
العمر يمضي بنا
يا صاحبَ الروحِ قد مرَّ العُبُورُ هنا
بعضٌ كريحٍ بها الأشواقُ تنجذِبُ
وبعضُهم كزفيرِ العُمرِ يتركُنا
نذرُفُ الدمعَ إذ يمضي ونحتجِبُ
هذي الدروبُ التقتْ ألفًا وألفَ فتى
لكنَّ قلبي بما يهواهُ ينتخِبُ
قد مرَّ في العمرِ من لا زالَ يسكنُهُ
كأنّهُ النّبضُ بل إنّهُ السّببُ
لا تسألِ الروحَ عن سرِّ التقاءِ دَمٍ
من دونِ غيرِ الورى فالسرُّ مُغتَصَبُ
كم من غريبٍ سرى في العشقِ واتّحدتْ
به الدروبُ فصارَ الشوقُ يضطرِبُ
قد يُقيمُ الجسدُ حولي غيرَ أنّ بهِ
صمتًا يعكّرُ صَفْوَ البوحِ إذ يَجِبُ
كم من قريبٍ بعيدٍ لو تُحدّثُني
عيناهُ لمحتُ في الأصداءِ مُكتئِبُ
بعضُ العُبورِ يظلُّ العمرَ طيفُهُ في
الصّدرِ يلمعُ مثلَ الوهمِ يَرتَقِبُ
وبعضُهُ ضوءُ نجمٍ ماتَ مُذْ زمنٍ
لكنّهُ الآنَ في أعمَاقِنَا يَلِبُ
سُبحانَ مَن زَرَعَ الأرواحَ واختبرَتْ
مَن يَبقَ في حُبِّها مَن كانَ يَنجذِبُ
فالعُمرُ مِنّا شُعاعٌ والورى شررٌ
يَخبو سريعًا و عيب الحُبِّ ينقلب
كم من خليلٍ ظننَّاهُ لنا وطنًا
يتبدَّلَ الحب في عينيهِ يغترب
كالبحرِ يبدو جميلاً في تماوجِهِ
لكنَّ عمقَهُ طوفانٌ أين يذهب
قد نمنحُ القلبَ أفراحًا مُلوَّنةً
لكنَّهُ مثلُ طفلٍ حينَ يَنْتحِبُ
يهوى الذي كانَ في الأيامِ زائرَهُ
وينكرُ الوجهَ إن طالَتْ بهِ الحقبُ
لا يسكنُ القلبَ إلا من تناغمَ في
روحٍ لهُ وكأنَّ الرُّوحَ تنتَسِبُ
قد تُخطئُ العينُ في الحكمِ الذي نظرتْ
لكنَّ قلبَك في الأشواقِ لا يَكذِبُ
من لم يكن نبضُهُ منكَ فليسَ لهُ
في الصَّدرِ بيتٌ ولا للروحِ مُنتَسَبُ
والعُمرُ يمضي بنا والدهرُ يُلقِننا
دَرسًا فنحفظُهُ والدهرُ لا يلعَبُ
والحبُّ أعجوبةٌ تُبقي لنا أثراً
ما زالَ يُزهرُ حتى الروح تنسحب
فاخترْ لروحِكَ من يشدو بها طربًا
لا من يُعكِّرُها فالحُبُّ مُكتسَبُ ليلى نمر هاشم