
مشاكسة في مباني النسق الواقعي بين بين ..
من كتاب “مقاربات في تنظير نقد النقد الأدبي ” ا.د عبد العظيم السلطاني
بقلم : مؤيد عليوي
في إعادتي لقراءة كتاب “مقاربات في تنظير نقد النقد الأدبي ” أ.د عبد العظيم السلطاني ، وجدتُ خلف سطور الفصل الثاني منه المعنون ب ” مقاربة في تنظير نقد النقد الادبي العربي في القرن العشرين ” ، أن الدولة وطبيعتها ونسقها من الديمقراطيات المتعددة والمتنوعة وخاصة دون وصاية على الثقافة منها ، كان مؤثرا بولادة آراء نقد النقد الأدبي ومن قبله النقد الادبي في مصر قبل ولادته في العراق او سوريا- والمقارنة بين الاماكن الثلاثة بوصفها مناطق اشعاع حضاري منذ الالاف السنين – بفضل ما حمله نابليون من معرفة الى مصر سنة ١٧٨٩ وبقي ٣ سنوات يطبع جريدة وينشأ مسرح ويبني مدرسة حديثة كما في فرنسا ، وظل هذا النسق الثقافي المعرفي الحديث بعد اندحار نابليون وجيشه من مصر، استوعب المصريون التنويريون بداية الضوء للاطلاع على جديد العالم وقتها فكانت البعثات المصرية
لتعليم المصريين العلوم الحديثة في باريس ، هذه المقدمة لبداية حفريات مهمة في النسق الواقعي لحركة النقد الأدبي بين القديم والجديد في مصر /المكان الأكثر تطورا واتصالا بين عالمين الشرق وتخلفه تحت الاحتلال العثماني المتخلف جدا، وبين العالم الجديد والعلم وقت ذاك في الغرب ومنه باريس، فلم تكن الحكومات المصرية عبر تاريخها الطويل منذ الوالي محمد علي باشا الى وقت الجمهورية الاولى في مصر ، تتبنى فكرة ايدلوجية او توجه عسكري بحت في الداخل والخارج ، فكان نسق الثقافة والبحث العلمي ولّاد في كثير من مناحي العلم والثقافة والمعرفة ،وجاء في بداية القرن العشرين نشطت اراء نقدية ادبية بين النقاد والشعراء والناثرين ، فمثلا منهم جماعة الديوان ويقودهم عباس محمد العقاد الذي قاد حركة التجديد في الشعر العربي وهاجم الشعر الكلاسيكي وهاجم احمد شوقي وكان احمد شوقي يرد في الصحف، كانت الامور عادية فيما يختص به كل رجل منهما في حرية التعبير حول الفكرة الثقافية وفنية والشعر محصورة في مجال الادب وعلاقة اهل الادب بها فكانت متباينة بين مع وضد وهذا مثال واحد على اختلافات كثيرة في حقل الادب والنقد الادبي، ثم نذهب الى حفريات نسق للدولة الملكية المصرية في حقل الثقافة فلم تفرض قيدا أو رأيا على كاتب أو صادرة جريدة بسبب مقالا ثقافيا يدعو الى تطوير المباني العقلية للمثقف فيما كان العقاد في تلك المدة يكتب حول نقد النقد الأدبي ، الدولة الملكية كانت تعمل على إدارة الدولة وليس على الاستحواذ على عقول المثقفين والفنانين ، في كثير من الاحيان لا تتدخل الدولة في تفاصيل الثقافة وحوارها وهي ترعى الثقافة فكانت البعثات المصرية مستمرة حتى ان طه حسين قد حصل على ابتعاث الى باريس ونال الدكتوراه هناك من السربون كما هو معروف ولماذا طه حسين في (حتى هذه )لأنه ابن الريف الفلاحي الفقير وليس من ارباب القصور والمدن وكما لم يكن أرباب العلاقات مع الدولة مع مشاكسته الخفيفة في الازهر في بعض أسئلته وعلى الرغم من ذاك تم ايفاده الى باريس .. كان النسق الإداري الواقعي للدولة يساعد العقل الادبي العربي على انتاج ما يبحث عنه من انتاج ثقافي وادبي على الرغم من الصعوبات اليومية للمصريين فعباس محمود العقاد لم تكن معه شهادة أكاديمية بل كان متعلما ومثقفا من الطراز الاول اعتمد على تعليم نفسه والقراءة ثم القراءة والكتابة ، لذا نرى ما كتبه بصدق وحرية واريحية عن نقد النقد الأدبي في قصدية الكتابة عنه تحت عنوان من الكتاب قيد الحياة (( اولا – تنظير مستقل ومقصود)) ص٨٨ اذ تناول أ.د عبد العظيم السلطاني تحت هذا العنوان ص ٨٩ (( نحن في زمن المراجعة والتقويم . نراجع كل شيء . ونعيد تقويم كل شيء ، وننتقد ونعيد النظر في مقايس النقد نفسه ..)) وهذا ما قاله وكتبه عباس محمد العقاد سنة ١٩٥٠ ، طبعا هناك تقديم للفصل الثاني يختص بمصطلح نقد النقد الأدبي العربي في القرن العشرين…، لكن المهم في هذه الحفريات انه سنة ١٩٥٠ كتب العقاد نقداً عن النقد نفسه، وهو المولود سنة ١٨٨٩ في اسوان من مصر ، بمعنى بعد ١٠٠ من وصول المسرح من فرنسا سنة ١٧٨٩وصدور الجريدة وطباعتها في مصر وبناء المدارس التعلمية الحديثة التي لم يواصل تعلميه العقاد فيها بل وجد نسقا ثقافيا رحبا في المجتمع المصري واخذ على عاتقه الحفر في تلك الثقافات الجديدة والقديمة منها ، ولم يكن فضل نايلون على مصر سوى انه اوصل هذه لهم فتمسك بها المصريون الى اليوم ، اما عنا اليوم في العراق سوف اروي لكم هذه السردية : عندما كنتُ في بغداد العاصمة وكان اخي الزميل د. علاء كريم قد سألني عن عزوف الناس في هذا الوقت سنة ٢٠٢٤ عن جلسة اكاديمية راقية عن المسرح العراقي في اتحاد ادباء العراق ؟! كان جوابي له: يا صديقي، المسرح في العراق دخيل والشعر فيه اصيل ، بينما المسرح ترسخ في المجتمع المصري من سنة ١٧٨٩ الى يومنا هذا لذلك تجد المسرح اصيل في مصر جزء من حركة المجتمع مثل الهواء والماء و…مع رعاية الدولة المصرية له عبر تاريخها الطويل منذ… الى.. ،
لك ان تتصور عزيزي القارئ تلك الفجوة في الثقافة العراقية التي خلفها الإحتلال العثماني ..
لذلك ومن هذا كله تجدني كنتُ أود ان اكمال تعلمي الاكاديمي العالي ماجستير ودكتوراه في النقد الأدبي أو التربية ، في مصر لأن احترام العقل عندهم اصيل وليس دخيل منذ قرون من الزمان ..منذ ان تمسك المصريون بأدوات المعرفة والثقافة والعلم المسرح و الجريدة والمدرسة الحديثة .
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي