أميمة وليد يوسف
معلمة لغة عربية في وكالة الأونروا بالأردن منذ عام 2003، حاصلة على بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها وماجستير في الإعلام الرقمي الحديث. عضو في العديد من الجمعيات الثقافية ولجان التحكيم، ولها ديوانان شعريان مطبوعان ومشاركة واسعة في الأنشطة الثقافية داخل الأردن وخارجه.
ومن هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار.
حاورتها جميلة بندر
1.كيف أثرت دراستك في اللغة العربية وآدابها على حياتك المهنية والشخصية؟
بداية ممتنة جدا لهذه الاستضافة الكريمة وسعيدة أن أكون ضيفتكم على مائدة الحرف نتقاسم معا خبز الدهشة..
العربية سيدةُ الّلغاتِ بلا منازعٍ، تتربعُ على عرشِ البشريةِ مزهوةً بسُمرتِها وعُيونِها العسليّةِ..
فاتنةٌ تعرفُ عاشقِيها، تغازلُ الوحيَ وتلهمُ الشّاعرَ قصيدتَهُ الجميلةَ. فمنْ قلبِها يمرُّ حصانُ الشِّعرِ على جناحِ الحرفِ يعدو.
ولو لم تكُنْ أوّلَ العزفِ وآخرَهُ لَماتَتِ الموسيقى كما تموتُ الجُمَلُ في الفراغِ، لكنّها اخترعتِ الشِّعْرَ إيقاعًا وَلَحنًا.
في ذبذبات اللغة طيف بلا كنه يظل يعتق حضوره كل مرة نلفظ بها حرفا .
حتى فوضانا في لغتنا العامية والتي ركنا إليها منفلتين .. أشبه بدندنة الغجر في ليلة قمرية .
دراستي للعربية ما تزال تمنحني الشعور بنشوة كتلك التي تعتري الأجنحة الصغيرة حين يفتح لها الأفق الرحب ذراعيه .. داعيا إياها لعناق طوييييييل طوييييييييل..
منحتني العربية أجنحة لأحلق في عوالم الإبداع والدهشة، ولأكون ما أنا عليه اليوم أمومة وإنسانية وشاعرية ومهنة، فكم يشرفني أن أتحدث بلسان عربي مبين، وأن أرسم الأحلام بحروفها الزاهية، وأن أعلمها لأبنائي وتلميذاتي لغة خالدة ساحرة ليس كمثلها شيء.
وما زلت أخاطبها ملء روحي قائلة:
مَا ضَلَّ مَنْ عَشِقَ الجَمَالَ وَمَا غَوَى
لُغَتِي أَيَا عِشْقِي وَيَا سِرَّ الهَوَى
إِنِّي ارْتَضَيْتُكِ لِلْكَمَالِ هُوِيَّةً
فَزَهَا كَمَالُكِ فِي فُؤَادِيَ وَانْطَوَى
وَنَوَيْتُ أَنْ أَرْقَى سَمَاءَكَ نَجْمَةً
وَلِكُلِّ مَفْتُونٍ بِبَابِكِ مَا نَوَى
لولا ضياؤُكِ في حياتي لم أعشْ
كلّا ولا عنبي بداليتي استوى
2.ما الذي دفعك لاختيار ماجستير الإعلام الرقمي الحديث، وكيف أضافت هذه الدرجة إلى مهاراتك؟
الإعلام الرقمي هو الإعلام الأقرب لحياة الإنسان، يرصد الأحداث بغاية الدقة والوضوح وبتماس مباشر مع الحدث
والعوالم الرقمية تجتاحنا من حيث لا ندري، تقتحمنا وتتغلغل في جوانب حياتنا جميعها، تفتح في حيواتنا نوافذ مشرعة على العالم كله،وتزيح ستائر الانكفاء على الذات لنطل على الحياة من خلالها، تختصر الوقت والجهد، لكأنها بساط الريح والبشر كلهم سندباد، ولأنني أحب التحليق كثيرا وأعشق الترحال وأكره الحدود، آمنت أنها الطريق للوصول إلى محطة الحلم الجميل.
وإيمانا بدور الإعلام في خدمة المثقف والأديب والشاعر، وتصديقا لإرادته النافذة في إبراز الحقائق، في زمن الزيف والتضليل الفكري الممنهج والمدروس، آثرت أن أكون في صفوف الدارسين المتعمقين، علني أنتفع وأنفع، راجية من الله سبحانه أن تتحقق الغاية وتكتمل الرسالة.
3.ما هي أبرز التحديات التي واجهتك كمعلمة لغة عربية في الأونروا منذ 2003، وكيف تغلبت عليها؟
وما هي الاستراتيجيات التي تتبعينها في تدريس اللغة العربية لجعلها مادة ممتعة وشيقة للطلاب؟
التعليم مهنة الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، وهو أسمى رسالة يحملها البشر، ورغم ذلك فأعباء المهنة كثيرة خصوصا إن كنت معلمة في مؤسسة كوكالة الغوث الدولية، ولا يخفى على أحد ما واجهته مدارس الأونروا ومنشآتها في الحرب المؤلمة الأخيرة على غزة.
وبعيدا عن أوزار الحروب، فظروف الحياة في المخيمات قاسية، ورغم أن الناس فيها يؤمنون بأن العلم حنطة الفقراء، إلا أن الأوضاع القاسية كثيرا ما تحول دون المضي قدما في رحلة المعرفة.
ومن جانب آخر، إحساسك العالي بسمو رسالتك واستحقاق طلابك لأفضل ما يمكن تقديمه رغم كل الظروف الصعبة المحيطة، يمثل تحديا كبيرا تحتاج لبذل جهود مضاعفة دوما لتجاوزه والتغلب عليه، مدفوعا بإنسانيتك وصدق انتمائك لقضيتك ووطنك.
كما أن انصراف العالم إلى تبني لغات جديدة والتباهي بالتحدث بها بديلا عن لغتهم الأم كان أيضا من أكبر التحديات التي واجهتني خلال هذه المسيرة من العمل في التعليم، فكان لا بد من تعزيز مشاعر الاحترام والاعتزاز بهذه اللغة العريقة والإحساس بقيمتها ومكانتها وأهمية دراستها والتعمق فيها قبل أي لغة أخرى.
وللوصول إلى هذه الغاية كنت حريصة على التجديد والابتكار والتنويع في استراتيجيات التدريس والتقويم دوما، فمن التعلم عن طريق اللعب إلى مسرحة التعليم والغناء، ومراعاة الذكاءات المتعددة، والعمل في مجموعات، وتدريب معلمات صغيرات ليكنّ عونا لزميلاتهن في تعلم الأقران، وإعداد أوراق عمل جاذبة وابتكار مواقف صفية متنوعة ومثيرة لمهارات التفكير العليا، كل ذلك وأكثر، حصيلة الخبرة في ممارسة هذه المهنة.
4.ما الذي يميز تجربتك في تدريس اللغة العربية للمرحلة الإعدادية العليا في مدارس وكالة الغوث بمنطقة شمال عمان؟
لكل مرحلة عمرية خصائصها النمائية المميزة، وطلبة المرحلة الإعدادية، إلى جانب نموهم الجسدي اللافت في هذه المرحلة من حياتهم وما يرافقه من تغييرات في الطول والوزن والشكل، يمتازون أيضا بالنمو العقلي كمًّا وكيفًا، حيث تزداد نسبة ذكائهم وتتوسع مداركهم،كما يمتازون بسرعة التحصيل الدراسي والميل إلى بعض المواد الدراسية دون الأخرى، و تنمو لديهم القدرة على تعلم المهارات واكتساب المعلومات، ويتطور الإدراك من المستوى الحسي إلى المستوى المجرد، كما يزداد الاعتماد على الفهم والاستدلال، ومن هنا كان لزاما على المربي والمعلم مراعاة هذه الخصائص، وتوجيهها بطريقة إيجابية فاعلة، لصقل شخصية الطالب، ومساعدته على تطوير ذاته وتحديد أهدافه وآليات تحقيقها.
مسؤولية عظيمة لا شك، لكنها تجربة فريدة تستحق أن يخوضها المعلم بكامل تفانيه ليفخر على الدوام بما تنتجه يداه من ثمار ستسر الناظرين حتما.
5.كيف كانت تجربتك كأمينة مكتبة في مدارس وكالة الغوث، وكيف أثرت هذه التجربة على رؤيتك للعمل التعليمي؟
المكتبة عالم موازٍ، لكنه أقرب إلى المثالية والاكتمال، فالكتاب رفيق الأنس والوحشة، والعمل في المكتبات يشبه أن تكافئ نفسك كل يوم بالخروج في نزهة، فسحة ثمينة من الوقت للتأمل والإبحار بلا شراع حيث الأفق الممتد بعيدا جدا.
أنا صديقة المعجم، أحب مطالعة المعاجم كثيرا قديمها وحديثها وتتبع المواد اللغوية المختلفة وتصريفاتها ودلالاتها ومعانيها، وتواجدي في المكتبة المدرسية أتاح لي هذه المتعة.
في تجربتي كأمينة مكتبة تعلمت أسس النظام العشري (نظام ديوي) وكيف تصنف الكتب حسب موضوعاتها وترتب على الرفوف.
ثم اكتسبت لاحقا مهارة الحوسبة، تمهيدا لدخول العوالم الرقمية والتي لم تكن قد شاعت بعد.
كنت أستقبل طالباتي في المكتبة، كبيئة تعليمية لها خصوصيتها وقداستها، أعلمهن آداب التعامل مع الكتب ومصادر المعرفة. وكيف ينهلن منها ما يثري عقولهن ويحفز مشاعرهن ويعزز إنسانيتهن.
6.كونك كنت رئيسة اللجنة الثقافية في منتدى البيت العربي الثقافي من 2018 حتى 2022، ما هي أهم المبادرات والأنشطة التي قمت بها؟
العمل التطوعي في الأوساط الثقافية يجعل الأديب على تماس مباشر مع زملائه وأقرب إلى تجاربهم الأدبية والإبداعية. أتاح لي العمل في اللجنة الثقافية فرص الالتقاء بالكثير من الأدباء الأردنيين والعرب. وتنظيم أمسيات ومهرجانات شعرية عديدة.
من المبادرات التي أفتخر بها جدا مبادرة (الشعر في زمن الكورونا)، حيث كان لنا السبق كمنتدى ثقافي في التواصل مع الشعراء الكترونيا بسبب ظروف الحظر الصحي، وبث جديدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي في تلك الفترة. إيمانا بحاجة الناس إلى ما يخفف عنهم عبء هذه المرحلة الحرجة وظروف العزلة التي فرضتها.
أيضا كان هناك برنامج من إعدادي وتقديمي تحت عنوان (في حضرة شاعر)، التقيت من خلاله بالكثير من الشعراء للحديث عن تجاربهم الشعرية ونتاجاتهم، وتم بثه كحلقات مصورة على قناة اليوتيوب الخاصة بالمنتدى.
وغير ذلك مما لا يحضرني الآن، ولكنني أفتخر بأنني شاركت فيه يوما وأسهمت بنجاحه.
7.ما هو دورك في مبادرة “صواب” للتدقيق اللغوي ولغة الإعلام، وكيف تساهمين في تحسين جودة المحتوى العربي؟
لغتنا العربية لا تخلو من المتعة ، يزهر في زواياها الابداع وتنمو على جنباتها الدهشة .
تتمايل حروفها في سحر وتخاتل .. ولا يستسيغ العربي بفطرته كلمة تخالف الذوق وتكسر قواعد الجمال ..
وعلى ذلك فالتدقيق اللغوي ليس ترفا، وإنما حاجة ملحة، النتاجات الفكرية والإبداعية على حد سواء تحتاج للمراجعة والتدقيق والتمحيص قبل مغادرتها ليدي مبدعها وحاسوبه إلى دار النشر، وقبل وصولها إلى يدي القارئ.
الأخطاء اللغوية صياغة وإملاء ونحوا، والخلل في توظيف علامات الترقيم، والوقوع في الأخطاء الشائعة يفقد الكتاب الكثير الكثير من قيمته، فلا بد من تدقيقه أولا لنضمن أن يصل إلى يدي قارئه بكامل بهائه.
والمدقق اللغوي يضطلع بمهمة عظيمة وتقع على عاتقه مسؤولية جسيمة، فمتى صار الكتاب في أمانته، وجب عليه أن يخلصه من كل الشوائب التي قد تؤثر على جماليته ومحتواه ومضمونه، فالقارئ يتعلم اللغة من الكتب.
8.ما هي أبرز المشاريع الأدبية التي قمت بتدقيقها، وكيف تجدين تجربة التدقيق اللغوي للأعمال الأدبية؟
في بداية مشواري بالتدقيق اللغوي، دققت موسوعة الجياد الأولى للإبداع الأدبي، وقد ضمت آنذاك نصوصا في الومضة والشذرة للكثير من الكتاب العرب، ثم عملت على تدقيق الكثير من المنجزات الأدبية في الساحة الأردنية، وكذلك الأبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه.
التدقيق يجعلك دوما متيقظا حذرا، حريصا أن لا تغفل أي حرف أو علامة ترقيم، كما أنه وسيلة للقراءة في مجالات مختلفة.
9.كيف تقيمين مشاركتك في لجان تحكيم مسابقات القراءة والخط والكتابة الإبداعية والإلقاء الشعري والعروض المسرحية في مناطق تعليمية مختلفة؟
حقيقة : المدارس مليئة بالطلبة الموهوبين، وهم بحاجة إلى الدعم ومد يد العون تماما كالطلاب الأضعف تحصيلا، وتأتي المسابقات كشكل تربوي لدعم المواهب وإبرازها وتثمينها.
أحيانا تكون الفروق بسيطة جدا بين المتسابقين، تحتاج إلى درجة عالية من الوعي والتركيز لتمايز بينهم بمنطقية وموضوعية بعيدا عن الانحياز لشعور أو فكرة، فهي مهمة صعبة إذا، ولكنها أيضا تستحق.
الاطلاع على تجارب إبداعية مبشرة يمنحك سعادة ويملؤك رضا وتفاؤلا ويقينا بأن القادم أجمل إن شاء الله.
10.ما هو الأثر الذي تركته دورات الإعلام البيئي والتعامل مع وسائل الإعلام على مسيرتك المهنية؟وكيف ساعدتك الورشات التي شاركت فيها، مثل “اللغة العربية في البيئة الرقمية” و”صحافة وسائل التواصل”، في تعزيز قدراتك المهنية؟
الدورات التعليمية وورشات العمل تسهم دوما في زيادة الخبرات وتنمية المهارات، وفي عصر الانفجار المعرفي الذي نحياه، نحتاج دوما إلى مواكبة التطور واللحاق بركب الإنسانية في كافة المجالات خصوصا المستحدثة منها. ففي كل يوم اكتشافات جديدة، واختراعات ذات أثر، نظريا وآراء تستحق الوقوف والتأمل،، وما زالت عجلة الحياة تدور وما زلنا نتعلم وعلى قيد الحلم نحيا.. مؤمنين بأنه ( على قدر حلمك تتسع الأرض).
تستحق لغتنا أن نبتكر سبلا لنشرها، وأن نفيد مما وصلت إليه العوالم الرقمية لخدمتها والنهوض بها وتقديمها للعالم كلغة جديرة أن يُصدح بها في المحافل العالمية الكبرى.
ونستحق كأمة أن نظل خير أمة أخرجت للناس وفي الصدارة دوما علما وحضارة وإنسانية، وأن نقدم أنفسنا في وسائل التواصل كما ينبغي أن تكون صورتنا مشرقة صادقة حقيقية وزاهية، بعيدا عن جلد الذات ولعن التاريخ والتطرف والانغلاق، فنحن بحاجة أن نمد يدا إلى العالم ونصافح يده الممتدة نحونا، ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا بتوظيف وسائل التواصل الإجتماعي .
11.ما هي أهم الإنجازات الأدبية التي تفخرين بها، خاصة ديوانَي شعرك “ابتهال القرنفلة” و”أرتل لهفتي شعراً”؟
ديوانان شعريان أفتخر جدا بهما :
ديواني الأول ( ابتهال القرنفلة) الصادر عن دائرة الثقافة في أمانة عمان، بأوراقه المصقولة وألوانه الزاهية
وديواني الثاني (أرتل لهفتي شعرا) الصادر مؤخرا عن ثقافة الشارقة، بغلافه الأنيق وطباعته المتقنة.
إضافة إلى الكثير من القصائد المنشورة في المنتديات الأدبية والموسوعات العربية الشعرية المشتركة كديوان (شهداء العزة) الصادر مؤخرا عن مؤسسة البابطين الثقافية / دولة الكويت، بمشاركة أربعمئة شاعر وشاعرة.
فعندما يرتمي الورق الأبيض بين ذراعي البوح استجابة لقريحة شاعر عربي سيظل الحرف يهذي ويتمايل كما السنابل .. و ييمم شرقا وغربا ، لا يهم ففي كل الجهات نحن .
وكل الهذيان يؤدي إلى ملامحنا طالما أنا بلا ملامح ..
و المتتبع لأدبنا العربي سيجد أننا ..
نثرثر كثيرا .. حتى تستغرب منا الغربة ،
تقاضينا سمت الوحشة
نشهق الشوق ملء الفقد .
نعصر الروح كروما ملء الثمالة
يمسك حاضرنا بتلابيب الماضي .
يبذر في ساحات العمر كثير عتاب .
ندور في كل الاتجاهات ..
وفي اتجاه خامس هو للاجدوى للاشيء
كنوتي يبحر في عباب التيه .
و نكتب حتى في اللاشيء وتكون سحائب الحرف حبلى بكل الأشياء ..
إنه ثراء اللغة .. لا شك
12.كيف تنسقين بين عملك كمعلمة وبين أنشطتك الأدبية والثقافية المتنوعة؟وما هي نصيحتك للمعلمين الشباب الذين يسعون لتحقيق توازن بين التعليم والعمل الأدبي؟
إدارة الوقت بفاعلية من المهارات التي تساعدنا كثيرا لنتجاوز الوقوع في فخ الاضطراب وعدم التوازن، نظم وقتك جيدا لتتمكن من استثماره، ارسم لنفسك خططا واضحة وتابع السير مهما كانت المعيقات.
العمل الإبداعي لا يقل أهمية عن العمل المهني، بل ربما كان الأقدر على تحقيق الذات والشعور بالسعادة والرضا، فما أحلى أن تترك خلفك أثرا يشير إلى أنك قد مررت من هنا وكانت لك بصمتك الخاصة على جبين الحياة.
13.كيف تقيّمين دور المرأة في مجال التعليم والأدب في العالم العربي؟
أيمكنني أن أجيب شعرا؟! عبرت يوما عن هموم المرأة العربية عموما والأديبات منهن خاصة بهذه القصيدة :
أنا منذ آدم مهجتي في راحي
وعلى المجاز بنيت صرحَ نجاحي.
وتكامل النصفان كلًّا واحدًا
كالقفل ما استغنى عن المفتاح
أصغى لنا بدءُ الحياة وسِرُّها
والكون يهمي دمعةَ الأفراح
أنثى وأفخر أنني بنت الضحى
و رحيقُ وردِ الحبِّ كل صباحِ
فأنا التي هفتِ الحياةُ لبسمتي
وسكبتُ زيت النور في مصباحي
والسنبلاتُ وقد زهتْ بتواضعي
ملأى بقمح تصبري و كفاحي
فلماءِ روحي سيرةُ الخصب الذي
جعل الترابَ قصيدة الفلّاحِ
ما زلت أسعى في الدروب أضيئها
أُلقي على القلب الحزين وشاحي
عمقي كغيماتِ الحقيقةِ طاهرٌ
والصدقُ في وجهِ الغبارِ سلاحي
قد كنتُ آلهة المنى وتأسطرت
كينونتي في مجدها الصداحِ
أنا إذ أقولُ أنا فنزفُ قصيدةٍ
شكّلتُ منْ كلّ النساءِ جراحي
كم كنتُ شاعرةً أرتّل للجوى
نارًا، وأغمس بالندى أتراحي
ما خنتُ قافيتي ولا ساومْتُها
لم ينكسرْ للنائباتِ جناحي
ياما تباهى الساخرون بجوهري
في السرّ والإيماء والإفصاحِ
وصبرت أحمل ظلمَهم وظلامَهم
وعذرتهم في غدوتي ورواحي
وصعدت سلّمَ همّتي لا أشتكي
حتى اعتبرت خسارتي أرباحي
أعطيتهم ما احتجته ومنحتهم
من فيض حبي الوارف المنّاح
وجّهتُ بوصلتي لموج بحارهم
ووهبتهم أيقونة الملّاحِ
فأنا الأمومة في قداسة طهرها
ووفائها العذب الجميل الصاحي
أمٌّ تربى أمةً وحضارةً
وترتّب التاريخ في الألواحِ
وأنا الأنوثة والمفاتن والصبا
وجهي مضيء والفؤاد أقاحي
ولقد أهبُّ على الوجود فينجلي
ليلٌ وتعتصر الغيومَ رياحي
فأنا لكم منكم وفي نبضاتكم
وعليكمُ حامت طيور سماحي
من أجلكم سهرتْ عيون محبتي
وجعلتُ دمعي سُكّرا لنواحي
عيني على أحلامكم ودروبكم
في العتم أو في نشوة الإصباحِ
لي كبرياءٌ في السماء بيوتها
ليس انتقاص كرامتي بمباحِ
طبّبتُ جرح الكون وهو مُقَمَّطٌ
لكن تناسى أن يخيط جراحي
أرجو أن يكون فيها إجابة شافية
14.كيف تجدين تجربة المشاركة في الأمسيات والمهرجانات الشعرية، وما هي أبرز الذكريات التي تحتفظين بها من هذه الفعاليات؟
لكل أمسية شاركت بها وتر يدق في حنايا روحي، ولكل مهرجان حكاية، ورغم أنني أؤمن بأن الشاعر هو الإضافة الحقيقية لأية أمسية أو مهرجان يُدعى إليه، إلا أن الظهور في هذه المحافل يساهم في انتشار الشاعر ونقل تجربته الإبداعية إلى الآخرين والإفادة من آرائهم وانفعالاتهم.
الوقوف على المنبر وإلقاء الشعر يمنح الشاعر مساحة من وطن حر، رئة ثالثة تلهب أنفاسه وتملأ قلبه بإكسير الحياة.
من ذكرياتي الجميلة مشاركتي بمهرجان الشعر العربي في اسطنبول، حيث أتاحت لي هذه المشاركة التعرف على أصدقاء كثر من بلدان مختلفة كانت تربطني بهم صداقة فيسبوكية وكم كان جميلا أن ألتقي بهم حقيقة.
15.ما هي طموحاتك المستقبلية في مجال التعليم والأدب، وما هي المشاريع التي تخططين له؟
أطمح لمزيد من تطوير الإمكانات والأدوات، مزيد من النجاحات، الكثير من الإنجازات، دواوين جديدة، وربما أطرق أبواب عالم الرواية يوما ما..
وأحب أن أؤسس يوما مشغلا إبداعيا صغيرا للمواهب الشابة، أبذل فيه ما استطعت لدعم المواهب وصقلها وتشجيعها..
16.ما رأيك بالملتقيات الشعرية وخصوصاً ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد؟
جهود مباركة ثمينة، فالملتقيات الأدبية عموما تسهم برفع راية الشعر وتوحيد الشعراء، ونشر نتاجاتهم، وهي بيئة صحية لتبادل الخبرات والثقافات وتجاوز مشكلة الحدود والمسافات.
وإدارة منصات كهذه تحتاج شاعرا متمكنا صاحب تجربة إنسانية وأدبية ناضجة كالشاعر ناصر رمضان لتتمكن من تحقيق أهدافها وتستمر في فرض وجودها في هذا العالم الأزرق الكبير
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي