قراءة في قصيدة الشاعر اليمني أحمد النظامي (قصيدة زيتونةٌ تصفع الريح)
بقلم/ جبريل آدم جبريل *
قصيدة زيتونة تصفع الريح
هي أيقونة الصمود في وجه التحديات ،وهذا دأب أهل اليمن.
الشعر ليس مجرد كلمات متناغمة تُلقيها الأفواه، بل هو مرآةٌ تعكس رؤى الشاعر، ووعاءٌ يحملُ قضايا المجتمع وأحلامه، في قصيدة “زيتونة تصفع الريح” للشاعر أحمد النظامي اليمني، نجد نصًا شامخًا يرمز للصمودِ والإصرارِ في وجه التحديات، مستوحى من رمزية الزيتونة التي تعكس قوة الأرض وجذورها الضاربة في عمق الهوية.
رمزية الزيتونة، أكثر من شجرة، الزيتونة في هذا النص ليست مجرد شجرة، بل أيقونة للصمود والكرامة، تُصور القصيدة الزيتونة في مواجهة الرياح العاتية التي ترمز إلى القوى المدمرة أو التحديات الخارجية، والرياح “الدخيلة” في النص هي استعارة للمحن التي تحاول اقتلاع الجذور وزعزعة الأسس، إلا أن الزيتونة تبقى شامخة، متأصلة في أرضها، ترفض الانحناء أو الخضوع، يبرز النص هذا الصمود في مقطع رائع:
ويزفر الحقد إن أغصانها منحت *
قرص الثبات ..لصخرٍ يشتكي وجعَهْ
هنا، تتحول الزيتونة إلى منبع للعطاء والثبات، فهي لا تكتفي بالصمود، بل تشارك قوتها مع الآخرين، كالإنسان الذي يُعاني من وجع الصخر، مما يرسخ دورها كرمز للحياة والمقاومة، يوظف الشاعر التقابل بين ضعف الظاهر وقوة الجوهر لإبراز التناقضات التي تواجهها الزيتونة، فالريح ترى في الزيتونة خصمًا سهل الانكسار، لكنها تصطدم بواقع آخر:
يظن أن رمال الصبر لينةٌ
وقد تساوم إصغاءً لتستمعه
هذا التقابل يجسد الإيمان بأن الصبر ليس ضعفًا، بل هو صلابة صامتة لا تُظهر قوتها إلا عند الامتحان، ومما يميز القصيدة هو الحركة المستمرة التي تنقلنا من مشهد إلى آخر، الريح تبدأ بالهجوم، وتحاول “حشد الزيف”، ثم تنتقل القصيدة إلى مشهد الحريق الذي يحاول إحراق الزيتونة، لكنها ترد عليه بقوة:
… ولا الحريق الذي من زيتها صَنَعه
هنا تبرز مفارقة لافتة، فالعدو يحاول استخدام ما في الزيتونة لإبادتها، لكنها تُقلب الطاولة عليه وتثبت أن ما يُعتقد أنه ضعف، يمكن أن يصبح مصدر قوة وانتصار، فالنص دعوة للصمود ورسالة النصر، ولا يكتفي بسرد صور المقاومة، بل يوجه دعوة مباشرة للقارئ:
فانقش صمودك كالزيتون منتصراً * فليس من كسر المعنىٰ كمن رفعه
في هذه اللمعة، يفتح الشاعر النص على أفق أوسع، حيث تتحول التجربة الرمزية للزيتونة إلى دعوة إنسانية عامة للصمود، فالانتصار الحقيقي ليس مجرد الوقوف في وجه المحن، بل ترسيخ معانٍ أسمى من خلال التجربة، فصيدة “زيتونة تصفع الريح” ليست مجرد عمل أدبي، بل هي لوحة نضالية تُلهم النفوس وتُعزز الإيمان بقدرة الإنسان على الثبات أمام الرياح العاتية، إنها دعوة للنظر في أعماقنا، حيث القوة الكامنة، والتشبث بجذورنا، مهما حاولت الرياح اقتلاعها، فالشاعر أحمد النظامي يبدع هنا في تقديم نص شعري زاخر بالدلالات، مليء بالصور البليغة، ويترك أثرًا عميقًا في قارئه، يذكرنا أن الصمود ليس خيارًا، بل هو مصير لمن يريد أن يظل شامخًا كالزيتونة…
قصيدة مبهرة يا أحمد النظامي، تنبض بالروح والإصرار، لوحة شعرية تصور صمود الزيتونة كرمز للثبات والكرامة، رغم كل الرياح الدخيلة والنقمات التي تحاول النيل منها، الأبيات تنسج توازناً مدهشاً بين الصور الحسية والرمزية، مما يعكس قوة الشاعر في رسم معانٍ عميقة بجمال بلاغي، والمطلع مذهل جدًا: زيتونة تصفع الريح الدخيل وما * كلّت، وإن فر منها معلناً فزعه يضرب مثالاً حيًا للثبات الذي لا يتزعزع.
أحببت هذه اللفتات بشدة:
لم يفلح الريح في تركيع هامتها *
ولا الحريق الذي من زيتها صَنَعه
تحية إعجاب لصوتك الشعري، وأتمنى أن يستمر هذا الإبداع المتوهج حتى نستمتع بحروفك العابقة. *جمهورية تشاد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي