الشاعر قاسم الشمري
و ،، المُمسك بالريح ،،
مؤيد عليوي
الشاعر بودقة تفاعل كبيرة لما حوله وما يدور فيه، بودقة لمعركة تقع خارجه بين الجمال والقبح بين الصدق والكذب، بين الخير والشر ..ولكل شاعر معايره في هذا وذاك ليعبر عنها بالشكل والمضمون الشعري المناسب للمعاني التي يريد فكلمة ت- س اليوت مازالت تشير إلى هذا المعنى عندما عبر عن الشاعر أنه أكثر أبناء جيله إحساسا بما يعبر عن الفطرة الأولى للإنسان وهو أكثرهم وعيا كمنظومة عقلية توفر له فيرى ما لا يراه غيره ليعبر بطريقة فنية من خلال أدواته الشعرية عن مواقف تبدو ذاتية للوهلة الأولى إلا أنها تجسد إحساس وآراء جمع ينتمي له الشاعر من مثل كلمة الوطن والدين فأكثر الاشياء التصاق بالناس شاء ذلك أو أبى وهو يملك الاحساس والانتماء لكن لا يملك موهبة الشعر وهي فكرة بدائية طبعا لكن المقصود بالبدائية هي فطرة الإنسان الاولى صدق في التعبير عن العواطف والآراء وهذا ما أراده ت- س اليوت عندما قال الشاعر أكثر إحساسا من غيره كما تقدم أراد الفطرة في صدق التعبير الفني عن ذاتيته التي تمثل الجمع إحساسا اتجاه قضاياه المهمة
بعد هذه المقدمة كيف تقرأ عنوان الديوان ،، الممسك بالريح،، اكيد ليس ثمة شيء في يد مَن يمسك بالهواء كأنك تقول: لقد صدتُ هواء في شبك، ثم نكمل عنوان الديوان: ،، سيرة غير مكتملة لسليل الجهات ،، فمَن هو سليل الجهات ؟ كان هناك لقب يطلق على ملك عراقي قديم قبل الميلاد في أحدى حضاراته العتيقة ،، ملك الجهات الأربعة ،، فقد أراد الشاعر في تكملة عنوان ديوانه ،، الممسك بالريح،، سيرة غير مكتملة لمواطن عراقي ،عبر عنها بطريقة فنية وشعرية موظفا الموروث العراقي معبرا عن أغلب الناس في العراق هنا يكون الوطن حاضرا توضحها قصيدة ،،مكابدات ملك ،، من ذي الشطرين في مناسبة الشكل والمضمون مع المعنى حين كان اهداء الشاعر قاسم الشمري إلى صديقة القديم امرئ القيس ، مخاطبا ايها شاكيا هموم العراق له :
وطناً بايع الحسين مياهً
مدّ نحرا له ، فشحّ و أوحلْ
وطناً يُسمن الفراغَ ويمضي
مشبعاً بالسلاحِ والعقُل أعزلْ
مناسبة الشكل والمضمون للمعنى تأتي من فحولة الشعر وفحولة الموقف للشاعر قاسم الشمري حينما كان موضوعه الوطن بفنية الشعر وشعرية ذي الشطرين وكذلك من جهة ثانية مناسبا في مخاطبة شاعر فحل مثل امرئ القيس، أما معاني القصيدة كلها فهي واضحة جلية في موضوع الوطن ، خرج النص الشعري فيها من ذاتية قاسم الشمري إلى ما يمثل العراق وطنا اليوم وارثا حيّا في تاريخ البشرية من خلال الرمزية العالية في توظيف اسم الحسين ع. وهو رمز امتزج فيه الوطن بالدين كما في البيت السابق.
وفي قصيدة ،، ابن العبد يحصي خسائره،، يتغير الشكل والمضمون إلا أن الموضوع يبقى الوطن من ذاتية الشاعر وحواريته مع ،ابن العبد الشخصية الرمزية ربما للشخصية حقيقة أو شخصية خيالية وفي كلتا الحالتين ثمة تحدي للموت وللظالم الذي يظن نفسه باقيا . ففي حوارية الشاعر مع رمزه الشعري في النص :
- تعال يا صديقي
قريبا من اللغة المستحيلة
نحصي خساراتنا الوارفة
كان النص خارجا من عباءة الشكل الواحد فهو نص مفتوح على اشكال مختلفة ذي الشطرين والنثر، وهو يناسب بعثرة الحال في خسارات الانتفاضات العراقية منذ ١٠٠ سنة .
الم اقل لك أن الشاعر يكتب بذاتيته ليعبر عن المجموع .. وقد جاءت قصائد أخرى بهذه الفنية والوطنية في ديوان ،، الممسك بالريح ،، سيرة غير مكتملة لسليل الجهات في جزئه ،،جهة البحر،،
وفي نص ،، اسئلة غير مشروعة ،، وهو نص نثري جاء شكله ومضمونه متفق أيضا بفنية عالية حيث موضوعه كما يتم عنوانه عن أسئلة يعني ثمة أفكار كثيرة تحتاج إلى أجوبة وفي نهايته تتضح معاني الاسئلة عن ادم وإبراهيم ومريم ع وفيها رفض للواقع اليومي في العراق ضمنا المهم في نهاية النص :
يا ربهم الذي علبوه بالثواب والعقاب
يا ربنا الشاحب في وجوههم
يا ربي أنا
متى تكفيني نقمة ( أنا أعرف ) ؟
متى تقني من لعنة الاسئلة ؟
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي