
الروائية اللبنانية/ نعمت وديع الحاموش
بين منصورية المتن وفضاء الكلمة، تشقّ الروائية نعمت وديع الحاموش طريقها بثباتٍ وأناة، تحمل في قلمها وجع الإنسان وحلمه، وتحفر في ذاكرة اللغة أسئلة الوجود. من مقاعد الدراسة إلى منصات الإبداع، تأرجحت بين التعليم والتأليف، فكانت المربية والكاتبة، المعلمة والمُلهمة. في رواياتها وخواطرها، وجع دفين ونبض حياة، ووعي أنثوي يسائل الواقع بجرأة وشفافية.
ومن هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها في هذا الحوار، الذي نحاول أن نلامس شيئاً من هذا العمق، ونقترب من كواليس الحرف وسرّ الكتابة لديها.
حاورتها جميلة بندر.
١.وُلدتِ في منصورية المتن، حيث الطبيعة تحاور الروح… كيف أثّرت بيئة النشأة في تكوينك الأدبي والإنساني؟
٢.ما الذي دفعكِ لاختيار الأدب العربي مجالاً أكاديمياً ومهنياً؟ وهل ترين أن اللغة ما تزال قادرة على حمل قضايا الإنسان المعاصر؟
٣.في التعليم والتنسيق التربوي، كيف توفّقين بين مهمتكِ كمربية للأجيال ودوركِ كروائية تكتب للحياة؟
٤.روايتك الأولى “الرجل والوحش” صدرت عام 2014، ما الذي كان يشغلكِ حينها؟ وما الفكرة الجوهرية التي أردتِ أن توصليها من خلالها؟
٥.”خواطر جرح” تحمل بعداً وجدانيًا، هل ترين في الخواطر مساحة للبوح أم مقاومة داخلية للخذلان؟
٦.”مرساة في رمال”… عنوانٌ يحمل تناقضًا، كيف جمعتِ بين الثبات والانزلاق؟ وماذا تقولين عن الذات في هذه الرواية؟
٧.روايتكِ “ملاكي” جاءت بعد ثلاث تجارب سردية… ما المختلف فيها؟ وهل شعرتِ بنضج فني مغاير؟
٨.بين الرواية والخواطر، أين تجدين نفسكِ أكثر؟ وهل هناك نوع أدبي آخر تودّين خوضه؟
٩.هل تعتمدين على التخطيط المسبق لأعمالكِ الروائية أم تكتبين باندفاع اللحظة وحضور الشعور؟
١٠.كامرأة تكتب في مجتمع لا يزال يقيّد الصوت الأنثوي، كيف تواجهين الأحكام المسبقة؟ وهل مررتِ بتجربة رقابة داخلية أو اجتماعية؟
١١.هل تؤمنين بأن الكتابة قادرة على التغيير؟ وإن كان كذلك، ما الذي تحاولين تغييره عبر أعمالكِ؟
١٢.ما الدور الذي يلعبه القارئ في تشكيل رؤيتكِ للكتابة؟ وهل تهتمين بردود الفعل أم تكتبين فقط لما يمليه عليكِ ضميركِ الإبداعي؟
١٣.ما بين اللغة كأداة للتعليم واللغة كمساحة للإبداع، كيف تنسجين العلاقة بينهما في حياتكِ اليومية؟
١٤.ما الذي تودّين قوله لنعمت الحاموش الكاتبة بعد هذا المشوار؟ وهل ثمّة مشروع قادم في الأفق؟
١٥.نشرتِ نصوصكِ في مجلة “أزهار الحرف”، كيف تصفين هذه التجربة؟ وما الذي أضافته لكِ كروائية وفاعلة في المشهد الثقافي؟
١٦.ما رأيكِ بالملتقيات الشعرية التي تُنظَّم في العالم العربي؟ وبشكل خاص، كيف تنظرين إلى “ملتقى الشعراء العرب” الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد من حيث دوره الثقافي والتواصلي؟
حاورتها من لبنان
جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف.
١-للبيئة تأثير كبير على ما وصلت إليه..الحيّ الذي كبرت فيه ..أشجار الزنزلخت..الكنيسة العتيقة..ذكريات الطّفولة ولّدت في نفسي ميلا إلى الكتابة والأدب. بالإضافة إلى الذّكريات المُرّة الّتي مررنا بها، أقصد الحرب التي مرّت علينا واضطرارنا إلى المكوث لفترات طويلة في الملجأ هذا أيضا دفعني إلى التعبير عمّا يعتمل في الذات من مشاعر مؤلمة.
٢-أحبَ اللغات الإنكليزية واللغة العربية طبعا..للغة العربية سحر يأسر الفؤاد..اللغة العربية يمّ يحلو لي الانغماس في لججه الدافئة.منذ صغري اخترت هذا السبيل.اللغة العربية قادرة على إيصال الصوت إلى أبعد مدى.طبعا هذه اللغة قادرة على التعامل مع القضايا المعاصرة والإنسان المعاصر.اللغة العربية لا تزال نسمة روح في زمن التكنولوجيا المربك.
٣-المهمّتان تكمّلان بعضهما.. خبرتي في التّعليم رسمت لي أيضا دروسا في الكتابة،من خلال شخصيات تلامذتي وزملائي..كنت أستوحي شخصيات لرواياتي..وكذلك الكتابة فتحت لي أبوابا واسعة ألج من خلالها قلوب المتعلّمين الذين يشعرون بالإثارة والحماس حين أخبرهم عن رواياتي.
٤-“الرجل والوحش” تعالج قضيّة العنف ضدّ المرأة من خلال الشخصية الرئيسية في الرواية” هالة” التي عانت من ظلم الزوج وظلم الوالد وظلم الحياة.من خلال هذه الرواية أردت إظهار بشاعة الرجل المتسلّط العنيف القاسي عسى تعلو أصوات النساء المعنَفات ويقفن في وجه الظلم يوما.
٥-“خواطر جرح” مساحة للبوح نعم ، ومقاومة داخليّة للخذلان..أوافق..لكلّ منّا يا سيدتي مآسيه وهمومه وأوجاعه وآلامه وجروحه….العازف يعزف وجعه..الرسام يرسمه الكاتب يكتب ألمه…يبثّ ما يصطخب في تلك الذات النازفة من آهات وتأوّهات..ربّما يستريح وربّما لا…..
٦-“مرساة في رمال”- إذا جاز التّعبير-رواية الزّمن المتجمَد في ماض ما…أسر الشخصية الرئيسية في هذه الرواية”مدى”…كبر الزمن وتقدّم الوقت وكبرت تلك الشخصية ولا تزال روحها متعلّقة في ذلك الزمن الماضي.. فالمرساة في مياه البحر سيأتي يوم وترفع وتقلع السفينة من جديد…أما مرساة “مدى”فمتشبثة برمال الماضي…لم ترفع ولن ترفع..سصدأ هناك حيث هي…وهذه الرواية كذلك تحكي عن مأساة مرّ بها الشعب اللبناني وهي الحرب اللبنانية…
٧-رواية “ملاكي” مختلفة عن الروايات السّابقة..هي أشبه بحلم في عالم الواقع…من خلالها يهرب القارئ على متن حلم مربك جميل يتمنّى ألّا يصحو منه…طبعا في الكتابة هناك لحظة ما تفرض نفسها على الكاتب وما عليه إلّا الاستجابة وفقا لتلك اللحظة المستبدّة….
٨-أنا أحبّ الرّواية…أحبّ الخوض في عالم الشخصيات..أحاورهم أناقشهم أتشاجر معهم أحيانا..أستأنس بهم..ساعة تنتهي الرّواية أشعر بأنني خسرت أصدقاء كانوا يحيون معي في بيتي..يضحكون معي..يبكون معي..حين تنتهي الرواية يرحل هؤلاء الأصدقاء وتكتنفني الوحدة بغيابهم…الخواطر جميلة..لكنها لا تشفي غليلي في الكتابة.
أكتب أيضا الشعر العامي باللهجة اللبنانية.
٩-لا أخطّط كما قلت سابقا لحظة نورانية تفرض نفسها عليك ويولد هذا الميل المعذِّب للكتابة…
١٠-أنا أكتب ما يرضي ضميري وإحساسي..بالحقيقة لم أواجَه برقابة اجتماعية..من يقرأ كتبي يثني عليها..رقابة داخلية؟كما قلت سابقا اكتب بدافع الشعور وبحرية…
١١-طبعا الكتابة قادرة على التغيير.كم من الصّحافيين في بلادي وفي سائر البلاد العربية كانوا ضحايا الكلمة..أخافوا خفافيش الظلمة فقُتلوا…لكنّ شعوبنا العربية لا تقرأ ليتهم يقرأون لتحصل المعجزة ويتمّ التغيير….
١٢-عزيزتي لا أكتب لهدف تجاري..دائما أكتب ما يمليه عليّ شعوري..أنا أؤمن أنّه حيث الحريّة هناك الإبداع…حين أجلس لأكتب ينعدم حولي كلّ شيء إلا هذه المساحة البيضاء أمامي وما يعتمل في ذاتي من مشاعر وأفكار…
١٣-عمليّة الإبداع موجودة في الحالتين..لغتنا العربية أداة إبداع..في الكتابة وفي التعليم..في الكتابة صدق المشاعر إبداع..الصورة الطّالعة من عمق أعماقك لتعبر عما تشعر به إبداع..وفي التعليم ايضا صدقك وتفانيك مع المتعلمين إبداع وكل هذا الإبداع وسيلته الأولى والأخيرة اللغة..
١٤-أقول لها:”أكتبي دائما لا تتوقّفي عن الكتابة..لأنّ الكتابة هي النفَس الباقي لك…” نعم هناك رواية جديدة”يدان من جمر”سأصدرها في الخريف المقبل إنشاء الله،وأعمل على رواية جديدة الآن هي كتابي السّادس..
١٥-هي تجربة جديدة جميلة أحببتها وأقدّم شكري وامتناني للأستاذ ناصر رمضان..وهي تجربة سمحت بالدخول إلى مجتمع أدبي جديد وراق..
١٦-الملتقيات الشعريّة جيّدة جدّا لتفعيل لغتنا العربية وإبداعنا العربي.ولملتقى الشعراء العرب دور فعّال ثقافي وحضاري راق وممتاز.وطبعا كلّ التّقديد والفضل للأستاذ ناصر رمضان..
أشكرك جدّا أستاذة جميلة.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي