أصداء الضاد
الحفاظ على لغتنا العربية: الإرث والحضارة
اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل اليومي أو أداة أكاديمية، بل هي بمثابة روح الحضارة العربية ومفتاح لفهم تاريخنا العريق. إذا كانت اللغات الأخرى قد شهدت تحولات متسارعة أو انكسارًا بسبب العولمة، فإن اللغة العربية تحتفظ بقدرتها على الاستمرارية والتطور، وذلك بفضل ارتباطها العميق بالهوية الثقافية والدينية.
العربية ليست مجرد لغة تواصل، بل هي حاملة للهوية وحافظة للذاكرة التاريخية للشعوب العربية. هي مرآة تعكس التطور الفكري والسياسي والثقافي على مر العصور. في كل حرف من حروفها، تكمن قصة من قصص الحضارة الإسلامية، من غزارة العلم في بغداد، إلى نبوغ الشعر والفلسفة في الأندلس، إلى الإبداعات الأدبية التي أثرت في الفكر الغربي.
إن الاعتزاز باللغة العربية هو اعتزاز بالإنجازات الفكرية والثقافية التي قدمها العرب للعالم. هي اللغة التي صيغت بها أعظم الأعمال الأدبية والفلسفية، من مثل “مقدمة ابن خلدون” إلى “ألف ليلة وليلة”، ومن شعر المتنبي إلى نثر جبران خليل جبران. إذا كانت الأمم تبني حضاراتها على أساس لغاتها، فإن اللغة العربية هي جزء لا يتجزأ من حضارتنا التي أعطت الكثير للبشرية.
من المهم أن نُدرك أن الحفاظ على لغتنا لا يتعلق فقط باستخدامها في الحوار اليومي، بل في حمايتها كأداة أساسية للعلم والفكر. إنها ليست مجرد كلمات وأصوات، بل هي حامل قيم ومفاهيم كانت وما زالت تلهم المبدعين في شتى أنحاء العالم. علينا أن نغذي العلاقة بين اللغة والهوية، بحيث تصبح اللغة العربية جزءًا من كل نشاط فكري أو ثقافي في حياتنا، من الكتابة إلى التفكير، ومن التواصل إلى التعبير عن الأحلام والطموحات.
إذا لم نكن قادرين على الحفاظ على اللغة العربية في جميع مناحي الحياة، فإننا نخاطر بفقدان جزء أساسي من أنفسنا. اللغة العربية هي إرث حضاري، يجب أن نعيد اكتشافه ونشأته من جديد في كل جيل، لأن أي أمة تفقد لغتها تفقد قدرة التعبير عن نفسها، وتضيع روابطها التاريخية والثقافية.
بهذا الشكل، يصبح الحفاظ على اللغة العربية ليس فقط واجبًا ثقافيًا، بل ضرورة للمحافظة على الحضارة والهوية التي نحن جزء منها.
يا لسانَ العربِ، فيك السحرُ
تُزهِرُ الكلماتُ، ويشرقُ النورُ
لكِ من الأجدادِ كلُّ الفخرِ
وفيكِ تظلُّ الحياةُ تنثرُ الزهور
لغةٌ تأسرُ القلوبَ بتراكيبٍ
تتراقصُ الأحرفُ في تناغمٍ وسرورِ
منكِ ينبثقُ النورُ في عيونِ الظلام
وتُعيدين للأزمنةِ دروبَ السرور
نازك الخنيزي
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي