
“سؤال في نقد النقد الأدبي العربي “
مؤيد عليوي
ظهرت النظرية البنيوية في النقد الأدبي في أوربا بعد الحربين العالميتين، في منتصف القرن العشرين، وكانت ومازالت البنيوية تجسيدا “مركزية المعنى” بمعنى هناك معنى واحد للنص ولا يوجد تأويل ثانٍ له، ولو عندنا الى الظروف دولية والعالمية التي أدت الى ظهور البنيوية في أوربا سنجد استقرار عقل الناقد أولا بعد الحرب الثانية كما استقر العالم بعدها ومركزية الدولة في الاقتصاد لدول المعسكرين كما كانت تسمى دول المعسكر الرأسمالي ودول المعسكر الاشتراكي، مركزية الدولة كذلك بقاء أثر مركزية الدولة إبان الحرب العالمية الثانية وتأثيرها في النقاد أثر أن تكون البنيوية ” مركزية النص ” بمعنى تأثير الواقع اليومي فانتج البنيوية ..
ظهرت التفكيكية في النقد الأدبي كردة فعل على البنيوية ، وهي بالضد من ” مركزية النص” للبنيوية، بمعنى تعدد وجوه التأويل في النص
بمعنى أعمق كانت مركزية الدولة مستمرة ومركزية الاقتصاد في دول العالم كله مستمرة وظهرت التفكيكية سنة ١٩٦٧، بمحض من المثالية بعد أن أحكم العقل النقدي الأدبي حكمه على النص عبر البنيوية، عملية النقد الادبي عملية عقلية بحتة لكنها غير منفصلة عن حركة الواقع ، وبما أن حرية العقل النقدي الأدبي متصلة بعملية إنتاج الافكار النقدية فإن الاختلاف الفلسفي في اسباب ظهور البنيوية والتفكيكية سيكون طبيعيا لكن علينا معرفته لكي نفهم وندرك حركة النقد الأدبي العالمي وتطورها وما يتصل بها ،
هذه المقدمة البسيطة والوجيزة جدا، تجدها عزيزي المتلقي ضرورية جدا لنتعرف على إجابة للسؤال الآتي لماذا كثر التركيز على النقد الثقافي في النقد الأدبي العربي منذ أكثر من عقد من الزمان ، واقول (التركيز ) ؟ طبعا بالابتعاد عن “مركزية النص ” الى تأويلية النص وكشف انساقه الثقافية فيه مختلفة أو متفقة ، متوازية أو متقاطعة ، لقد اتاحت عملية انتاج الإتصالات المعاصرة مواقع التواصل الاجتماعي حرية للفرد والاقليات المجتمعية في دولة من دول العالم مع عدم تدخل الدولة في الاقتصاد في اغلب دول العالم، لكن هذه الحرية افتراضية جزء كبير منها يخضع للزيف والذكاء الاصطناعي ، كما ان حركة الاقتصاد العالمي خاضعة لمركزية قوية تدير اغلب اقتصاد العالمي ، لذا نرى السبب الرئيسي للتركيز على النقد الثقافي، في هذه الحقبة هو لغرض الحصول على حقوق للفرد، أو للتعبير عن تأريخ اقلية منسي، أو للدفاع عن اقلية مجتمعية
ثمة سؤال للناقد الأدبي العربي هل ينطلق من فكرة النقد الأدبي في تعامله مع النص بمعنى يكون موضوعيا ، أو من موقف إنساني عام، أو من موقف سياسي في لحظتها، او هل ينطلق من موقف ذاتي مسبق فيلقي بظلال افكاره على النص سواء وظف البنيوية أو التفكيكية أو النقد الثقافي او غيرها ..
ثم نعود الى مركزية ادارة التواصل الاجتماعي ففي الفيس بوك توجد مركزية تنشر ما تريد وتحجب وتمنع ما تريد كما توجد مركزية للإدارة الاقتصاد والحرب التي تظهر بين مدة واخرى هناك وهناك في العالم .. اذن هي حرية زائفة وافتراضية وديمقراطيات هشة مبنية الكذب والزيف ، لكن هل العالم كله خاضع ومنخدع ومتفق مع هذا الكذب طبعا لا، نتحدث عن العقل النقدي الادبي الذي يتأثر بما يراه امام عينه فينخدع ولا يرى ما خلف الصورة او التقنية الحديثة المعاصرة .. الكثير يتصل بالنقد الثقافي من اجل الكتابة النقدية ويظن نفسه انه يمارس حرية الحقيقة انه خاضع لمركزية لا يعلم بها تدفعه من خلال النسق الثقافي الأدبي
عقل الناقد المتسلح بالمعرفة وربط علاقات الاشياء ببعضها وفهم النص النقدي بالتالي، هو يعلم الى اين ستكون الامور ومنها عملية النقد الادبي العربي.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي