حوار مع الكاتبة والشاعرة ليالي الفرج
من فراديس اللغة نقطف رحيق الفجر مع كل حرف يزهر على جسد قصائدها. الكاتبة والشاعرة القادمة من واحة القطيف الغنّاء، وبين نخيلها الباسقات، اتسمت بأسلوبها الراقي وصورها الشعرية الباذخة. قصائدها مكثفة، مترعة بالتعابير اللغوية، لا تجنح عن مرماها. تربعت على هضبة الشعر وارتقت ككاتبة رأي تكتب الحقيقة وتصوغ الإحساس بسلاسة وثقة في ساحة الإبداع. إنها ليالي الفرج.
من هنا، كان لمجلة “أزهار الحرف” شرف الحوار معها للتعرف على مشروعها الإبداعي.
حاورتها: نازك الخنيزي
1- من هي ليالي الفرج؟ وكيف كانت خطواتكِ الأولى في عالم الشعر الذي أراه مرآة تعكس روحكِ؟
البذرة التي كان لها أن تنمو في الواحة الحفية بالضياء والظلال، بين جداول المياه وجدائل النخيل، وسط إغراء المعنى وثراء المبنى، في جغرافيا سخية الولع، ينبع بين يديها ما يفوق الحرف المُغرَم والذائقة الفنية العميقة. الكلمة الشفيفة هي زلال طروب في خرير منابعه، وجزيل في غناء ذخائره. كل هذا وكثير غيره رسم أفقًا رحبًا، وندى براعة اللحاظ، برعاية فائقة من أمٍّ تتنفس الصباحات بملء إحساسها ونبل عاطفتها.
هذا كله شكل عالمي الشعري، ونما على قراطيس الوجدان، منتسبًا لكل هذا الجمال.
2- هل تجد ليالي أن الشعر فسحة جمالية تنعش النفس والخيال، أم له حق في المطالب الأخلاقية والاجتماعية؟
الشعر كائن جماليّ في ظهوره، ساحر في تسخير أدواته، وأنيق في قدرته على إسعاد النفس. إنه يمسرح الإحساس، وينتقل بين ضفاف اللغة وأرجاء الخيال، يوظف المجاز بأساليب مبتكرة تكشف عن ملكة الشاعر وثراء قريحته. الشعر غزير في وجدانياته، لكنه عميق في أبواب الحكمة، وهي تجليات قد تجدها أكثر وضوحًا في النظم منها في الشعر.
3- هل ترين أن قيمة الكلمة الشعرية تتراجع بسبب غياب النقد العادل وارتفاع تكاليف النشر؟
للكلمة الشعرية قوة تتفاعل مع الذائقة، لكن التحولات المعاصرة لا تساعد على تنمية الذائقة الشعرية، مما أدى إلى تناقص القراء المهتمين بالشعر.
أما النقد، فعلينا أن نسأل أولاً: هل هناك نقد فعلي بالمعنى العميق والمفيد؟ وهل لدى جميع النقاد معايير رصينة؟
أما دور النشر، فإن الظروف الحالية لا تساعد الكثير من المؤلفين في نشر كتبهم، سواء الورقية أو الإلكترونية. كما أن انتهاك حقوق النشر يؤثر سلبًا على القراء والمبدعين، مع الارتفاع الكبير في تكاليف النشر والتوزيع.
4- ما الذي ترفضه كاتبتنا القديرة ويُعدّ عاملاً في توجيه مسارها الشعري؟
اللغة، أسلوبًا ومضمونًا، هي معيار مهم في الأدب عمومًا، وفي الشعر خصوصًا. الابتذال، والانتحال، والسرقات الأدبية تُعدّ من أخطر المهددات للحياة الإبداعية.
5- أين موقع المرأة في خريطة الإبداع الشعري العربي والسعودي؟
الشعر العربي كان تاريخيًا مضمارًا للشعراء الرجال، ولكننا اليوم نشهد تزايدًا في نسبة الشاعرات، خاصة مع انتشار وسائل النشر الإلكتروني. أما في السعودية، فنلاحظ تصاعدًا كبيرًا في نسبة الشاعرات، ما يبرز من خلال أرقام الراصدين ودور النشر.
6- كيف أثرت بيئتكِ على قصائدك؟
البيئة هي الحضن الشعري الأول الذي يحتضن الشاعر بلغته وأحاسيسه وإيقاعه. وقد نشأتُ في واحة غنية بكل هذه العناصر، وهو ما شكل عالمي الشعري.
7- هل تظهر ليالي الفرج في أعمالها الأدبية، أم تختبئ خلف الشخصيات؟
النص الشعري قد يكون عامًا أو خاصًا بالشاعر. أما نصوصي، فهي تعكس وجداني وتجاربي بشكل واضح.
8- هل يمكن للشعر أن يعالج مآسي الحرب ومعاناة الإنسان؟
الشعر محورُه الإنسان والحياة، وهو قادر على التعبير عن مآسي الحرب وشجونها. والتاريخ العربي مليء بنصوص وثّقت الحروب وأوجاعها.
9- كيف ترين الواقع الثقافي المعاصر في ظل مواقع التواصل وكثرة الشعراء؟
الواقع الثقافي اليوم مليء بالإيجابيات، مثل سرعة التفاعل وإتاحة الفرص. لكن مع ذلك، هناك فوضى في التصنيف بين الشعراء الحقيقيين وغيرهم، ما يربك المتلقي.
10- هل حققتِ ذاتكِ من خلال مقالاتك الصحفية؟
المقال مساحة واسعة لتفاعل الكاتب مع المجتمع. من خلاله أتناول قضايا اجتماعية وتربوية وثقافية، وأرى فيه وسيلة فعالة للتأثير والتواصل.
11- هل ما زال الشعر رافدًا من روافد الثقافة العربية؟
الشعر لا يزال أحد أعمدة الثقافة العربية، رغم التحولات التي تمر بها. لكن يجب استثمار جهود مؤسسات الثقافة لتسليط الضوء عليه بشكل أكبر مقارنة بفنون السرد والمسرح والفنون الأخرى.
12- كيف أثّر المرض على روح الشاعرة ليالي الفرج؟
كل ما كتبه الله لنا هو محل رضا. فترة المرض كانت تجربة غنية بالأحاسيس، أثمرت ثلاثة إصدارات بفضل الله.
13- هل الكتابة تحت وطأة المرض تختلف عن غيرها؟
الكتابة أثناء المرض تكون أقرب إلى النفس وأكثر عمقًا، وهي دافع لتخفيف وطأة المعاناة.
14- ما رمزية عنوان ديوانك “تواشج.. نصوص على حافة البوح”؟
العنوان يحمل شاعريةً تكتنه نصوصه، ممتزجة بالشجن والفرح الذي يتوارى خلف الكلمات.
15- هل أثرت الرواية على حضور الشعر؟
هناك توجه نحو الأدب السردي، خاصة الرواية. لكن الشعر لا يزال محتفظًا بجمهوره النخبوي، ويحتاج إلى تفاعل أكبر مع المتلقي.
16- ما رأيكِ بالملتقيات الأدبية؟
الملتقيات الأدبية روافد للفعل الثقافي والإبداعي، وملتقى الشعراء العرب مثالٌ يُحتذى به في دعم الشعراء.
ختامًا، الشاعرة ليالي الفرج مثالٌ للتحدي والإبداع، استطاعت أن تحوّل معاناتها إلى نورٍ يُشع من خلال كلماتها، مؤمنةً أن الأمل لا ينطفئ.
حاورتها من القطيف: نازك الخنيزي
عضو ملتقى الشعراء العرب، محررة بمجلة “أزهار الحرف”
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي