
بيروت
بيروت… تلك العصيّة… المتمردة أبدا …بيروت… شفق المسايا الزّرق…غجريّة الشّاطئ المجنونة…مليكة الحزن المكابر…خطوات العاشقين…بيروت..مسّي جبيني…بدمعك…بحريق يديك…خصلات شعرك تعبث بها رياح الغضب…أنين صخرتك..يلسع وجه الخلود…تلك الطّالعة من الأزل…المتّكئة على ابتسامتك الدّهريّة،..ذاك الأنين…ترجيع وجوه…ووجوه…تألّمت…صرخت…غضبت…رحلت..،ولا تزال هناك…تضرب بكلّ قوّتها…ومع كلّ لجّة…تعلو جبين تلك الصّخرة الغيور…بيروت ما عاد أثيرك قادرا على تحمّل أحلام الضّعفاء…وترابك يتقيّأ الخطوات…كلّ الخطوات…ما هو غريب منها…وما هو قريب…يرسم الذّلّ في شوارعك والأزقّة…بيروت يا مدينتي السّاكنة ..سكون القبر…ترينهم يجرّون جثثهم المشوّهة…ويمشون…تأنف منهم شوارعك…وجدران مساكنك..تبصق نظراتهم…النّهمة…بيروت شتاؤك المسموم..أطفأ براكينك…تربتك أحصيتها تعاويذ الذّلّ…فنبتت وجوها صفرا…خبيثة…غادرة…غيّرت معالمك النّقيّة…الصّافية…تكسّرت قوارب الصّيّادين…اختنقت حناجر الغناء على شواطئك…ياء طعم قهوتك…بحّ صوت نارجيلة المساء…بيروت أضحية العواصم العربيّة…أنت…وعواصم العالم…بيروت…إلى متى سيبقى دمك الذّبيح ….لهاث حياة في جسد الحريّة…….
من رواية “مرساة في رمال “
نعمت وديع الحاموش
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي