ،دعْ،اكذبْ اكذبْ،صدق كذبك ….أسدل ْ…
اما الجمل فتنوعت بين الجمل الخبرية والانشائية
مع غلبة الجمل الانشائية الطلبية كالامر والنهي والتمني والاستفهام والنداء
الامر:فخض بحري وشاركني الفنونا …كن أملا …أكذب اكذب صدق كذبك
النداء :يا أماه،يا ابن التراب،يا أم الوجع،يا أم الدماء ،يا جسدا نهشته الكلاب،يا قرص النور،يا خافقي ،يا قاتلي،يا وطني ….
الاستفهام : لماذا خلقنا بقلب ضرير؟
كيف الخلاص وأين المدد؟ .
من أنت ؟ من نحن ؟ أين الجديد؟ كم مرة متِّ؟…..
وغير الطلبية كالتعجب مثل : اشمخ !!
تراقصني بأكفاني!! كم أختال! أكثر مني تريد أبي!!!
هذا و تميزت قصأئدها بالصور البيانية التي زادت النص جمالا ورونقا وإحساسا مختلفا والسمو بالصورة الى عالم الخيال المرهف
من التشابيه نذكر قولها : كالقوس اعوجاج/ كبرد صك أسناني/ عدت كطفلة تحبو/ أرقص كالبجع المسعور/ يلوح أمامنا كرغيف /نرسيسة مثل المطر /نرسيسة في رفعتي مثل الشجر….
الاستعارات كقولها : انتحر العطاء/ نوافذ الحزن/ عيون النايات أطفأها الأرق/ تدق المسامير حول السماء ….
بالاضافة الى الصور البديعية
كالطباق وهو اجتماع الكلام وضده كقولها :
هنافلسطين#هناك فلسطين
حضور#غياب
أكبر#أصغر
والمقابلة كقولها : أنت الحقيقة #أنا الخيال
بهدف إظهار وابراز الخصائص المتناقضة لأمرين وإظهار قيمة الشيء من خلال ضده …
كما كان للموسيقى دور بارز مؤثر ظهر من خلال التكرار للكلمات : …فلسطين …
مشكلتي…لو أني …لو كنت …سوري …إني…خذوني لبيتي …من أنا ؟….
كما كان للارقام حظا وافرا في قصائدها
وهذا يدل على حالة القلق التي تعيشها الشاعرة
لجذب انتباه المتلقي وجعله يتأثر بالحالة التي تتكلم عنها الشاعرة
كقولها : مرة أو مرتين/ زلة أو زلتين /للمرة الألف /سنارتين/ لو أني ولدت بجناحين/ما هم أن ألدغ من جحر مرتين أو أكثر/نصف القلب …
كما كان اللافت استخدامها للرموز التاريخية والدينية
زليخة الأزمان وأيامي ليوسفها حبال…نرسيسة …يوسف الحب …نوح …
مما يسهم في الارتقاء بشعرية القصيدة وعمق دلالاتها وشدة تأثيرها في المتلقي
كل الحب الى الصديقة والمبدعة يقين حمد جنود والى مزيد من الإبداع والتألق ….
زينة حمود ….
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي