الدكتور مصطفى محمود (1921-2009) كان كاتبًا ومفكرًا وطبيبًا مصريًا، يعتبر واحدًا من أبرز الشخصيات الثقافية والفكرية في العالم العربي. اشتهر بأسلوبه العميق والجذاب في الكتابة، حيث تناول قضايا فلسفية ودينية وعلمية بشكل مبسط ومثير للاهتمام. كتب أكثر من 89 كتابًا تناولت مواضيع متنوعة، مثل الفلسفة، العلم، الأدب، والروحانيات.
أهم المحطات في حياته:
1. الطب والعلم: تخرج في كلية الطب وبدأ حياته طبيبًا، ولكنه سرعان ما ترك المجال الطبي للتفرغ للكتابة والتأمل.
2. البحث عن الإيمان: مرّ الدكتور مصطفى محمود بتجربة شديدة من الشك، وكرّس سنوات للبحث عن الحقيقة، مما انعكس في أعماله مثل كتاب رحلتي من الشك إلى الإيمان.
3. برنامج العلم والإيمان: قدم برنامجًا تلفزيونيًا شهيرًا يحمل عنوان العلم والإيمان، حيث كان يدمج بين العلم والإيمان بطريقة مقنعة، ولاقى نجاحًا واسعًا في العالم العربي.
4. أعماله الخيرية: أسس مستشفى “جمعية مصطفى محمود” الخيرية لعلاج الفقراء مجانًا.
بعض كتبه المميزة:
حوار مع صديقي الملحد: يناقش أسئلة الإلحاد والشك بإجابات علمية ودينية.
رائحة الدم: مجموعة قصصية تتناول القضايا الإنسانية.
الله والإنسان: كتاب أثار جدلًا كبيرًا بسبب طرحه أسئلة فلسفية جريئة.
كان مصطفى محمود شخصية متعددة الجوانب، جمعت بين العلم والفلسفة والدين، وظل إرثه الفكري حاضرًا بقوة في الوعي العربي.
في شبابي، كغيري من ملايين المصريين والعرب، كنا نلتف حول التلفاز لمتابعة برنامج العلم والإيمان. وأظن أنها كانت نسخًا معادة خلال فترة التسعينيات.
منذ ذلك الوقت، حرصت على اقتناء مؤلفات الدكتور مصطفى محمود، فوجدته موسوعة حية يكتب في كل شيء. حاول تبسيط الفلسفة من وجهة نظره، وتناول قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، وأوضح كيف يكون العلم في خدمة الإيمان وليس عدواً له.
كانت فكرة البرنامج تقوم على تبسيط العلم وربط الحقائق العلمية بالإيمان ووجود الخالق سبحانه وتعالى. يشبه ذلك، إلى حد كبير، تفسير الشيخ الشعراوي في تبسيط اللغة وعلومها وتفكيك النصوص، مما ساعد على إيصال فهم النص القرآني للجمهور بأسلوب شعبي، إن صح التعبير.
كتب الدكتور مصطفى محمود متوفرة الآن عبر مكتبة أخبار اليوم، بعد أن كانت تطبع في حياته من خلال دار المعارف. لذلك، لا حاجة للحديث عنها الآن، ربما نفعل ذلك في وقت لاحق.
كما كتبت عنه الدكتورة لوتس عبد الكريم كتابها المميز الدكتور مصطفى محمود: سؤال الوجود. فقد كان أديبًا، وفنانًا، وعازف عود، وصحفيًا، وطبيبًا، أثقلته الحياة وأخرجت أجمل ما فيه من عطاء للإنسان وحب الخير للآخرين.
ارتبط الدكتور مصطفى محمود بعلاقات واسعة شملت السياسيين والرؤساء ورجال الدين وغيرهم. وختم حياته بأعمال الخير من خلال مسجد مصطفى محمود بالمهندسين، والجمعية، والمستوصف الطبي.
كل هذه الأفكار جالت بخاطري وأنا أستعد، صباح اليوم 17/11/2044، للقاء ابنته الأستاذة أمل مصطفى محمود لإجراء حوار معها عن الوالد في شقته الواقعة فوق المسجد.
أتذكر صوته وحواره عن الشفاعة، ودفاعه عن كتابه، ثم تراجعه بعد أن رد عليه الدكتور المطعني، حيث أعجب به وأشاد به.
في الطريق إلى المسجد، كان صوته يرن في أذني، وصورته ماثلة أمام عيني، ضاحكًا وكأنه في انتظاري. وصلتُ قبل الموعد المحدد، كعادتي في احترام المواعيد، واتصلتُ بالأستاذة أمل لأعلمها بوصولي.
طلبت مني أن أنتظرها داخل الشقة (المتحف) الخاص بالدكتور مصطفى محمود، وأخبرت المسؤولة هناك بوجودي لتفتح لي الشقة للدخول والانتظار.
كانت فرصة رائعة لأجوب الشقة بحرية وألتقط الصور. المكان كان مشبعًا بروح الحب والنور والسكينة التي ملأت قلبي. كأن الراحل العظيم كان معي.
الشقة (المتحف) بسيطة جدًا: غرفة نوم صغيرة بها سرير، وفوقه عود. مكتبة ليست كبيرة، ودولاب يحتوي على بعض ملابسه، وبعض تكريماته، والتحف، وصور شخصية له. عليه رحمة الله.
وصلت الأستاذة الفاضلة أمل مصطفى محمود في موعدها. تحدثنا كثيرًا عن والدها قبل أن نبدأ الحوار الخاص بمجلة أزهار الحرف، الذي بثّ عبرها.
وها نحن اليوم نعيد نشره مكتوبًا، بعد أن قامت المبدعة مريم كدر مشكورة بتفريغ النص ليكون متاحًا للقراءة والتوثيق، فلها كل الشكر والتقدير.
حوارها من القاهرة: ناصر رمضان عبد الحميد
رئيس تحرير مجلة أزهار الحرف
وإلى نص الحوار
الأستاذ ناصر:
صباحكم عاطر.
لقاءٌ فريدٌ من نوعه، أنا شخصيًّا سعيدٌ به مع الأستاذة الفاضلة أمل مصطفى محمود، ابنة الطبيب العالم الدكتور مصطفى محمود.
مؤلفات الدكتور مصطفى محمود موجودة ومتاحة، ومن المؤكد أن معظم المثقفين قد اطلعوا عليها، لذلك لن نتحدث عن مؤلفاته أو فكره. فاسمحوا لنا أن نستثمر وجودنا في شقته، وبحضور ابنته الفاضلة أمل مصطفى محمود، التي نرحب بها ونمنحها الكلمة، ثم نتحاور معها عن حياة الوالد الراحل، رحمه الله.
السيدة أمل:
أرحب بكم وبجميع الموجودين في مجلة “أزهار الحرف”، وأتمنى أن يوفقنا الله في الردّ على جميع الأسئلة التي تطرحونها عن الدكتور مصطفى محمود.
الأستاذ ناصر:
نشكرُكِ كثيرًا.
في البداية، نريد أن نتعرف على حضرتكِ وذكرياتكِ مع الوالد، رحمه الله، قبل أن نتحدث عن ذكرياته مع الآخرين.
السيدة أمل:
الاسم: أمل مصطفى محمود، الابنة الكبرى للدكتور مصطفى محمود.
خريجة أدب فرنسي. تزوجتُ في سنٍّ مبكرة، فلم أعمل في البداية، لكنني عملتُ فترة قصيرة في التدريس مع أولادي. كما أنني عملتُ بالكتابة في روز اليوسف عقب وفاة الوالد، حيث كتبتُ مذكراتٍ عن علاقتي بوالدي.
الأستاذ ناصر:
وهل نشرتِها باسمكِ؟
السيدة أمل:
نعم، ونجحتُ جدًّا. وكان من المفترض أن أُكمل الكتابة، حيث كتبتُ عشر مقالات، لكن في تلك الفترة كان هناك شخص آخر يكتب باسم سيد الحراني.
الأستاذ ناصر:
في أي سنة كان ذلك؟
السيدة أمل:
في سنة 2010 تقريبًا.
الأستاذ ناصر:
هل الأعداد موجودة عند حضرتكِ؟
السيدة أمل:
ربما يكون بعضها موجودًا.
الأستاذ ناصر:
من الممكن أن نجمعها ونُكملها.
السيدة أمل:
كان من المفترض أن أُكمل، فقد كتبتُ القليل، وكنتُ أنوي المتابعة، لكنهم توقفوا ولم يعودوا يريدون أن أكتب. ربما بسبب المنافسة التي حصلت، ورغبة الناس في أخذ المعلومة من المصدر القريب. بالإضافة إلى أن الندوات التي طُلبت مني تتطلب سفرًا، الأمر الذي عارضته والدتي، فلم أتابع.
الأستاذ ناصر:
رئيس تحرير روز اليوسف صديقي وعِشرة عمري، الأستاذ أيمن عبد المجيد. فإذا أردتِ، بإمكاني أن أكلّمه لتتابعي الكتابة، أو نُنشرها في مجلتنا الشهرية، سواءً إلكترونيًّا أو ورقيًّا، ومن ثم نطبعها في كتاب.
السيدة أمل:
إذا أردتَ طباعتها في كتاب، فيجب أن أبدأ من لحظة ميلاد والدي كتوأم مع أخيه، حيث وُلد ابن سبعة أشهر، ولم يكتمل الحمل به وبشقيقه حتى الشهر التاسع.
الأستاذ ناصر:
سوف يكون لنا وقفة مع المذكرات، وسنساعدكِ في طباعتها بإذن الله. ونحن الآن في الشقة التي عاش فيها الدكتور مصطفى محمود، في المهندسين فوق جامع مصطفى محمود والجمعية. وسأنشر ما صورته منها على صفحات المجلة.
وقد أعجبني ما وصفته به الصديقة السورية مريم كدر، بأنَّ رحمه الله كان “مخ”. وأنا لن أتحدث معكِ عن مؤلفاته، بل عن ذكرياتكِ معه كصديقة، ومعاملته كأب.
السيدة أمل:
كانت معاملته كصديق. فوالدي كان صديقًا جيدًا جدًّا، لذلك كنتُ أستغرب عندما أسمع عن الآباء الآخرين وخوف أبنائهم منهم، خاصةً فيما يتعلق بالدراسة والدرجات الدراسية التي تكون دون المستوى المطلوب.
لأن والدي لم يكن يكترث لذلك، على عكس والدتي.
الأستاذ ناصر:
ذلك لأنه كان يدرك أن الإنسان ليس بشهادته.
السيدة أمل:
بالطبع، لأنه كان يدرك أن المرء ليس شهادة. كما أنه، خلال مراحل حياته، يتغير على المستوى النفسي والإنساني. فالموضوع برمّته قد يكون نفسيًّا، وكرهك لأسلوب أحد المدرسين قد يجعلك تكره مادته. وهذا ما حصل مع والدي في بدايات حياته، عندما ترك المدرسة ورفض الالتحاق بها بسبب قسوة المدرس وعنفه.
الأستاذ ناصر:
بالفعل، العنف لا يمكن أن يكون وسيلة تربوية ناجحة أو يساعد على تربية سليمة.
السيدة أمل:
بالطبع، العنف لا يربي الأجيال. ولكن هناك بعض الأطفال يرضخون له. أما والدي، فلم يكن يرضخ أو يستسلم له، وكان يقول إنه ندم على ترك الكُتّاب والهروب منه. وكان دافعه الاعتراض على أسلوب التربية بالعصا.
الأستاذ ناصر:
كأنه كان صاحب شخصية فيها تمرُّد وثورة، وقد ظهر ذلك في فكره وعلمه، حيث اتسم تفكيره بالتجديد والثورة بمعنى التغيير. وبرز ذلك التجديد والتغيير في المجال العلمي، مما ينسجم مع طبيعة شخصيته.
السيدة أمل:
كانت له فكرة يتبناها، مفادها أنه يجب على الإنسان أن يبدأ بنفسه أولًا، فيغيرها للأحسن والأصلح، قبل أن يفكر في تغيير الآخرين.
الأستاذ ناصر:
بالفعل، فإن فكرة تغيير العالم مضرة ومدمرة، ولا يستطيع الإنسان تحقيقها. فمن المجدي أن يبدأ المرء بتغيير نفسه أولًا. وقد قال أحد شعراء الحكمة:
ابدأ بنفسك فانهها عن غيِّها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم.
أنا أعلم أن الوالد كانت له علاقات جيدة مع الفنانين ومع أعلام عصره، مثل الشيخ الشعراوي، رحمه الله. ومن المعروف عنه علاقته بالرئيس الراحل أنور السادات، عليه رحمه الله. نريد أن نأخذ فكرة عن تلك العلاقة.
السيدة أمل:
لا يخفى على أحد أن الرئيس السادات كان قريبًا من جميع الصحفيين، وليس مع والدي فقط. لأنه، قبل أن يكون رئيس جمهورية، كان صوت الثورة، وكان يكتب قبل ذلك، مما جعله صديقًا لمن كانوا يكتبون آنذاك. ولأنه كان صحفيًّا قبل أن يكون رئيسًا، جعله ذلك قريبًا من الصحفيين. كما أنه كان يحب والدي كثيرًا، والعلاقة بينهما كانت علاقة صداقة تقريبًا.
وقد رشَّحه ليكون وزير ثقافة، لكنه اعتذر، وبرَّر ذلك بأنه، بانفصاله عن زوجته، يعتبر نفسه قد فشل في إدارة مؤسسته الصغيرة (أسرته).
وقد رد عليه الرئيس الراحل مداعبًا: “ومن منا يستطيع ذلك؟ فإدارة البيت أصعب من السياسة!”
وبالطبع، لم يكن ذلك هو السبب الرئيسي للاعتذار، إنما كان بسبب حرصه على أن يبقى قلمه حرًّا، وألّا يُسَيَّس، حتى لا يضطر للمجاملة أو المديح دومًا.
الأستاذ ناصر:
من يقرأ فكر الدكتور مصطفى ويتعامل مع ثقافته، يعرف أنه ضد القيود وضد الوظيفة.
السيدة أمل:
بالطبع، كان دائمًا يقوم بالمراجعات. ومن يقرأ له، يعرف أن كل مرحلة من حياته كانت فيها مراجعات. لذلك، فإن البعض كان يصفه بصاحب فكر ليبرالي بعيد عن الدين، وفجأة يجده قد أخذ اتجاه الدين. وبالطبع، لم يكن يفعل ذلك إلا عن اقتناع، حيث كان يراجع ويدرس. فإذا اكتشف أنه أخطأ في شيءٍ ما، يبدأ بالتعمق والدراسة ليخلص إلى نتيجة، ويتخذ قرار المتابعة في نهجه أو تغييره واتخاذ منحى آخر.
الأستاذ ناصر:
بالطبع، هذا يفيده ويُثري فكره، ويجعله يسلك طريقه عن اقتناع.
السيدة أمل:
تمامًا. لأن هناك أشخاصًا، عندما يسيرون في طريق معين أو يتبعون اتجاهًا أو فكرًا ما، فإنهم، حتى لو اكتشفوا في المنتصف أن هناك عيوبًا، يحاولون ترميمها وتجميلها. وهذا، برأيي، يفقدهم مصداقيتهم. لأنهم يقولون كلامًا هم بالأصل لم يعودوا مقتنعين به، وذلك لأنهم لا يملكون القوة للاعتراف بالخطأ والعمل على تعديل مسارهم. أما والدي، فكان في حالة تعديل مسار دائم.
الأستاذ ناصر:
هذا هو العالِم الحقيقي. ليس عنده تقييد بالفكر، لكن عنده تقييد بالمبدأ.
السيدة أمل:
لم يكن عالِمًا فقط، بل كان صريحًا، بالإضافة لكونه شديد الإخلاص لما يؤمن به. لأنه، أيًّا كان ما يؤمن به، فإنه يفعله دون تردد.
الأستاذ ناصر:
من يقرأ شخصيته وحياته يراه أحد المتصوفين والقريبين من الله. ولكن ماذا عن الرئيس السادات؟ هل ساعده في برنامجه؟
السيدة أمل:
سمعتُ أنه عندما كان والدي يتحدث معه عن أفكاره ورغبته في تقريب الفكرة للناس من خلال برنامج “العلم والإيمان”، طلب منه الرئيس أن يقدم البرنامج بصوته. لكنه اعترض، قائلًا إنه ليس إعلاميًّا، واقترح أن يقدم البرنامج شخص متخصص في الإعلام. وقد طُرحت الفكرة على الإعلامي الشهير عبد الرحمن علي، لكنه اعتذر، لأنه غير متخصص في شرح المادة العلمية، لأنه ليس عالِمًا. مما أعاد الموضوع لوالدي، الذي كان يخشى مواجهة الجمهور. لكنه، بمجرد أن يبدأ بالكلام ويسترسل فيه، كان يتناسى خوفه، مما جعل الأمر سهلًا عليه.
الأستاذ ناصر:
أنا كنت أتابعه من جهة، وأتابع الشيخ الشعراوي من جهة أخرى. ومن وجهة نظري، أن الشيخ الشعراوي استطاع إيصال التفسير للناس بطريقة شعبية، وكذلك الدكتور مصطفى محمود استطاع إيصال الطب والعلم للناس بطريقة مبسطة. من هنا كان الناس تتابعه وتعجب بأفكاره. وقد سمعتُ أنه كان يسافر كثيرًا من أجل البرنامج، وينفق الكثير من الأموال على المادة العلمية وأشرطة الفيديو.
السيدة أمل:
كلام صحيح. وهذا ما جعل البرنامج يتوقف في مرحلةٍ ما. لأن الدولة كانت تتكفل بالبرنامج في البداية، وعندما بدأ يسافر وجد نفسه ينفق الكثير من المال. وقد استمر البرنامج لمدة ثماني سنوات، قدّم خلالها 400 حلقة.
الأستاذ ناصر:
أنا شخصيًا كنت أتابعه وأشتري كتبه وأقرؤها، وأشاركه في أفكاره. وقد عرفت أنه والشيخ الشعراوي كانا أصدقاء. فبمَ أفادته صداقة الشيخ؟ هل كانت الفائدة لغوية؟
السيدة أمل:
ليس لغويًّا، ولكن الفائدة كانت من الناحية الدينية. فوالدي كان يهتم أكثر بالجانب الديني والإنساني.
الأستاذ ناصر:
وجدتُ الشقة بسيطة ومتواضعة. فهل كان الوالد في حياته بسيطًا ومتواضعًا؟
السيدة أمل:
نعم، كان متواضعًا بسيطًا، يكتفي في حياته بالضروريات وينفق الباقي لوجه الله تعالى. وقد ورث ذلك عن والده الشيخ محمود، الذي يعود بنسبه إلى الأشراف آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان قدوته في سلوكياته. لأنه كان شخصية نادرة، متدينًا مثاليًّا. مهما كان دخله بسيطًا، كان يذهب ربعه للمحتاجين، وكان معروفًا عنه أنه لا يركب المواصلات ويوفر ثمنها لمساعدة الأسر المحتاجة التي يذهب إليها سيرًا على الأقدام. والجامع كان بالأصل على اسمه قبل أن يصبح على اسم والدي.
الأستاذ ناصر:
من خلال قراءاتي، عرفت أنه كان على علاقة بالكثير من الفنانين وكانوا يزورونه.
السيدة أمل:
علاقة والدي بالفنانين قديمة، لأن بعض كتاباته تحولت إلى أعمال فنية، مثل فيلم المستحيل الذي شاركت فيه نادية لطفي وكمال الشناوي. وكذلك كتب مسرحيات مثل فيها كرم مطاوع وعزت العلايلي. كما تعامل مع المخرج الكبير جلال الشرقاوي الذي أخرج له أكثر من عمل.
وقد عرفته منذ صغري عندما ذهبت مع والدي لمسرحية تمرحنة والغريب. وكانت مديحة كامل صديقة لوالدي.
الأستاذ ناصر:
إذاً لا صحة للشائعات التي كانت تقول إن الفنانين يلجؤون إليه ويأخذ بأيديهم ليتوبوا؟ لكن علاقته بهم كانت علاقة صداقة قديمة؟
السيدة أمل:
بالطبع. فأنا منذ طفولتي، أتذكر تواجد الكثير منهم في بيتنا، مثل شادية، وصلاح ذو الفقار، وسعاد حسني، وعبد الحليم حافظ، وغيرهم.
الأستاذ ناصر:
كان أيضًا صديقًا لمحمد عبد الوهاب. كما أنه كان شخصًا مرحًا، ديناميكيًّا، صاحب روح جميلة، ويعزف على العود. وقد قرأت له ما مفاده أنه عندما وجد الناس يبتعدون عن الدين معتقدين أنه يتعارض مع العلم، أراد أن يصحح المفاهيم ويقول لهم إن العلم والدين لا تعارض بينهما. وبالطبع، علاقته مع الفنانين تثبت أن الإسلام دين مرن، لا تعقيدات فيه.
السيدة أمل:
بالفعل، كان هذا جزءًا من رسالته.
الأستاذ ناصر:
في النهاية، أشكرك جزيل الشكر على هذا اللقاء الممتع والمفيد.
السيدة أمل:
أشكركم أيضًا، وأتمنى أن أكون قد وُفِّقتُ في توصيل صورة قريبة عن الوالد رحمه الله، وأدعو الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناته.
الأستاذ ناصر:
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. شكراً لكِ على وقتك وعلى ما قدمتهِ لنا من ذكريات ثرية.
السيدة أمل:
الشكر موصول لكم جميعًا.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي