سمر أبو السعود الديك
بين ضفتي الوطن والمهجر، تنسج الشاعرة والأديبة السورية سمر أبو السعود الديك حروفها بوهج التجربة وعمق الانتماء. من مقاعد التدريس والإدارة التربوية في سوريا والجزائر إلى منصات الإبداع الأدبي في فرنسا، لم تكن الغربة حاجزًا أمام صوتها الشعري، بل جسراً امتد من “هكذا أنا” و”وراء السراب” إلى “على كتف النهار” و”منابت الحور”، وصولاً إلى عالم النقد والرواية. تكريمات متعددة، مسؤوليات ثقافية، وإصدارات عالمية تؤكد حضورها الأدبي الفاعل.
ومن هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار، حيث نقترب من تجربتها، نقرأ معها سطور الإبداع، ونكتشف كيف أعادت الكلمة تشكيل هويتها في المنفى.
حاورتها جميلة بندر
……………………………..
1.كيف انعكست تجربتك التربوية والتعليمية الطويلة على كتاباتك الأدبية؟
١- مما لاشك فيه لتجربتي التربوية والتعليمية انعكاس ملحوظ على كتاباتي الأدبية من حيث تطوير المهارات اللغوية وتوسيع المخزون المعرفي في مختلف المواضيع إضافة إلى تحسين التفكير النقدي والتحليلي مما يؤدي إلى خلق افكار جديدة ومعالجة المواضيع بعمق اكثر وهذا دفعني لتوجيه العديد من الرسائل الأدبية ذات قيمة أخلاقية وفكرية
2.ما الذي دفعكِ إلى العودة للكتابة بعد انقطاع طويل، وكيف كان تأثير الغربة على صوتكِ الشعري؟
٢-بالتأكيد الغربة في المهجر لها الدور الأكبر لعودتي للكتابة من جديد فالغربة سواء كانت غربة مكانية أو ثقافية أو نفسية لها تأثير عميق على الصوت الشعري حيث يعيش الأديب المغترب مجموعة من المشاعر المتضاربة كالحزن والحنين والأمل والشك وهذه المشاعر تترجم إلى قصائد ومقالات تحمل عمقاً وتنوعاً في المعاني فالأديب المغترب يعاني من شعور بالعزلة والانفصال عن جذوره وثقافته الأصلية وهذا الصراع الداخلي يدفعه إلى التفكير العميق في هويته الذاتية ويمكن أن يكون ذلك مصدر إلهام كبير
3.بين التدريس في سوريا والجزائر، كيف أثّرت هذه التجربة على رؤيتكِ الثقافية والاجتماعية؟
٣- من خلال مسار تدريسي بين سورية والجزائر اكتسبت تجارب مختلفة وثقافات جديدة وهذا ساعدني على إغناء كتاباتي وعلى استخدام الرموز والاستعارات من ثقافة البلد الآخر
4.كونكِ عضوة في اتحاد الكتاب العرب، ما هي أبرز التحديات التي تواجه الكاتبات السوريات اليوم؟
٤-بشكل عام الكاتبات يواجهن مجموعة من التحديات مثل الجندرة رغم التقدم في مجال المساواة بين الجنسين والكاتبات السوريات على وجه الخصوص يعانين من الرقابة والقمع في التعبير الحر ونقص الفرص والموارد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والنزوح عن الوطن إضافة إلى فقدان الأمن والاستقرار مما يؤثر على إمكانيتهن في مواصلة الكتابة والنشر
5.حصلتِ على عدة ألقاب أدبية، مثل سفيرة السلام وسفيرة الإنسانية والثقافة العربية، كيف تعكس هذه الألقاب مسؤوليتكِ ككاتبة؟
٥-بالتأكيد الألقاب الأدبية تضيف للأديب بعداً إضافياً يتطلّب منه ليس فقط الإبداع الأدبي بل أيضاً المشاركة الفعّالة في بناء مجتمع أفضل ونشر القيم النبيلة كما أنّ هذه الألقاب الأدبية تضيف بعداً جديداً لمسؤوليات الأديب وتجعله يحمل رسالة أعمق تتجاوز الكتابة الأدبية التقليدية إلى الترويج للسلام والثقافة وتعزيز قيم السلام والتعايش السلمي بين الناس و التأثير على القرّاء من خلال الكتابة وتوعيتهم بالقضايا الاجتماعية وتعزيز الحوار الثقافي وتقديم نموذج ايجابي يلهم الآخرين لتحقيق النجاح
6.نشرتِ مجموعتين شعريتين قبل الحرب السورية، كيف ترين الفارق بين كتاباتكِ قبل الغربة وبعدها؟
٦-اكيد هناك فارق كبير في كتاباتي قبل الغربة وبعدها من حيث العمق في المشاعر قبل الغربة كانت كتاباتي معظمها تأملية عن نوازع الحب والهيام أفكار عادية لا عمق فيها بينما في المهجر أصبحت معظم كتاباتي عن الوطن والحنين والشوق وألم الغربة والشعور بالتيه وضياع النفس وبعمق المشاعر التي أعاني منها بسبب بعدي عن الوطن
7.كتبتِ في النقد الأدبي وفق النهج الذرائعي، كيف وجدتِ هذا المنهج في تحليل النصوص الأدبية؟
٧- هذا صحيح وقدصدر لي كتاب بعنوان دراسات نقدية علمية معاصرة طبقاً للنهج الذرائعي النقدي العربي لعدة أدباء من النخب في الوطن العربي سواء شعراء أو روائيين أو قاصّين وذلك لقناعتي بهذا المنهج النقدي كونه منهج علمي موضوعي يحترم النص وصاحب النص وبموضوعية تامة بعيداً عن النقد الانطباعي الانشائي والشخصنة حيث يتناول هذا المنهج العلمي العتبة البصرية بدءاً من الغلاف والعنوان مروراً بداخل المنجز الأدبي حيث نقوم بدراسة البؤرة الفكرية الثابتة والمدخل اللساني والجمالي ثم المستوى النفسي والمدخل السلوكي والعقلاني وبالتالي الأيدولوجية الفكرية الثابتة للكاتب
8.كيف ترين دور النقد الأدبي في تطوير المشهد الثقافي العربي؟
٨-يلعب النقد الأدبي دوراً كبيراً في المشهد الثقافي من خلال تحليل وتقييم الأعمال الأدبية على أسس موضوعية والإشارة إلى نقاط القوة والضعف وهذا يساعد الأديب على تحسين أعماله وتطوير مهاراته والنقد يوجه القرّاء وتعريفهم بالأعمال الأدبية القيّمةوالمهمة إضافة إلى تعزيز الحوار الثقافي بين النّقاد والكتّاب والقرّاء مما يسهم في إثراء المشهد الثقافي العربي
9.ما الذي يميز ديوانكِ “على كتف النهار” عن أعمالكِ الشعرية السابقة؟
٩-ديواني الشعري بعنوان “على كتف النهار”يتميّز عن غيره كون نصوصه الشعرية نثرية وشعر حر وشعر التفعيلة وقد حمّلته هموم الوطن والغربة ومآسي الحروب في معظم نصوص الديوان
10.في “منابتُ الحَور”، ما هي الفكرة التي أردتِ إيصالها للقارئ؟
١٠-ديواني الشعري بعنوان “منابت الحور “أردت من خلاله توجيه رسالة للأديب إن أراد النجاح وإثبات إبداعه أنْ يكون مُلمّاً بكل ألوان الشعر سواء الكلاسيكي العمودي على البحور الخليلية أو شعر التفعيلةوالشعر الحر والقصيدة النثرية
11.أصدرتِ مؤخرًا رواية “ياسمين سومري”، ما الذي دفعكِ للانتقال من الشعر إلى السرد؟
١١-حقيقة الذي دفعني للانتقال من الشعر إلى السرد في روايتي “ياسمين سومري هي الأحداث الدامية والقاسية التي عشتها في بلدي الحبيب سورية أثناء الحرب واستمرت أعواماً عديدة بعد نزوحي من وطني الأم فأردت تذكير القرّاء بهذه الأحداث الدامية ولو بشكل غير مباشر
12.كيف استطعتِ تحقيق توازن بين عملكِ التربوي ومسيرتكِ الأدبية؟
١٢-بالتأكيد تنظيم الوقت بالإضافة للطموح والتصميم والإرادة من أهم الوسائل التي اعتمدتها لتحقيق هذا التوازن بين عملي التربوي ومسيرتي الأدبية للوصول إلى الهدف الذي أتطلع إليه
13.ماذا أضاف لكِ التعاون مع المنصات الثقافية المختلفة مثل “منصة ثقافة إنسانية” و”صحيفة الحرف الأدبية”؟
١٣- التواصل مع الأدباء وإنتاجاتهم الأدبية وبالتالي تحقيق الطموح الأدبي الذي أسعى إليه والتلاقح بين الثقافات المختلفة من خلال هذا التواصل بين الأدباء
14.تم تكريمكِ من قبل اتحاد الأدباء الدولي، كيف ترين أثر هذه التكريمات على مسيرتكِ الإبداعية؟
١٤-التكريم يُحمّلني مسؤولية كبيرة على تطوير كتاباتي والسير بطريق الأدب الرصين
15.هل هناك مشروع أدبي جديد تعملين عليه حاليًا؟
١٥-عندي حالياً مشروع أدبي جديد هو طباعة ديوان خاص بالقصيدة السردية التعبيرية التي تكتب كتلة واحدة بشكل أفقي انسيابي ومتخمة بالمشاعر والاحاسيس والصور الشعرية والدلالات الرمزيةوالانزياحات
16.كيف تصفين علاقتكِ بجمهوركِ الأدبي، وهل تأثرت بوسائل التواصل الاجتماعي؟
١٦- علاقتي متوازنة مع جمهوري الأدبي لأنني معتادة أن أمسك العصا من منتصفها في جميع المجالات وهذا يساعدني على التوازن النفسي وبالتأكيد تأثرت بوسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً بنتاج أدباء النخب الأدبية
17.ما النصيحة التي تقدمينها للشاعرات والكاتبات العربيات في المهجر؟
١٧-نصيحتي للشاعرات والكاتبات العربيات في المهجر الحفاظ على الثقافة الأصلية من خلال القراءة المستمرة للأدب العربي وتبادل الأفكار والتجارب مع كاتبات أو مجموعات أدبية في المهجر أقولُ لهن كوني مرنة وصبورة لتحقيق أهدافك الأدبية مهما كانت الظروف واكتبي عن تجربتك في المهجر كمصدر للإلهام حافظي على التوازن بين حياتك الشخصية والكتابة
18.كيف ترين دور الأدب في الحفاظ على الهوية الثقافية وسط التغيرات العالمية؟
١٨-الأدب عندي ليس ترفاً ذهنياً وليس مجرد وسيلة للتسلية بل هو وسيلة حياة أعيش من خلاله ورسالة سامية الأدب هو أداة قوية للحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيزها في ظل التغيرات العالمية المتسارعة فمن خلال القصص والروايات والقصائد تستطيع الأجيال القادمة التعرف على تاريخهم الثقافي والحفاظ عليه لأنّ الأدباء يعكسون من خلال أعمالهم الأدبية الإبداعية الحياة اليومية والشخصيات والأحداث التي تعبّر عن ثقافتهم وبالتالي يحافظون على اللغة كي تبقى لغة حيّة كون اللغة هي جزء من الهوية الثقافية والأدب يسهم في الحفاظ على جاذبيتها لأنّ الأدباء يمكنهم استخدام كتاباتهم للدفاع عن التراث الثقافي والحفاظ عليه
19.ما رأيك بالملتقيات الشعرية وخصوصاً ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد؟
١٩-الملتقيات الشعرية متباينة في مستواها الثقافي فبعضها سامق وبعضها الآخر دون المستوى المطلوب حسب القائمين عليها وبالنسبة لملتقى الشعراء العرب برئاسة الشاعر المبدع ناصر رمضان عبد الحميد
هو صرح ثقافي أدبي رصين يهتم بكل الانتاجات الأدبية الرصينة ويعزز دور الأديب في الساحة الأدبية بشكل عادل وموضوعي فهنيئاً للأدباء بهذا الصرح الادبي الثقافي والمعرفي السامق
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف.
