
خائف
أغلق النوافذ كي لا يدخل أي شيء من خلالها: حشرات، غبار، أصوات .. أي شيء والأهم: ربما كان أحد الجيران يراقبه من مكان ما عبر النافذة، لذا وجد أن يغلقها ويرتاح!
لم يخرج الى الشارع منذ مدة طويلة، بالتحديد منذ أن لمح في العام الماضي شخصٱ يطارده، إنه متأكد أن الشخص كان يطارده، كان خلفه، يسير بخطوات سريعة، وكي يموه عن نفسه، كي لا يكشفه، انعطف الرجل بسرعة إلى شارع فرعي آخر.
طلق زوجته منذ زمان بعيد وارتاح من بحثها المستمر في أوراقه وجيوبه، بحجة أنها تفتش ملابسه قبل أن تضعها في الغسالة، ارتاح من هذا الموضوع نهائيٱ، لم يبق في البيت أحد يخشاه.
زود هاتفه المحمول بتطبيقات خدمة الشراء عبر الانترنت، أسعده هذا جداً، لأنه جنبه خطورة الذهاب إلى الشارع والالتقاء بالناس، صار يطلب الطعام والشراب والملابس ..، وكل ما يلزمه من خلال هذه التطبيقات.
ياللهول! لاحظ أن هناك من يراه في الهاتف المحمول وفي اللابتوب، في الواقع أكثر من شخص واحد، يصورون كل ما يشتريه، كل الخدمات التي يقوم بها عبر الهاتف، وكل ما يقوم بالبحث عنه أو مشاهدته .. (إنهم يصورونني) كل أفعالي يصورونها، (هم يرونني) ردد ذلك في نفسه مقشعرٱ من الفزع!
إذاً: عليه أن يتخلصه من هاتفه، هكذا فكر!
خرج من منزله ليلٱ، ملثمٱ، وقد وضع هاتفه في كيس من البلاستيك، ثم وضعه في كيس آخر، ووضع الأثنين في كيس ثالث، ومضى باتجاه النهر، كان الظلام مطمئنٱ، اذ لا يتيح لأحد أن يراه، وقف عند حافة النهر، ورمى الكيس في الماء، ولشدة عزمه مال إلى الأمام فسقط في حفرة صغيرة عند حافة النهر .
لقد ارتاح الآن تمامٱ .
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي