حين تُزهِر الجذور
”نشيد الأمومة الخفي”
بين ظلال الجذور ووهج الذاكرة،
تُقيم الأمومة حكايتها العتيقة—
هناك، في عمق التربة، حيث لا ترى العينُ سوى العتمة،
يمتد صوتُ الأم كدعاءٍ خافت
يزهرُ كلما ظن القلب أن العزلة آخر الطرق.
الجذور ليست حبلًا سرّيًا للبدء فقط،
بل أذرعٌ خفيّة تمسح على الروح حين يعبرها الحنين،
كل جذرٍ هو إصبع أمٍّ
تربّت في الخفاء على جبهة طفلها الضائع في الزحام،
كل نبضةٍ في عروق الشجر
هي ذكرى أمٍّ تصلّي في الليل،
كي لا يضيع الأبناء إذا ابتلعهم الغياب.
الأمومة ليست وجهًا عابرًا في الذاكرة
بل شجرةٌ تنبت من نبض الحنان،
ظِلُّها يسبقنا حين نخاف،
وصبرها يضمد فينا كسور الأيام.
عندما تضيق الأرض،
تتكاثف جذور الأم في صدورنا،
تمنحنا ما يكفي من ظلٍ لنكبر
ومن حكمةٍ لننهض
ولو تساقطنا ألف مرة مثل أوراق الخريف.
لذلك، كلما تسلل الغياب إلى البيت
مدّت الجذور أصابعها حول قلوبنا
وتواطأت مع الحنين
لتنبت الأمهات مرةً أخرى
في لغة العطر،
في وشوشة الضوء
وفي رعشة الشوق على الجبين.
الأمومة—
هي ذلك السر الخفي الذي يجعل الذكرى خضراء
والغياب ممرًا للضياء،
هي الجذر الذي لا يُرى،
والأغنية التي لا تنتهي
مهما مرّ الزمن أو غاب الوجه.
✍🏻نازك الخنيزي

خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي