رواية “”””أبناء آنو” لسلام أمان
أسلوب الروي وسيميائية النص “”””
مؤيد عليوي / العراق
يتغير أسلوب الروي من صوت المتكلم الى اسلوب الراوي العليم أو بالعكس منه، بحسب حاجة المباني السردية مِن المتن الروائي فعند العتبة الأولى / التمهيد المُوضح لعنوان الرواية وفحواها ، تجد بدايته في السطر الاول : وأوكلهم لآنو ليحرصوا على طاعته…) ثم يتحول السرد الى صوت المتكلم الجماعي أو للمجموع (والآن ايها الرب، يامن خلصتنا من العمل المفروض..) باقتباس من الارث البابلي، فالمخاطب هنا هو (مرودخ) سيد الالهة البابلية و(أبناء آنو) هم البشر الذين صاروا خاضعين لإرادة الاله (آنو )اله السماء في الحضارة البابلية آنذاك واقل منزلة من( مرودخ )، علما أن التمهيد كان بعنوان الرواية أيضا (أبناء آنو) ليوضح علاقته بفحوى الرواية ولادة وحياة بطلها (وليد مجيد الاسود)، والمستلة أحداثها من أحداث واقعية كما أخبرني بها الروائي سلام أمان في بناية إتحاد أدباء العراق ببغداد يوم أهداني إياها ، المهم على الرغم من الاقتباس بصوت المتكلم الجماعي، والبطولة كانت لشخصية رئيسية واحدة تتبوئر حولها الاحداث بضوء من السرد، فهو واحد من مجموع ابناء العراق كما أن المكان الروائي بابل/ مدينة الحلة هو المكان الرامز للعراق حيث بلاد النهرين ليكن (وليد مجيد الاسود ) ابن شط الحلة أو هبة الشط والنهر( لمجيد الحلي) الذي اخذه وتبناه ورباه لتكن شخصية (وليد) علامة نصية سيميائية تشير الى أبناء(آنو) الذين عشقوا الحياة وابدعوا في حقول الرياضة ..، ثم يعود من صوت المتكلم الى أسلوب الروي بالراوي العليم ويعقبه صوت المتكلم مرة ثانية ليختم التمهيد بصوت المتكلم للمفرد(مرودخ) : كذا فلتكن بابل كما اشتيتموها،..)
ويبدأ الفصل الاول مباشرة بعد التمهيد بصوت المتكلم ( لا اتذكر متى بدأت علاقتي بذلك النهر الذي دأبنا على تسميته (الشط) . الامر يبدو مثل محاولة مستحيلة للتنقيب في زمن يمتد الى ما بعد حدود الذاكرة أو محاولة حدث جرى وانا في بطن امي ) ويستمر الى أن يتحول اسلوب الروي الى الراوي العليم ويعقبه صوت المتكلم ، الذي نكتشف انه صوت شخصية داخل المتن الروائي تكتب رواية عما مضى من أيامها في مدينة الحلة منذ طفولة المدرسة الابتدائية وكان (وليد) زميلا له طبعا يأخذ المكان مأخذه في الرواية مع اسماء وعناوين الامكنة في المدنية وحتى اللغة القديمة المتداولة في المدينة يذكرها المتن الروائي بين قوسين والتي شكلت بعضها علامة نصية في السرد من مثل كلمة ( العدة ) التي تمثل ما يحتاجه جلاس السمر لإكمال جلسة الشرب قرب شط الحلة كما في الرواية.
وتستمر الرواية بمتنها المفعم بالتناوب بين صوت المتكلم والراوي العليم لتشكل هذه السمة الاسلوبية علامة تتصل بالبناء السردي فصوت المتكلم في فصول الرواية تشير الى شخصية مَن عاش أحداثا حقيقية في المكان الروائي وقد أضفى عليه بعض الخيال الأدبي وهي شخصية المدون لرواية أو مذكرات عن يومياته وظفها الروائي سلام أمان متصلة بيوميات (وليد)، فيما يكون أسلوب الراوي العليم سينمائية عن الآخر (وليد) وحياته وزملائه وأصدقائه واحساسهم وتفكيرهم اتجاهه ولون بشرته الاسمر ومكابداته في المدرسة والرياضة والغناء وجلسات السمر عند شط الحلة بعد أن أصبح شابا،
فيما نجد اسلوب الروي من الفصل الاول : ( ظل مجيد يجلس على حافة الشط، من خلفه بساتين النخيل …) يروي قصة عثور (مجيد الحلي) على طفل بلفافة جاءت به امواج النهر الى يديه ليكون ( وليد مجيد الاسود) .
بينما في الفصل السابع من المتن الروائي نجد صوت المتكلم أيضا يبدأ به الفصل ( الطريق الى بغداد بدا لي طويلا ونحن نستقل تلك الحافلة ..) لينتهي بعد أربع صفحات بأسلوب الراوي ( الطريف أن متسابق نادي الميناء كان هو الآخر اسمر البشرة) لينتهي الرواية في فصلها التاسع بين صوت المتكلم أسلوب الراوي مجسدة هذه السيميائية أو علامة النصية .
رواية ” أبناء آنو ” لسلام أمان من إصدارات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق سنة ٢٠٢٥ .

خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي