آمال صالح، شاعرة وكاتبة تونسية فرنسية، تقيم في باريس. تحمل شهادة ليسانس في اللغات والحضارات الأجنبية وماجستير في النقد الأدبي من جامعة السوربون، إلى جانب دبلومات في الألسنية وتنشيط كبار السن. حازت على الدكتوراه الفخرية من عدة مؤسسات ثقافية وأكاديمية تقديرًا لإسهاماتها الأدبية.
تشغل آمال صالح منصب رئيس هيئة النشر والمتابعة في اتحاد المثقفين العرب، وهي محررة أدبية بعدد من الصحف والمجلات العربية. لها دواوين شعرية بالعربية والفرنسية أبرزها “ابتسامة ودموع” و”رائحة الكلمات”. حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات، وتُنشر أعمالها في العديد من المنصات الثقافية والصحف العربية.
ومن هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار.
حاورتها جميلة بندر.
1.كيف كانت بدايتك مع كتابة الشعر؟ وما الذي دفعك للتعبير باللغتين العربية والفرنسية؟
- اسمحي لي أن أسميها لحظة الشعر… بالنسبة لي الكتابة هي تجسيدا يأتي فيما بعد… أنا أقول أنني ولجت عالم الشعر وتحسست معالمه، لحظة الاكتشاف هذه كانت في سن صغيرة.
كنت أعرف أنني أبحث عن شيء ما… أو ربما كنت أريد وسيلة للتعبير عن ذاتي… الوسيط الذي يصل بين العالم الخارجي والداخلي بالنسبة لي كان هو الشعر.
التعبير باللغة العربية أو الفرنسية جاء بصورة تلقائية… الشعر هو المجال الوحيد الذي لا نخطط له…
يلبسنا… يحتوينا ويعطينا أجنحة… يمدنا بأقوى اللحظات… هو في جوهره نفسه مهما تغيرت وسائل التعبير…
الشعر هو رسالة إنسانية في رأيي… رسالة حب… أتمنى أن أجيدها بأكثر من لغة.
2.كيف أثّر الانتقال من تونس إلى فرنسا على مسارك الأدبي؟ وهل تجدين نفسك أقرب إلى الثقافة العربية أم الفرنسية؟
أكيد أن الإنفتاح على الثقافات الأخرى يخول لنا أن نرى الأمور بزوايا مختلفة… الآفاق تتسع… ونحاول أن نضع في مسيرتنا كل ما يطورنا نحو الأفضل… كل تأثير نحوله لصالحنا حتى السلبي منه يكشف لنا أشياء كثيرة ويعلمنا فنزداد خبرة ومعرفة.
3.اختيارك لدراسة اللغات والحضارات الأجنبية ثم النقد الأدبي يعكس شغفاً بالثقافة والمعرفة. كيف أثرت هذه الدراسة على كتاباتك؟
درست كتب النقد الغربية التي تتحدث عن الرواية من خلال الزمان والمكان، وكيف يعكسان العالم الداخلي للكاتب… كنت معجبة جدا بطريقة النقاد في إبراز ذلك.
النقد هو بالنسبة يعطي ديناميكية للأدب والأديب… بل هو المحرك.
هذه الدراسات التي اطلعت عليها من خلال سنوات التعليم في جامعة السوربون أثرت بطريقة قوية وغير مباشرة على جل أشعاري: أكثر نصوصي تتحدث عن الزمن والمكان…
4.عملك كمنظمة حياة اجتماعية لكبار السن يحمل بعداً إنسانياً. هل انعكس هذا العمل على تجربتك الشعرية أو الأدبية؟
بالتأكيد، مجال إنساني لكنه صعب جدا… ليس كل إنسان يتحمله… أعطتني التجربة المهنية العديد من التساؤلات… والتساؤلات هي تحرك قريحة الشاعر…
الشاعر يبحث دوما عن المثالية لذلك تراه كلما تعمق في الصعوبات كلما جاءه هاتف الشعر ليغرق أكثر في أفكاره ويخرجها للنور حتى يشاركها مع الآخر.
5.درّست اللغة الفرنسية للكبار لمدة عشر سنوات. كيف أثرت هذه التجربة على رؤيتك للغة والشعر؟
هذه التجربة كانت ثرية على المستوى الإنساني لأنني تعرفت تقريبا على مختلف الجنسيات… وغيرت نظرتي… بل ساعدتني هذه التجربة على التراجع على اصدار الأحكام… والتعرف العميق على الأشخاص… وطدت عندي القيم الإنسانية… كنت أزرع البسمة كل صباح في وجوه كانت لا زالت قد وصلت للتو من بلدها إلى عالم غريب عنها وعن تقاليدها ومصير مجهول…
كنت أزرع البسمة فحصدت محبة كبيرة…
6.بحكم منصبك كرئيسة لهيئة النشر والمتابعة في اتحاد المثقفين العرب ومحررة بعدة صحف، كيف تقيّمين المشهد الأدبي العربي اليوم؟
هناك أقلام جيدة وقارىء مثقف… ولكن حسب رأيي ينقص التشجيع الأدبي والمادي… ولما لا تبادل الزيارات بين الأدباء في مختلف العواصم العربية للحضور التظاهرات الثقافية.
التشجيع الأدبي والمادي يعطي قيمة لصاحب القلم… حتى يبدع ويكون عنوانا لمجتمع يسمو.
التشجيع موجود لكثير من المجالات التي لم تكن من قبل ولا أراها للأسف الشديد تنفع مجتمعا الذي يريد أن ينهض من جديد.
7.حدثينا عن دواوينك الشعرية “ابتسامة ودموع”، “إرث الحنين”، و”رائحة الكلمات”. ما الموضوعات التي ركزت عليها في كل منها؟
الموضوعات تتجدد ولكنها تصب في رسالة حب للإنسانية جمعاء…
إرث الحنين هو تدوين لكل ما ورثناه عن آبائنا من قيم ومبادىء.
رائحة الكلمات هي رسالة تقول بأن الكلمة لها تأثير سحري… للكلمات قوة تغزونا بالجمال والحب.
8.في ديوانك “ابتسامة ودموع”، كيف توظفين التناقض بين الفرح والحزن للتعبير عن قضايا إنسانية؟ وهل هناك رمزية معينة وراء هذا العنوان؟
نعم، فالدموع هي طريقنا للفرح، من خلال حزننا نكتشف أنفسنا أكثر… نكتشف نقاط ضعفنا… وكيف نسيطر عليها… حتى نصل للفرح لابد أن نقوم برحلة بداخلنا.
هي رسالة أمل للقارىء : حاول دائما… لا تستسلم للدموع.
9.ديوان “وطني الأخضر” يبدو وكأنه يحتفي بالوطن والطبيعة. كيف عكست في قصائدك مفهوم الوطن، خاصة وأنتِ تعيشين في المهجر؟
وطني هو لبنان…مصر… سورية… تونس… الجزائر… السودان… وطني من الخليج إلى المحيط.
هذه هي نظرتي للوطن… تجمعنا لغة واحدة… الفروق هي فقط بسيطة وليست لها أية قيمة.
صدقيني أنا أحس أنني ولدت في كل هذه البلدان… وكل القراء هم أهلي وقبيلتي.
10.”إرث الحنين” يحمل في طياته مشاعر مرتبطة بالماضي. كيف تعاملتِ مع مفهوم الحنين في هذا الديوان؟ وهل هو حنين للأشخاص أم للأماكن أم للذكريات؟
هو حنين أكيد لأشخاص… لأبي الذي علمني الحب اللامشروط للآخر.
وهو حنين لعصر الصدق والإخلاص والوفاء….
11.بما أن ديوان “رائحة الكلمات” هو أحدث إصداراتك، هل اعتمدتِ فيه على الكتابة باللغتين العربية والفرنسية؟ وكيف أثرت هذه الثنائية اللغوية على تشكيل الصور الشعرية؟
لا هو فقط باللغة العربية… ولكن هناك قصائد ستترجم للألمانية ضمن دراسة أكاديمية لإحدى الجامعات الألمانية لمجموعة من شاعرات المهجر.
12.كتابك القادم “من مذكرات مغتربة” يوحي بتجربة ذاتية. إلى أي مدى يعكس هذا الكتاب تجربتك الشخصية؟ وهل يحمل أبعاداً اجتماعية أو سياسية تتعلق بالاغتراب؟وما الرسالة التي تسعين لإيصالها؟
التجربة الإنسانية بكل عمقها تنطلق دوما من الذات لتصل إلى القارىء وحتى تصل بقوة يشترط الصدق… تجاوب القارىء هو مقياس نجاح كل كاتب.
وهذه وجهة نظري… كل ما نكتبه حينما ننتهي منه يصبح ملكا للقارىء: يقرأه بطريقته وتنعكس حالته النفسية في زمن القراءة ويشارك فيه أشياء أخرى…
وربما كشف النص للقارىء مشاعر كانت في زاوية معتمة لم يعرف كيف يخرجها ويعبر عنها.
13.كيف ترين دور المرأة في المشهد الثقافي العربي اليوم؟ وهل تواجه المرأة الكاتبة تحديات خاصة في الوصول إلى القارئ؟
المرأة المثقفة، غالبا ما تفرض نفسها برغم الصعوبات… وأكيد لها دور فعال، والساحة الثقافية تزخر بالأقلام المبدعة.
14.كيف تتعاملين مع قرائك عبر منصات النشر المختلفة؟ وما الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في نشر أعمالك؟
القراء هم ثروة لأنهم مصدر للدعم المعنوي الكبير الذي يلقاه الكاتب.
أعتبر نفسي محظوظة بكمية الحب والتقدير التي تعترضني كل يوم.
15.ما هي مشاريعك الأدبية المقبلة؟ وهل تفكرين في خوض تجربة كتابة الرواية أو أنواع أدبية أخرى؟
أن أحرص دوما أن أكون الأفضل ليس مع الآخرين… لكن مع آمال نفسها… كلما تقدمت في مساري كلما تطورت…
نعم أنشد التطور نحو الأحسن… أنشد التعلم دوما من الآخر.
التواضع هو محور جمال الإنسان عندي.
ربما أجد يوما ما رغبة في كتابة الرواية… لكن ليس الآن
لأنها تتطلب تفرغا وامتلاك كلي للوقت.
16.حصلتِ على عدة دكتوراه فخرية وجوائز. ما الذي يعنيه لك هذا التقدير؟ وكيف يؤثر على استمرارية عطائك الأدبي؟
هو تقدير معنوي… تقدير للجهود المبذولة.
17.ما هي أبرز التحديات التي واجهتك أثناء عملك كمحررة للصفحات الأدبية في الصحف والمجلات؟ وكيف استطعت تجاوزها؟
هو الموازنة بينها وبين عملي… لأنه يجب إيجاد الوقت لخدمة ثقافتنا من خلال هذه المؤسسات الثقافية…
18.ما النصيحة التي تقدمينها للشباب والشابات الراغبين في دخول عالم الأدب والكتابة؟ وكيف يمكنهم تطوير أدواتهم الأدبية؟
الصبر والمثابرة ولكن بالتأكيد لابد من وجود الموهبة أساسا… الكتابة ليست فقط كلمات منمقة… الكتابة هي روح.
19.ما رأيك بالملتقيات الشعرية وخصوصاً ملتقى الشعراء والعرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد ؟
هادفة… وبصراحة ملتقى الشعراء يجمع العديد من الأقلام المبدعة.
والشاعر ناصر رمضان عبد الحميد له نشاطات ثقافية كبيرة للرفع من مستوى الساحة الأدبية.
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي