سماح رجب أديبةٌ ومعلمةٌ خبيرةٌ بوزارةِ التربيةِ والتعليمِ المصرية، بخبرةٍ تتجاوزُ 20 عامًا في تدريسِ اللغةِ العربيةِ للعربِ والأعاجم. حاصلةٌ على ليسانسَ في التربيةِ تخصصِ لغةٍ عربية، بالإضافةِ إلى عدةِ دبلوماتٍ في إعدادِ معلمي اللغةِ العربيةِ للناطقينَ بغيرها والتجويد. عملتْ في عدةِ مدارس، ووصلتْ إلى مناصبَ مسؤولةٍ في التعلّمِ النشطِ والقرائية. فازتْ بلقبِ “المعلمِ المثالي” على مستوى الإدارة، وشاركتْ في تدريبِ الإلقاءِ والتعليمِ النشط. لها ديوانُ شعرٍ بعنوانِ “خذني بعيدًا”، وتم توثيقُ تجربتِها الشعريةِ في “موسوعةِ الشعرِ المصريِّ المعاصر”.
من هنا كان لمجلةِ أزهارِ الحرفِ معها هذا الحوار. حاورتها جميلة بندر
- من أينَ بدأتِ رحلتكِ في عالمِ الأدبِ والشعر، وما الذي ألهمكِ للمضي في هذا الطريق؟
-في البداية، أُحب أن أرحبَ بكم وبمجلةِ أزهارِ الحرفِ، وأهلاً ومرحبًا بكِ جميلة. بدأتُ رحلتي منذُ الصغر؛ كنتُ أحبُّ جدًّا كتابةَ التعبيرِ والاستفاضةَ فيه. أذكر أنَّ معلمتي في المرحلةِ الابتدائية، وبالتحديد في الصفِّ الخامس، لم تُصدِّقْ أنني كتبتُ موضوعَ التعبيرِ بمفردي، وطلبتْ مني ألا أستعينَ بشخصٍ أو كتابٍ أثناءَ الكتابة. لكنني أكدتُ لها أنني لم أستعنْ بشيء، ولم تتأكدْ إلا حينَ أعطتني فسحةً من الوقتِ لأعيدَ كتابةَ ملخصٍ عمّا كتبتُ في موضوعي. كما كنتُ أكتبُ أغانيَ للصغار وأسعى لوضعِ لحنٍ لها مع إخوتي باستخدام بعضِ الآلاتِ الموسيقيةِ البسيطة… هههه طبعًا لم يكن لحنًا بالمعنى المعروف، وإنما محاولات. واستمرتْ محاولاتي في الكتابةِ طوالَ المرحلةِ الثانويةِ والجامعية، ويعلمُ ذلك أساتذتي وأصدقائي، إلى أن تبلورتْ في ديواني الفصيح “خذني بعيدًا”.
- كيف ترينَ دورَ المرأةِ في الأدبِ العربيِّ الحديث، وهل هناكَ تحدياتٌ خاصةٌ واجهتها المرأةُ في هذا المجال؟
-للمرأةِ دورٌ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، وليس في الأدبِ العربيِّ الحديثِ فحسب. فالمرأةُ تفرضُ وجودَها على الساحةِ الأدبيةِ بما تهتمُّ به من موضوعاتٍ خاصةٍ بها أو بمجتمعِها، والتحدياتُ كثيرة، أهمها أن تستطيعَ عرضَ أفكارِها وقضايا مجتمعِها بما يتناسبُ مع الدينِ والأخلاق.
- كمعلمةٍ خبيرةٍ في تدريسِ اللغةِ العربية، ما هي الأساليبُ التي تعتمدينَ عليها لتبسيطِ اللغةِ وتيسيرها للطلاب؟
-اللغةُ العربيةُ ثريةٌ جدًّا وعميقةٌ جدًّا. ما نسعى إليه هو غرسُ محبتِها في نفوسِ الطلاب، ويأتي ذلك بتيسيرها باستخدامِ الوسائلِ التعليميةِ الجذابةِ والتطبيقاتِ الحاسوبية، وباستخدامِ وسائلِ التعلّمِ النشطِ التي تجعلُ الطالبَ فاعلًا في العمليةِ التعليمية.
- لديكِ تجربةٌ طويلةٌ في تعليمِ اللغةِ العربيةِ للأعاجم. ما الذي يُميِّزُ هذا النوعَ من التعليم عن تعليمِ اللغةِ للعرب؟
-تعليمُ اللغةِ العربيةِ للأعاجمِ يختلفُ جملةً وتفصيلًا عن تعليمِها للعرب؛ لذلك تختلفُ مناهجُ تدريسِ اللغةِ العربيةِ للأعاجمِ عن مناهجِ العرب. كما أنَّ الأولويةَ في تعليمِ الأعاجمِ تكونُ للمنهجِ التواصليِّ الذي يهتمُّ بالعربيةِ كوحدةٍ متكاملةٍ نسعى لتنميتِها في طلابِنا استماعًا، وقراءةً، وتحدُّثًا، وكتابة.
- ما مدى تأثيرِ الشعرِ والأدبِ على شخصيةِ الطالبِ في المدرسة، وهل تعتقدينَ أنه يعززُ لديه الثقةَ بالنفسِ والتعبير؟
-بالتأكيد، لأنه لا يمكنُ تدريسُ الشعرِ والأدبِ العربيِّ بمعزلٍ عن الثقافةِ العربية؛ لذلك سيكتسبُ الطالبُ اعتزازًا بالعربية، وقوميَّتِه، واهتمامَه بمجتمعِه، والعديدَ من الصفاتِ التي تميِّزُ دارسَ الشعرِ والأدبِ العربيِّ عن غيرِه.
- ككاتبةٍ ومربية، ما هي القيمُ التي تحرصينَ على نقلِها لأجيالِ المستقبلِ من خلالِ التعليمِ والأدب؟
-أحرصُ دومًا على تعزيزِ حبِّ الأخلاقِ؛ لأنها اللبنةُ الأولى في محبةِ الخيرِ والصدقِ والنفورِ من الرذيلة، وكذلك الصدقُ والأمانةُ والثقةُ بالنفس.
- شاركتِ في إعدادِ معلمِ اللغةِ العربيةِ للناطقينَ بغيرها، ما التحدياتُ التي يواجهها هؤلاءِ المعلمون، وما النصائحُ التي تقدمينَها لهم؟
-أهمُّ التحدياتِ يتمثّلُ في اختيارِ المنهجِ المناسبِ لكلِّ طالبٍ (حسبَ أهدافِه واهتماماتِه) والعملِ على علاجِ نقاطِ الضعفِ لدى كلِّ طالب، وتقريبِ اللغةِ العربيةِ الفصحى عن طريقِ اختيارِ النصوصِ المناسبةِ والأنشطةِ كذلك. أما النصائحُ فتتلخصُ في استمرارِ الدرسِ والارتقاءِ بالذاتِ وعلاجِ أوجهِ القصورِ في الذاتِ دونَ يأس.
- كفائزةٍ بلقبِ “المعلمِ المثالي” عدةَ مرات، ما الذي تظنينَ أنه يميِّزُكِ عن غيرِكِ في طريقةِ التدريس؟
-أحاولُ قدرَ المستطاعِ تفريدَ التدريس؛ فأنا أؤمنُ تمامًا بأنه لا يوجدُ منهجٌ واحدٌ يصلحُ لجميعِ الطلابِ والطالباتِ في نفسِ العمر لاختلافِ خلفيةِ كلِّ طالبٍ ومستواه وبيئتِه. لذلك أعتبرُ تفريدَ المنهجِ لكلِّ طالبٍ تحديًا مستمرًّا لدي.
- حدّثينا عن تجربتِكِ في توثيقِ تجربتِكِ الشعريةِ ضمنَ موسوعةِ الشعرِ النسائيِّ والشعرِ العربيِّ المعاصر. كيف كان شعورُكِ عندَ التوثيق؟
-يشعرُ المرءُ بالسعادةِ إزاءَ التقديرِ، ويتمنى بذلَ المزيد. ومن هنا أقدمُ الشكرَ والامتنانَ للأستاذةِ فاطمة بوهراكة لما تبذلُه من جهودٍ متفانيةٍ للتوثيق، وأتمنى لها المزيدَ من الألقِ والتوفيق.
- كيف توفِّقينَ بين عملِكِ في التدريسِ وكتابةِ الأدبِ والشعر، وهل تجدينَ التوازنَ بينَ المجالين؟ وهل تؤثرُ الأسرةُ والأولادُ على نتاجِ المبدعة، وكيف تتحكمُ المرأةُ وتوازنُ بينَ كلِّ هذه الأمور؟
-أحاولُ التوفيقَ ما استطعت، لكن لن أنكرَ أنني أضعُ عائلتي والتدريسَ كأولويةٍ في حياتي، وأتعاملُ حتى الآن معَ الشعرِ كهواية. طبعًا التزاماتُ الأسرةِ تؤثرُ في نتاجي الإبداعي؛ لأنها في المقدمةِ قبلَ كلِّ شيء.
- حدّثينا عن ديوانِكِ “خذني بعيدًا”، ما الذي دفعكِ لكتابته؟
أردتُ جمعَ مجموعةٍ من قصائدي بينَ دفتي كتابٍ، ومعظمُها يتحدثُ عن السموِّ والارتقاءِ والاهتمامِ بالمثلِ العليا.
- ما هي الرسائلُ أو الأفكارُ الرئيسيةُ التي حاولتِ إيصالَها من خلالِ ديوانِكِ “خذني بعيدًا”؟
كما أسلفتُ، فإن الديوانَ يدورُ حولَ السموِّ والارتقاءِ والاهتمامِ بالمثلِ العليا. ومن هنا جاءَ اسمُ الديوانِ واسمُ القصيدةِ التي تحملُ نفسَ الاسم، والتي تلخصُ الرغبةَ في التخلي عن مادياتِ الحياةِ ومفاسدِها والتشبثِ بالبعدِ والارتقاءِ بعيدًا عنها.
- كيف تصفينَ تجربتَكِ في كتابةِ الشعرِ الفصيح، وهل هناكَ قصيدةٌ معينةٌ في الديوانِ تُمثّلُ لكِ أهميةً خاصةً؟
-تجربةٌ جميلة؛ لأنني لا أكتبُ إلا ما أشعرُ به، فالشعرُ مرآةٌ وتطهيرٌ للنفس. وأحبُّ جميعَ قصائدي، وكلُّها قريبةٌ إلى نفسي.
- ما هي التحدياتُ التي واجهتكِ أثناءَ نشرِ ديوانكِ الأول، وكيف كانتْ ردودُ فعلِ القرّاءِ بعدَ إصداره؟
-اختيارُ دارِ النشرِ المناسبةِ من أهمِّ التحديات. والحمدُ لله، وجدتُ حفاوةً وترحيبًا ممن قرأ الديوانَ وتمعّنَ فيه.
- ما هي خططُكِ المستقبليةُ في مجالِ الأدبِ والتعليم، وهل تعملينَ على مشاريعَ جديدةٍ؟
-بإذنِ الله، لديَّ مشروعاتٌ جديدةٌ أتمنى أن ترى النورَ في المستقبلِ القريب.
- في نظرِكِ، ما الذي يحتاجُه الأدبُ العربيُّ اليومَ ليستعيدَ دورَهُ الرياديَّ في التأثيرِ على الأجيالِ الشابة؟
-القصائدُ المغنّاة؛ أجدُها وسيلةً فعّالةً لتقريبِ الشبابِ من الفصحى ومحاربةِ الإسفاف.
- ما رأيُكِ بالملتقياتِ الشعريةِ، وخصوصًا ملتقى الشعراءِ العربِ الذي يرأسُه الشاعرُ ناصر رمضان عبد الحميد؟
-تحاولُ الملتقياتُ الشعريةُ أن تقومَ بدورٍ رائدٍ في نشرِ الشعرِ والأدبِ الهادف، لكن يعوزُها الاستمراريةُ والتنظيم. وأشكرُ ملتقى الشعراءِ العربِ برئاسةِ الشاعرِ ناصر رمضان، الذي يسعى دائمًا لتحفيزِ الأدباءِ الجادّينَ ونشرِ الكلمةِ الهادفة، فله مني جزيلُ الشكرِ والامتنانِ والاحترام.
حاورتها من لبنان جميلة بندر. عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي