
قراءة نقدية أسلوبية في قصيدة (لا تسويف في شهقات المدى)– للشاعر : محمد محجوبي – الجزائر.
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
القصيدة /لا تسويف في شهقات المدى/ للشاعر محمد محجوبي تبرز من خلال أسلوبها شعوراً عميقاً بالوجود والتأمل في الزمن والحلم. تتميز بأسلوب شعري مفعم بالتعبير الرمزي والتصويري الذي ينقل القارئ إلى عالم من التمرد على الزمن والواقع في سعي حثيث إلى الانعتاق والمشاركة في الأحلام واللحظات الفارقة.
- الأسلوب الرمزي:
القصيدة تعتمد على الرمزية بشكل كبير، فتسويف الزمن يصبح عنوانًا لموقف نفسي يعبر عن الرفض أو الهروب من مواجهة اللحظة. /شهقات المدى/ تحمل معنى القوة الداخلية التي تنبع من داخل الذات، وكأن المدى هو رحلة حسية ومعنوية في آن واحد. الحلم هو أحد الرموز المتكررة التي تميز القصيدة، حيث يتجسد في صور متعددة تساهم في خلق إيقاع مخيالي يعكس التوتر الداخلي بين الرغبة والواقع. - التكرار والتوازن:
القصيدة تبني تأثيرًا شعريًا باستخدام التكرار، مثل /كما لو أننا توأم انبثاق من أهداب الفجر/. هذا التكرار يعزز فكرة الوحدة بين الإنسان والطبيعة، بين الروح والزمان، بحيث تصبح الذات مغمورة في هذا الكون الفسيح، وتتشابك مع حركة الزمن. كما أن التنقل بين الليل والنهار، والظلمة والنور، يعزز من فكرة التوازن بين المتناقضات في الحياة. - التصوير والتشبيهات:
تظهر القصيدة العديد من الصور الشعرية التي تجذب القارئ بعمقها الاستعاري، مثل /ينابيع ظل ننداح عسل الرحيق/ و/عشب الترياق/، وهي صور تكشف عن حالة من الانصهار والتواصل مع العالم الطبيعي. كما أن تصوير الحلم أو الأمل على أنه “سكرات الضلوع” يعكس حالة من التوق والعذاب الروحي. - التناول العميق للزمن:
القصيدة تحاول أن تبتعد عن رتابة الزمن من خلال مفردات تسعى لتحرير الذات من قيوده. كلمات مثل /نسافر على أشرعة الليل/ و/نستفز سلطان الزمن/ تعكس رغبة في الهروب من وطأة الزمن إلى لحظات من الحرية والخلود الحلمي. - الخيال والحواس:
استخدام الشاعر للحواس، مثل /ترشفنا غيمة التماهي/ و/تطعم عصافير الأحداق/، يقدم علاقة حسية عميقة بين الذات والطبيعة، مشيرًا إلى تناغمات بين الحواس والخاطر، وأيضًا بين الحلم والتجربة الحية. - اللغة والتأثير الموسيقي:
القصيدة تزخر بالصور الصوتية واللغوية التي تخلق إيقاعًا موسيقيًا يتمثل في /لحن يتعربد هموس قمح الاشتياق/، حيث تكمن الألحان الشعرية في بنية الكلمات التي تتناغم مع مضمون القصيدة، مما يزيد من جمالية التجربة الشعرية. - الاختتام:
وفي الختام، يبدو أن الشاعر يحاول أن يطرح سؤالًا فلسفيًا عميقًا: كم من /الفاكهة/ أو اللحظات الجمالية يمكن للإنسان أن يستمتع بها في هذا العالم قبل أن تختفي؟ تشير نهاية القصيدة إلى تحول الحلم إلى واقع قد يكون مريرًا، لكنها تبقى دعوة للتأمل في اللحظات الجميلة والانتفاض ضد فوضى الزمن.
خلاصة:
من خلال هذا الأسلوب الرمزي، ينجح الشاعر محمد محجوبي في تقديم قصيدة غنية بالإيحاءات والدلالات التي تعبر عن حالة روحية وفكرية تتجاوز حدود الزمن، محاولًا فك قيود الواقع والاتصال بالحلم والمثالية.
القصيدة :
لا تسويف في شهقات المدى
. ….
يعابثنا حلم متعدد المرايا ، ينصهر الحلم سكرات الضلوع كما لو اننا توأم انبثاق من أهداب الفجر ، كما تتشقق القصيدة ينابيع ظل ننداح عسل الرحيق وعشب الترياق ، نسافر على أشرعة الليل بياض وسواد يواعد الألوان ولحن يتعربد هموس قمح الإشتياق علنا نستفز سلطان الزمن ونصغر في هوس النسيم ؛ بلا وجل ترشفنا غيمة التماهي زهرتها التي تطعم عصافير الأحداق وتهدينا هدية ليل وانعتاق حينها نقول : كم في العالم من فاكهة نفترسها من تلك المآدب والأطباق .
محمد محجوبي
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي