من مذكرات مغتربة
القسوة…
بقلم آمال صالح
لم أعد أهتم بشيء… لقد اغتالت القسوة شوارد الجمال في أشياء كنت أراها…
لم تكن الأيام مملة بشغف البراءة…
وكل الضجيج الخارج من فوهة بركان لم يكن يوما ما نار… كانت الوديان تسير ببطء في ساحات الأيام والأعياد المتلألئة بضحكات الأطفال…
ساذج كان العالم… ينساب على أنغام أم كلثوم وفيروز…
كان الحب يبرق ويغمز لي من خلال تلفاز صغير في ركن دافىء من الغرفة… قصص رومانسية لشادية وعبد الحليم… صوت ماجدة… وووو
عندما تكون النهاية حزينة كنت أبكي ثلاثة أيام… وأقول لماذا شاهدته… كنت لا أفقه حتى ما أشاهده… غير أن لغة الإحساس كانت عندي قوية لحد المرض…
اليوم ليس التلفاز إلا مشاهد مؤذية للإحساس… برمجوها حتى تلغيها…
السياسة هي أيضا لا أحبها… كنت صغيرة حينما بدأت أفهم الأحقاد التي كانت تحاك لأبي… لم يكن شخصية سياسية كبيرة… كان فقط واضحا وصادقا… أنا أريد أن أخدم سكان بلدتي لأرفع من شأنهم… كان يدافع عن الفقراء ويبحث عن المشاريع التي لم تنفذ… مثل مدرسة في الريف… أو في أعالي الجبل… أين ذهبت الأموال…؟
حكايات كثيرة كان يتكتم عليها… ولكنهم حقدوا عليه… الكذب والتلاعب كانا أساس الكثير من المعاملات…
اعتزل كل شيء…
كنت أبحث عن أشياء لها معنى… بدون أن أعرف… لم اكتشف بعد الحياة…
لست أعاتب نفسي اليوم… ولا ألومها… لكن الأيام نقلتنا بسرعة غريبة نتهجى ونسقط… ثم نعاود المسير… وكلما حاولنا أن نمسك بطرف حلم… كلما مددنا أيدينا…
فجأة نجد أن الكل يمر… مشغول… الكل الذي أنت تقدمت نحوه بكلك… سحب من تحتك السجادة… وذاب في جليد الأيام القاسية…
القسوة هي أن تكون بكلك ولا تجد حولك إلا السراب…
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي