قراءة اسلوبية في قصيدة : أزاهيرُ الاشتِياق – بقلم / كامل راهي مرزوك، العراق .
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
أزاهيرُ الاشتِياق
جِنِّيٌّ أنا! وأنتِ آيتي؛ فأخرجيني من القُمقُمِ حبيبتي! أديل، لا يفهمون؛ أنتِ في جِهادِ النّفسِ قضِيَّتي؛ أنتِ شيءٌ ما يُرافِقُني؛ أبحثُ عن كهفٍ وطنٍ ملاذ؛ أبحثُ عن مأوى؛ لا يبحثُ عنهُ المُخبِرون؛ أو لا يعرِفون! أزاهيرُ الاشتِياق في القلبِ في العُيونِ في الضّمير؛ هذا الحُبُّ العبير؛ رذاذ؛ يملأُ النّفسَ سعادةً؛ حيثُ الوُجود؛ يزدانُ بالإنسان.
بقلم / كامل راهي مرزوك، العراق .
القراءة النقدية
القصيدة التي تحت عنوان ((أزاهيرُ الاشتِياق)) تتسم بجماليات شعرية غنية ومعبرة. هذه قراءة أسلوبية للقصيدة مع التركيز على الأسلوب الأدبي، الرمزية، والأبعاد النفسية والوجدانية التي يتناولها النص.
- الأسلوب الأدبي
اللغة الشعرية: تعتمد القصيدة على لغة شاعرية تنبض بالعاطفة والرمزية. يبدأ الشاعر بعبارة ((جِنِّيٌّ أنا!)) لتكون بمثابة تجسيد لحالة من الانفصال والاغتراب، حيث يعبر عن نفسه ككائن غير مرئي أو غريب. هذه الجملة تمثل تنفيسًا داخليًا عن حالة من العزلة أو الفقد، كما أنها تضفي على النص بعدًا أسطوريًا غامضًا.
التكرار: يظهر التكرار بوضوح في عدة مقاطع من القصيدة مثل ((أنتِ)) و((أبحثُ))، مما يعزز فكرة التعلق والبحث المستمر عن الشيء المفقود، وهو هنا ((الحب)) أو ((الوطن)) أو ((الملاذ)). التكرار له دور في خلق الإيقاع العاطفي في القصيدة.
التوازي: الشاعر يستخدم التوازي في بناء الجمل بطريقة تؤكد التشابه في المعاني. على سبيل المثال: ((أبحثُ عن كهفٍ وطنٍ ملاذ؛ أبحثُ عن مأوى)) يستخدم الشاعر تكرار فعل ((أبحث)) لتعميق هذا الشعور المستمر بالبحث عن الهويّة والمأوى. - الموضوع والرؤية الوجدانية
الاشتياق والحب: العنوان ذاته ((أزاهيرُ الاشتِياق)) يشير إلى فكرة أن الاشتياق هو زهرة متفتحة، وأنه يلون حياة الشاعر بحضورها، بينما يعبّر عن الشوق في مجمل القصيدة بشكل عاطفي وجداني. الحب في القصيدة ليس مجرد عاطفة سطحية، بل هو معركة نفسية ((جِهادِ النّفسِ))، مما يضفي طابعًا روحيًا فلسفيًا على العلاقة.
الاغتراب والبحث عن الهوية: الشاعر يتناول شعورًا بالاغتراب الداخلي، حيث يتحدث عن نفسه كـ((جِنِّيٌّ)) و((أبحثُ عن مأوى))، مما يوحي بحالة من التشتت النفسي. يُعبّر عن حاجته الماسة إلى مكان آمن أو ملاذ، يعكس ذلك شعور الإنسان بالضياع أو الافتقاد إلى موطن روحي أو نفسي. - الرمزية
الجِنِّيٌّ: في البداية، نجد في استخدام كلمة ((جِنِّيٌّ)) رمزًا قويًا للانعزال والانعكاس الداخلي. الجنِّيّ هنا قد يشير إلى حالة نفسية معقدة أو هو تعبير عن اللامرئية، حيث لا يستطيع الآخرون فهم هذا الاشتياق أو هذا الألم العاطفي.
الضّمير والعين والقلب: الشاعر يتطرق إلى الرمزية في الأعضاء الإنسانية ((القلب))، ((العُيون))، و((الضمير))، فهذه الأعضاء هي التي تختزن مشاعر الحب والتوق والاشتياق. هذا التوزيع يوحي بأن الشوق لا يقتصر على عضو واحد بل يشمل كيان الإنسان بأكمله. - العلاقات الدلالية
الهوية والذات: الشاعر يعبر عن صراع داخلي بين الذات والآخر. يذكر ((أنتِ آيتي)) و((أنتِ في جِهادِ النّفسِ قضِيَّتي))، وهو تأكيد على أن الشاعرة هي سبب الوجود في عالمه الداخلي، وهي مركز الصراع الدائم بين الهوية الذاتية والبحث عن المعنى.
الوطن: تكرار البحث عن ((وطن)) و((ملاذ)) يكشف عن فكرة الانتماء، سواء كان هذا الوطن جغرافيًا أو روحيًا. الشاعر يسعى إلى معنى أكبر من الانتماء المكاني، هو يبحث عن راحة في الذات من خلال حبٍ عميق. - الأسلوب البلاغي
الاستعارة والتشبيه: التعبير ((أزاهيرُ الاشتِياق في القلبِ في العُيونِ في الضّمير)) هو استعارة توظف الأزهار لتصوير مشاعر الاشتياق كنوع من النمو والجمال الداخلي الذي يعبر عن العاطفة. هذه الاستعارة تزيد من الصورة الجمالية وتنعش الحواس.
التضاد: هناك تضاد غير مباشر بين ((جِنِّيٌّ)) و((آيتي))، بين العزلة والغموض وبين السمو الروحي والقدرة على التأثير في الآخرين. - الختام
القصيدة في مجملها تمزج بين الرومانسية والتصوف والاغتراب. يعبر الشاعر عن حالة من الوحدة الداخلية مع بحث مستمر عن ملاذ آمن. الأسلوب الرمزي والبلاغي الذي استخدمه مرزوك يعمق المعنى ويجعل النص يغني عن تفسيره العاطفي ليُصبح أكثر من مجرد قصيدة عن الحب، بل هو رحلة نفسية وسلوكية في عمق الذات.

خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي