الأديبة فوز حمزة .
كاتبة عراقية ولدت في بغداد وتُقيم حاليًا في بلغاريا. حصلت على درجة البكالوريوس في الإخراج المسرحي من كلية الفنون الجميلة، جامعة بغداد. قدمت إسهامات أدبية متميزة، حيث نشرت عدة مجموعات قصصية منها: “الوشاح الأحمر”، “مذكرات زوجة ميتة”، “مذكرات امرأة في سلة المهملات”، “صباح كهرماني”، و”أمي وذلك العشيق”. وكذلك لديها رواية بعنوان ( رياح خائنة ) حصلت على العديد من الجوائز الأدبية المرموقة في مجال القصة القصيرة، منها المركزالأول في مهرجان همسة الدولي، والمركز الأول من أكاديمية سفير القلم الهولندية وغيرها. فوز عضو فاعل في اتحاد أدباء وكتاب العراق ونقابة الفنانين العراقيين.
ومن هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار.
حاورتها جميلة بندر.
1 – كيف أثرت دراستك للإخراج المسرحي على كتاباتك الأدبية، وكيف تساهم خلفيتك الفنية في تكوين قصصك القصيرة؟
*بالتأكيد أن الدراسة لها الأثر الكبير في إثراء تجربة الكتابة وتجسيد هذه التجربة بشكل أكاديمي على الورق وفوق السطور فما بالكِ لو كانت هذه الدراسة قريبة من مجال الكاتب .. فدراستي للإخراج المسرحي في كلية الفنون الجميلة كانت تقوم على القراءات المسرحية بالدرجة الأولى ثم تلتها الروايات والقصص ومن ثم تحليل تلك النصوص القائم على تحليل الشخصيات والمواقف مما اكسبني خبرة كبيرة حولت نصوصي التالية إلى ما قبل وما بعد.
2 – كونك عشتِ بين بغداد وصوفيا، كيف أسهمت تجربتك في التنقل بين ثقافتين مختلفتين في إثراء كتاباتك؟
*حقيقتة .. لقد حولتُ هذه التجربة .. تجربة الغربة كما يقال عنها إلى تجربة رائعة كان لها الفضل في إلهامي للعشرات من القصص التي ولدت في بيئة مختلفة عن بيئتي الأم مما أضفت تنوعًا على كتاباتي ونصوصي ابتداءاً من الشخصية الغربية التي كانت لها طرق تفكير مختلفة وتناول للأحداث بشكل مغاير عن الشخص الشرقي بحكم بيئتها وتربيتها وانتهاءاً بالجو العام الذي يرسم صورًا لا تشبه الصور في عالمي الذي أتيت منه. في رأيي .. تجربة الاغتراب لا بد منها لأي كاتب حتى – لو تمت بشكل مؤقت – يحرص على تقديم الجديد والجميل للقارئ.
3 – في روايتك “رياح خائنة “، ما الرسالة التي كنتِ ترغبين في إيصالها، وكيف تفاعلتِ مع الشخصيات أثناء الكتابة؟.
*رياح خائنة هي روايتي الأولى، لذلك حرصت على أن تكون رسالتي فيها رسالة تحمل مضامين عميقة معاصرة تواكب العصر الذي نعيش فيه حيث الرياح القادمة من بعيد والتي ليست في صالحنا دائمًا .. أما شخصيات الرواية فأغلبهم قد مروا عليّ في الحياة .. لكني أجريت عليهم بعض التعديلات سواء في الأسماء أو الأوصاف ليصبحوا ملائمين للحدث ولمجريات الأمور .. فكنت طوال الرواية أراقبهم من بعيد أحيانًا وأحيانًا أخرى انغمس معهم لأعرف كيف يفكرون ومن أين تنطلق ردود أفعالهم .. في نهاية الرواية عقدت معهم صفقة على أن نظل أصدقاء ما تبقى من العمر. الرحلة معهم بالرغم من قسوتها إلا إنها لا تخلو من المتعة.
4 – ” مذكرات امرأة في سلة المهملات” عنوان جرئ وغير تقليدي. ما الذي أردتِ إيصاله من خلال هذه المجموعة، ولماذا اخترتِ هذا العنوان تحديدًا؟.
*العنوان الرئيسي للمجموعة عادة يتم اختياره من المجموعة .. اخترتُ هذا العنوان ليكون رمزًا لما يمر به بلدي من تناقضات أدت إلى فوضى عارمة عانينا وما زلنا نعاني منها ولن يمر زمن قصير قبل أن تنتهي وهو موضوع أول قصة في المجموعة وكذلك فأن العنوان هو رسالة أخرى يحرص أن يختزل فيه الفكرة والحدث.
5 – في “صباح كهرماني” قمتِ بطرح مواضيع تمس الحياة اليومية بنظرة فلسفية. كيف توفقين بين السرد الأدبي العميق وبين تقديم قصص واقعية تُلهم القارئ وتُحفزه على التفكير؟.
*أعتقد أن هذه هي مهمة الكاتب الرئيسية وإلّا فأن الحياة مليئة بالقصص التي تنتج بدورها قصصًا أخرى .. الكاتب المبدع هو الذي يتمكن من تحويل قصة عادية قد يسمعها في السوق أو الباص إلى واقعة سردية عميقة ذات إطار فلسفي مُلهمًا القارئ ومحركًا لخياله وهذا الأمر لن يتم بنجاح إذا لم يكن الكاتب يحكم السيطرة على أدواته الفنية وملمًا بشروط الجنس الذي يكتب فيه.
6 – تلقيتِ شهادات فخرية وجوائز دولية من عدة أكاديميات. كيف تشكل هذه التكريمات حافزًا بالنسبة لكِ، وهل تشعرين أن الأدب العربي يحصل على الاعتراف الذي يستحقه عالميًا؟.
*بالنسبة للتكريمات والجوائز التي حصلت عليها سواءاً كانت من داخل بلدي أو خارجه فهي تشكل علامة فارقة في مسيرتي الأدبية سيما أنني حصلت على المركز الأول من مهرجان همسة الدولي في القاهرة وكانت تلك مشاركتي الأولى وكذلك كل مشاركاتي كنت أحصل على المركز الأول فكانت حافزًا كبيرًا لي في الاستمرار مع أن الفوز يعني مسؤولية كبيرة تلقى فوق أكتاف الكاتب لأنه أصبح عند مرمى البصر للنقاد ومن يهمه الأمر . إما عن سؤالكِ هل حصل الأدب العربي على الاعتراف عالميًا فأقول نعم بدليل حصول بعض الأدباء العرب على جوائز عالمية وذياع صيتهم دوليًا.
7- تناول مجموعتكِ “أمي وذلك العشيق” قضايا اجتماعية من منظور جريء ومختلف. كيف تختارين المواضيع التي تطرحينها في قصصك، وما هي الرسائل التي تأملين إيصالها للقارئ؟
*في رأيي أن الكاتب يجب أن تكون الجرأة في كتاباته كالملح في الأكل وفقدانها يعني أن الكاتب يعاني خللاً في شخصيتة وبالتالي لن يتمكن من الكتابة في أي موضوع مع أن الجرأة في مجتمعاتنا مرتبطة بالجنس فقط .. لكن في الحقيقة أن الجرأة تعني الكتابة في أمور مسكوت عنها وبلادنا خير من يمثل ذلك فهي كالبركان الصامت .. لكن داخله يغلي .. إذن فرسائل قصصي قد تكون اجتماعية أو سياسية أو عاطفية .. فالحياة فيها كل شيء.
8- كيف تصفين رحلتك من الكتابة للمجلات والصحف إلى إصدار الكتب والروايات؟
*إنها رحلة طبيعية .. بدأتها كالوليد الذي يحبو ثم حين يتغذى ينمو ويصبح أقوى ليتمكن من السير ثم الركض ليحقق أحلامه في الحياة .. لقد أكسبتني الكتابة في الصحف والمجلات والمواقع الألكترونية خبرة ومهارة وكذلك سلطت الضوء عليّ لأتمكن بعد ذلك وبكل ثقة من كتابة رواية وقد أعقبها بأخرى في المستقبل.
9- ما هو التحدي الأكبر الذي واجهكِ أثناء كتابة أي من أعمالك، وكيف تمكنتِ من تجاوزه؟
*أستطيع القول أن الرواية كان تحديًا كبيرًا بالنسبة لي سيما أنني استغرقت في كتابتها أربع سنوات وكلما انتهيت من كتابة فصل جديد أعدت قراءة الرواية من جديد كي أبقى داخل الجو العام للرواية وقريبة من الشخصيات .. لكنني تمكنت من تجاوز هذه الصعوبة بالمثابرة ومواصلة الكتابة ومن ثم وضع النهاية ليصبح الأمر كله من الماضي.
10 – كيف ترين واقع الأدب العراقي اليوم ؟.
*الأدب هو فعلا كما يقال المرآة العاكسة لأي شعب من الشعوب ويتأثر بما يحدث لتلك الشعوب وفي مقدمتها الحروب والانهيارات السياسية والاقتصادية التي يكون تأثيرها كبيرًا على الحياة الاجتماعية وبالتالي على الإنسان وهذا ما حصل بالضبط في العراق الذي تعرض لتغيرات كبيرة خلال فترة قصيرة غيرت من البنى التحتية له ولم يحدث كل ذلك بمعزل عن الأدباء الذين جسدوا وبنجاح كبير كل ما حدث من خلال نصوصهم وأشعارهم التي ستبقى تحكي ما وقع علينا من ظلم وحيف.
11- ما هي رؤيتك حول مشاركة المرأة في الساحة الأدبية، وما هي النصيحة التي تقدميها للكاتبات الشابات اللواتي يرغبن في الدخول إلى هذا المجال؟.
*مهما كانت مشاركة المرأة كبيرة في الساحة الأدبية يظل الرجل هو المتسيد نظرًا للحرية التي يتمتع بها في ظل مجتمع ذكوري يخضع للأعراف العشائرية والتقاليد التي تحكم زمامها على المرأة لتقيد من حريتها ومع ذلك أن الأمر في العراق يبشر بالخير لوجود عدد كبيرات من المبدعات والتي أضافت كتاباتهن الشيء الجديد للمكتبة العراقية والعربية على حد سواء .. لا نصيحة لي للمبتدئات سوى بالقراءة ثم القراءة ثم القراءة.
12- وهل هناك تحديات تواجهينها ككاتبة عراقية في المهجر؟.
*لا أواجه أي تحديات في الكتابة سواءا كنت في بلادي أو في المهجر .. بل على العكس فالحرية التي تتمتع بها المرأة هناك تجعلها واثقة من نفسها ومما تفعل .. لقد رسمت خطواتي الطريقة وها أنا أواصل المسير بكل ثبات وثقة.
13- كيف توفقين بين الحياة الشخصية والمهنية، وهل تجدين أن للكتابة تأثيرًا إيجابيًا على حياتك اليومية؟..
*أستطيع القول أنني كنت موفقة في هذا الأمر إلى حد بعيد إذ أنني كنت أعمل وأكتب في ذات الوقت وكذلك كنت مسؤولة عن عائلتي .. لكن التنظيم والتحكم بالوقت منحاني القدرة كي أعطي كل ذي حق حقه سيما أن الكتابة منحتني تأثيرًا إيجابيًا للتعامل مع الناس وتغيير نظرتي للكثير من الأمور التي كنت أراها بمنظور مختلف أي في النهاية الكتابة منحتني تجربة فريدة جعلت مني امرأة جديدة ذات وعي مختلف يواكب الزمن الذي أتواجد فيه.
14- .ما رأيك بالملتقيات الشعرية وخصوصاً ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد ؟.
*كل الملتقيات ما دامت تصب في النهاية لخدمة الأدب والأديب فأنها خطوة مباركة من شأنها المساهمة بشكل فعال وكبير في رفع المستوى الثقافي لمجتمعاتنا التي تحتاج الكثير الكثير لتغير بعض من أفكارها البالية التي ما تزال ترتديها وتتباهي بذلك .. لذا أرى أن مهمة الملتقيات ليست سهلة ومن ضمنها ملتقى الشعراء العرب الرصين والذي حرص منذ فترة على إلقاء الضوء على بعض المبدعين ونقل تجربتهم للقراء فهم بذلك تقع على مسؤوليتهم حمل مشعل من مشاعل النور في وجه الظلام.
في نهاية الحوار أشكر الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد لاختياره لي كي أكون ضيفة من خلال هذا الحوار الرائع والذي أجرته الصديقة الرائعة جميلة بندر.
كل التوفيق لكم.
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي