غزلان شرفي
-أستاذة التعليم الابتدائي بمدينة فاس
-حاصلة على الإجازة في الفلسفة تخصص علم النفس.
-عضو الهيئة العالمية للعلماء والباحثين
-مشاركة في دواوين عربية مشتركة.
ومن هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار.
حاورتها من لبنان جميلة بندر
1.ماذا ألهمكِ لاختيار مجال التعليم الابتدائي؟وكيف ساهمت دراستكِ في الفلسفة وعلم النفس في تحسين أدائكِ كمعلمة؟
بسم الله الرحمن الرحيم،والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لي عظيم الشرف أن أحل ضيفة على مجلتكم الطيبة،فشكرا أثيلا على الدعوة .
1/لن أكون طوباوية في إجابتي،ولن أدعي الكمال والمثالية بالقول أني اخترت المهنة لقدسيتها،ولكن سأكون واقعية وأعترف أن شغفي منذ الطفولة كان هو مجال الصحافة والإعلام،حيث كنت أسبغ على المهنة جلباب التميز وقوة التأثير،خصوصا في تلك الفترة حيث كانت القنوات التلفزيونية والإذاعية محدودة،والمعلومة لم تكن متاحة بالقدر الذي نراه اليوم.
تقدمت لاجتياز المباراة بعد نيل شهادة البكالوريا بامتياز،وانتزعت لي مقعدا ضمن لائحة الناجحين،لكن والدي ،حينها،كان له رأي آخر،على اعتبار أن الدراسة في معهد الإعلام والتواصل كانت تتطلب الانتقال إلى العاصمة،وأنا كنت في نظره لازلت تلك الفتاة الغرة التي لم تفارق حضن الأسرة قط. اقترح علي متابعة دراستي في مركز تكوين المعلمين والمعلمات الكائن على بعد خطوات من البيت،وفي نفس الوقت التسجيل في الجامعة من أجل اكتساب التجربة.مدة التكوين بالمركز كانت سنتين،بعد انقضاء أولاهما ،تملّك والدي الندم لحرماني من حلمي،وحاول التكفير عن ذلك بالسماح لي بمعانقته مجددا،لكن هذه المرة كنتُ أنا من تشبثت برأيها ،بعد أن تشبّعتُ ،خلال السنة الأولى من التكوين،بحب المهنة وشرف ممارستها،خصوصا أن مهمتنا كانت ستنطلق في العالم القروي.غمرتني ،وأنا ابنة التاسعة عشر من العمر حينها،عاطفة تنوير أبناء المغرب المهمش،واستبدت بي العاطفة في التغيير والإسهام في تبديد ظلمات الجهل،فكانت شعلة الانخراط في العمل الجاد،وأصبحت نورا ألهم أجيالا وأجيالا أفخر وأعتز أن كان لي مساهمة ولو بسيطة في تنويرها.
بالنسبة لدراستي الجامعية،وتخصصي في علم النفس،هنا أشير أنها جاءت لاحقة بعد تعييني وممارستي المهنية(انسحبت من الجامعة قبلا حين انتسبت لمركز تكوين المعلمين).
كان اختيار الشعبة ليتناسب مع طبيعة عملي،ويكون لها انعكاس على أدائي ،خصوصا أنها كانت تتكون من وحدات ثرية من الناحية المعرفية:علم النفس الطفل/التفكير الرياضياتي/التحليل النفسي……وكان أمرا طبيعيا أن أستفيد من التجربة،وأن ينعكس ذلك على تعاملي مع الأطفال في ظل ظهور نظريات جديدة من قبيل :الذكاءات المتعددة،الفروق الفردية،التعلم بالقرين/بيداغوجيا الخطإ/بيداغوجيا اللعب…….كانت تجربة ممتعةإسقاطُ ما درسته نظريا على جماعة فصلي من أطفال تواقين لكل جديد يجذب انتباههم،ويثير اهتمامهم .
2.كيف توازنين بين عملكِ كمعلمة وعضويتكِ في الهيئة العالمية للعلماء والباحثين؟
2/عضويتي بالهيئة العالمية للعلماء والباحثين كانت بالنسبة لي نافذة مشرعة للتعرف على طبقة مهمة من المثقفين في اختصاصات شتى من مناطق متعددة من العالم العربي،ووسعت من معارفي ومداركي من خلال متابعة أنشطتها المتنوعة والثرية والمواكبة لمستجدات الساحة الثقافية والعلمية،كما أن وجود رواق شعري خاص تابع للهيئة فتح أمامي أبواب صقل موهبتي عبر الاحتكاك بتجارب شعرية رفيعة؛وهذا الانخراط لم يتعارض قط مع مسؤولياتي المهنية،كونه لا يتطلب حضورا دائما ولا مكثفا ،باعتبار أن مقر الهيئة يقع بمدينة أخرى تبعد عن مدينتي بمئات الكيلومترات،إلا أن التقنيات التكنولوجية اليوم ذللت الصعاب وجعلت الباب مشرعا للمتابعة والتفاعل ولو عن بعد.لكني أضاعف الجهد حين يتعلق الأمر بالمجال الشعري،وأفضل الحضور واقعا لا افتراضيا،خصوصا إذا تزامن الحدث مع عطلة نهاية الأسبوع.
3.ما هي الرسالة التي تحاولين إيصالها من خلال مشاركاتكِ في الدواوين العربية المشتركة؟
3/حين تُعرض علي المشاركة في ديوان شعري عربي أو دولي مشترك لا أتردد أبداً،فمشاركتي هي انعكاس لشخصيتي الاجتماعية والمنفتحة على جميع التجارب ،في تفاعل وانخراط فعال للرقي بالممارسة الكتابية،وخصوصاً النسوية منها؛إضافة إلى أن هذا الأمر بالنسبة لي يعكس ميلا إلى التعاون والاتحاد ولو على مستوى الكلمة في الوقت الذي تفرقنا فيه السياسة،وتفرق بيننا الحدود.
وجودي في دواوين مُجمعة رسالة مني كوني إلى جانب الإبداع العربي مهما ضيق عليه الخناق،خصوصا أني عرفت من تجارب أصدقائي العرب أن الطباعة مكلفة جدا في كثير من البلاد العربية،لكنها لن تكون عائقا أمام الإرادة الجماعية.
4.كيف كان تعاونكِ مع دار الفراعنة في إصدار “همسات عربية”؟
4/في الحقيقة “همسات عربية”كان ثمرة تعاون بين رابطة الكتاب العرب على الفيس بوك-والتي لي شرف شغل منصب نائب رئيس فيها-بمبادرة من مؤسسها :المهندس الشاعر الأستاذ عادل التوني،ورئيستها الأستاذة الأديبة إيمان الليثي و “دار الفراعنة”في خطوة غير مسبوقة حينها في العالم الافتراضي،وقد كانت أولى تجاربي في النشر الورقي.صحيح أني لم أستطع الحصول على نسخة من الديوان الذي عرض حينها في المعرض الدولي للكتاب بالقاهرة،إلا أن فرحة المشاركة،وفرحة النشر الورقي الأول أنستني الأمر؛بعدها توالت المشاركات،وتتالت المساهمات.
5.هل تأثرت أعمالكِ الأدبية بتجربة جائحة كورونا، وكيف تجلى ذلك في “أصداء كورونا”؟
5/لا يختلف اثنان على كون جائحة كورونا قد غيرت وجه العالم على جميع المستويات،وأعادت هيكلة شبكة العلاقات والأفكار والمواقف.
أدبيا،كانت فرصة للاختلاء بالذات،ومحاولة نقد البدايات من أجل تحسين الأداء،وتطوير الممارسة،وهنا ،ظهر في الساحة ما عرف “بأدب الجائحة”،حيث ركزت الكتابات في شقيها القصصي والشعري على الوباء،وتناسلت الإبداعات.وهنا،تلقيت دعوة من الأديب اليمني عبد الله الحكماني للمشاركة في ديوان مجمع،لم أتردد طبعا في ترك بصمة لي حول وباء أعاد تشكيل وجه الكرة الأرضية برمتها.
6.ما الذي يميز ديوان “ترانيم تاء التأنيث” عن أعمالكِ الأخرى؟
6/”ترانيم تاء التأنيث “:فخامة الاسم تكفي،هي ترانيم شجية بأقلام نسوية مغربية مميزة،أفخر بمشاركتها هذا المنجز،الذي حرصت صاحبتا الفكرة:الأديبة المتميزة الأستاذة”آمنة برواضي”،وشاعرة الأطلس الغريدة الأستاذة”خديجة بوعلي”على إخراجه للعلن في عيد المرأة العالمي،فكان لحنا رقصت له قلوبنا،وتماهت معه حواسنا.”ترانيم تاء التأنيث “تجربة تستحق الاحتفاء،نظرا للجهد الاستثنائي الذي بذل في تجميعه وإخراجه في حلة تليق بحواء المبدعة المغربية.
7.كيف كانت تجربتكِ في المشاركة في الديوان الدولي المشترك “قصائد ضد البشاعة”؟
7/”قصائد ضد البشاعة “تجربة أدبية إنسانية ثرية،كونها تضم أقلاما دولية وليست عربية فقط؛قصائد تتغنى بالحب والسلام،وتحارب البشاعة التي زكمت أنفاسنا،وأقضت مضاجعنا كل يوم بالكلمة الجميلة،والإحساس الراقي،تجربة كانت ناجحة،ولاقت ترحيبا وقبولا في الوسط الأدبي،مما حذا بصاحب الفكرة الشاعر الأستاذ محمد اللغافي إلى إصدار جزء ثان جعل من هذه الأنطولوجيا الدولية واحة خضراء وسط صحراء قاحلة،وشلال ماء هادر يشق صلابة الجبال العاتية.
8.هل تفضلين كتابة الشعر أم القصة القصيرة، ولماذا؟وكيف جاءتكِ فكرة مجموعة “ستار الحلم” القصصية؟
8/ المفاضلة بين القصة القصيرة والشعر كالمفاضلة بين الأبناء،يستحيل بالنسبة لي الفصل بين أيهما أقرب إلي،أو إلى أيهما أميل؛أعشقهما الاثنين،قراءة وكتابة،إلا أن لكل واحد منهما،بالنسبة لي ،طقوسه الخاصة:حين تنتابني حالة نفسية معينة،يبدأ بداخلي صراع أشبه بمخاض،فأشرع في الدوران حول نفسي في محاولة لاقتناص فكرة ،والتقاط خيط قد يجرني إلى قصة،أو قد يجذبني إلى قصيدة،فقلمي له سلطان علي .
*في الحقيقة،مجموعة “ستار الحلم”أدين بها لاسمين اثنين:
١-الأديبة اللبنانية الكبيرة “فاطمة منصور”التي جعلت الفكرة تتحقق ،إلكترونيا،عبر موقع شبكة “محررون”،وإليها يرجع الفضل في اختيار العنوان.
٢-سيادة المستشار القاضي والأديب والعلامة بهاء الدين المري الذي جذبه أسلوبي في السرد،من خلال متابعته لمنشوراتي عبر صفحتي الفيسبوكية،فتبنى فكرة تحويلها إلى مجموعة ورقية تستحق الانتشار في الوطن العربي،حسب رأي سيادته؛وقد تكفل مشكورا بجميع الإجراءات والخطوات اللازمة ليخرج هذا الوليد إلى العلن،بعد أن كان حبيس الشاشة من خلال المواقع الإلكترونية،وهنا أشير إلى أن المجموعة في شكلها الورقي أغنى وأغزر منها وهي إلكترونية بعد تطعيمها بقصص جديدة ؛وهكذا ،أزيح الستار عن حرفي،وتحقق حلمي في معانقة ذوق القارئ العربي،والانفتاح عليه من خلال مشاركة المجموعة في المعارض التي تحضرها الجهة الناشرة:الهيئة المصرية العامة للكتاب.
9.ماذا تعني لكِ قصائد “محياي في مهب الريح” وما هي القضايا التي تتناولها؟
9/حين اختمرت في ذهني فكرة الإخراج الورقي لقصائدي،وحين اعتكفت على اختيار من منها سيتصدر باكورة أعمالي،قررت أن أبدأ من الإرهاصات الأولى لممارستي الشعرية،حفظا لها من الضياع،وارتأيت أن يكون مولودي البكر إعلانا عن بنوة لقلم عصامي يتلمس طريقه في عالم يضج بالكتابات من غث وسمين.ربما كنت،في عملي الأول هذا،لم أصل إلى النضج الكامل،لكني سعيدة به سعادة المخاض الأول،والولادة الأولى رغم ما يرافقهما من ألم.ومهما سيصدر لي بعده من دواوين لاحقة،فلن تنازع”محياي في مهب الريح “في مكانته لدي أبدا..
نصوص الديوان ذات مواضيع مختلفة:منها الرومانسي العاطفي/الوطني/السياسي والديني.
10.كيف ترين دور المرأة في الأدب المغربي والعربي؟
10/كانت المرأة المغربية حاضرة في المشهد الثقافي على امتداد التاريه،خصوصا في مجال الشعر،إلا أن المخطوطات الأدبية لم تنقل لنا منه إلا النزر اليسير،واستمر هذا الانخراط في عهد المقاومة،وصولا إلى عصر الحداثة،حيث ستخرج المرأة من قوقعة المشاركة المحتشمة إلى إثبات وجودها ،ندا لند إلى جانب الرجل؛إلا أن هذه المساواة “الشكلية”لا تنطبق على الحرية التي يحظى بها شريكها في التعبير والبوح،بينما تبقى الأنثى المبدعة محكومة بالأعراف والتقاليد.
وعلى اعتبار أن المرأة المغربية هي عربية في الأساس،فإن ما ينطبق عليها ينطبق على مثيلاتها في باقي بلدان العالم العربي،على اعتبار أن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية متشابهة،ومن ثم فالهموم واحدة،والقيود واحدة،والإرادة واحدة.
11.ما هي طموحاتكِ المستقبلية في مجال الأدب والتعليم؟
11/طموحي الأدبي أن يتخلص المجال من المحسوبية والزبونية،وأن يفتح ذراعيه لكل الأقلام المغمورةكي تنال حظها من الظهور والمشاركة،وأن يضطلع النقد بدوره في توجيه الممارسة الإبداعيةالتي تتلمس طريقها في ميدان الأدب..
طموحي الأدبي أن يلامس حرفي وجدان قرائه،ويكون ترجمانا لهمومهم وآمالهم،وروضة فيحاء يجدون فيه سكينتهم.
طموحي الأدبي أن أطور من أدائي،وأن تكون إنتاجاتي القادمة أكثر نضجا وعمقا.
أما في ميدان التعليم،أقول:لن نتطور مادمنا لا نعتني بالأستاذ،ولا نبوئه المكانة الاعتبارية والرمزية التي يستحقها.فأي مشروع لا يضع الأستاذ ضمن أولوياته فهو عقيم مهما صرف عليه من أموال.
12.ما رأيك بالملتقيات الشعرية وخصوصاً ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد ؟
12/الملتقيات الشعرية ظاهرة صحية جدا،فهي التي أتاحت لنا الفرصة كي نبدع ونعبّر،وكانت لنا ميدانا خصبا نحتك فيه بتجارب غيرنا،خصوصا الملتقيات الجادةكملتقى الشعراء العرب الذي يهتم بكل قلم مبدع،ويشجعه بالنشر والتوثيق؛وهنا أستغل الفرصة لأشكر الأستاذ الشاعرناصر رمضان عبد الحميد على جهوده الرائعة،ودوره المميزفي المساهمة في الرقي بالإبداع.كان وسيظل نعم الصديق المُوجه المبدع الخلوق المقتدر.
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي