بصمات مرتجفة … قصص نايف مهدى
- سرد مكثف ولغة عذبة ورؤية منفتحة على كم مهول من التأويلات
_ من خلال لغة شفيفة تتماس مع تخوم الشعر وبناء قصصى رصين ومحكم ومتماسك ورؤية تستلهم الماضى وتشتبك مع الواقع وتستشرف أفاق المستقبل جاءت المجموعة القصصية المعنونة ” بصمات مرتجفة ” للقاص والأديب السعودى نايف مهدى وكأنها مكتوبة بحبر القلب حيث نجح فى تقديم مجموعة من النصوص المكتنزة المحملة بكثير من الدلالات والمضمخة بالعديد من التأويلات عبر سطور قليلة تشبه الوخز من خلال تضفير الشخصى مع الموضوعى ومزج الواقعى بالمتخيل ليقدم لنا رؤى إنسانية – من خلال فن السرد – تتكئ على الواقع وتنهل من اليومى المعيش محلقة فى أفاق رحبة ناثرة رؤى فى الحياة تدعم الإيجابى وتواجه السلبى وكأنه يرش الملح الأجاج على جراح الذات والمجتمع الأمر الذى يؤكد مقولة الفن للمجتمع ويجعل من الكاتب مثقفا عضويا مهموما ومهتما بقضايا مجتمعه متأثرا بها ومتفاعلا معها فكل أقاصيص المجموعة مرتبطة بقضايا الناس وهمومهم وألامهم وأمالهم وأفراحهم وأتراحهم فما من أقصوصة إلا وإحتشدت بمضامين نبيلة ومعان سامية لم يبثها الكاتب بطريقة مباشرة كذلك لم يلجأ إلى الوعظ أو النصيحة أو الخطابة بل جاءت رؤاه منسابة عبر النصوص ومحملة بالعديد من التفسيرات بما يتفق وشروط ومتطلبات الفن القصصى
وكانت الرمزية خيطا حريريا ناعما ينتظم جميع النصوص الأمر الذى يشير بجلاء إلى حنكة الكاتب وقدرته المدهشة على الإبتعاد بنصوصه عن المباشرة الفجة وحبسها فى قمقم الوعظ والإرشاد كذلك إعتمد الكاتب فى معظم نصوصه على مبدأ المفارقة يقول فى نص ” هروب ” ( قرر أن يوصد على أحزانه الباب ، ونسى نفسه بالداخل ) الأمر الذى يضع القارئ على أجنحة الدهشة ويكون النص بمثابة وخز يفتح عين القارئ على تأويلات لانهائية وتفسيرات شديدة الإختلاف فكل يفسر ماقرأ حسب وضعه الإجتماعى والإقتصادى بل وحالته النفسية وظروفه المزاجية فنصوص مهدى نايف ليست مقفولة بل ذات نهايات مفتوحة تفضى إلى كم مهوول من الدلالات … أيضا لجأ الكاتب إلى حيل سينمائية دعم بها نصوصه مثل المشهدية والتقطيع والفلاش باك ليؤكد فكرة تراسل الفنون بالإضافة إلى هذا إصطبغت نصوص الكاتب بصبغة دينية وسطية هذا الدين الذى يتداوله أغلب الناس دونما تشدد أو رياء فأحتشدت القصص بمشاهد الدعاء والتبرك وصوت الأذان والخشوع والرهبة والأمل والرجاء بصورة تشير بجلاء إلى تأثر الكاتب بمحيطه وتفاعله مع بيئته وإبراز مايعتمل فى صدور الناس ويتبدى فى سلوكهم وطرق حياتهم لاسيما وأن الدين عامل مهم للغاية فى حياة الناس …أيضا جاءت لغة الكاتبة سلسة ومنسابة وخالية من التراكيب الغريبة والجمل المقعرة والمترادفات المهجورة وإمتاز إسلوبه بالبساطة والإكتناز والإيجاز موصلا فكرته بأقل عدد من الكلمات ناهيك عن قوة معمار النصوص ومتانته فالأقاصيص مخططة بنائيا ومرسومة معماريا بدقة الأمر الذى باعد بينها وبين الترهل بل جاءت معظمها مثل طلقات الرصاص سريعة وماضية وهادفة إعتمادا على هذا البناء القوى وهذه اللغة الرشيقة التى كتبت بها هذه النصوص التى تضع هذا الكاتب الصاعد فى مكانة تليق بموهبته وتشير بجلاء إلى أن لديه مشروع للكتابة العبر نوعيه يخصه وحده ويضعه بجدارة فى مصاف شباب الكتاب الواعدين
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي