
“حب في ظلال الجبال”
في قرية صغيرة تقع بين أحضان جبال الأطلس، كانت تعيش فتاة تدعى فاضمة، شابة رقيقة القلب، جميلة كزهور الربيع، قوية كأشجار الأرز التي تحيط بقريتها. كانت تساعد والدتها في الحقل، وتعجن الخبز في الصباح، وتنشد الأغاني الأمازيغية القديمة كل مساء.
أما حمو، فكان راعيًا شابًا، يملأ الأفق بصوته العذب وهو يغني للأغنام تحت سماء زرقاء صافية. كان قويًّا، شجاعًا، ولكنه كان يخفي في عينيه حزنًا دفينًا، فقد نشأ يتيمًا بعد أن فقد والديه في صغره.
كبرت فاضمة وحمو معًا، كانا صديقين منذ الطفولة، لكن مع مرور الأيام، بدأت مشاعرهم تتحول إلى شيء أعمق. كان حمو يسرق النظرات نحوها وهي تجمع الحطب، وكانت فاضمة تبتسم كلما مر بها وهو يعزف على الناي.
ذات يوم، قرر حمو أن يصارح فاضمة بحبه. اجتمع شجاعته وقال لها عند عين الماء:
“فاضمة، قلبي لم يعرف الحب إلا عندما نظرت إليكِ، وأحلم أن نبني بيتًا يملؤه الدفء كما تملئين أنتِ كل شيء بالحياة.”
احمرّت وجنتاها، لكنها همست: “وأنا أيضًا أشعر أنك نصفي الآخر، لكن والدي قد وعدني لابن عمي الثرّي، وأنا لا أستطيع كسر كلمته.”
لم يستسلم حمو، وقرر أن يثبت لأهلها أنه ليس مجرد راعٍ بسيط، بل رجل يستحق حب فاضمة. عمل بجد، واشترى قطعة أرض صغيرة، وبدأ في زراعتها. ومع مرور الشهور، أثبت للجميع أنه قادر على بناء مستقبل مشرق.
عندما رأت والدة فاضمة صبره وإصراره، تحدثت إلى زوجها قائلة:
“أليس الحب الصادق أهم من المال؟ حمو يحب ابنتنا بصدق، وسعادتها معه ستكون أثمن من أي ثروة.”
بعد صراع طويل، وافق والدها أخيرًا على زواجهما. وفي ليلة مقمرة، اجتمعت القرية كلها تحت ضوء النجوم، تعلو أصوات الزغاريد، وتدوي الدفوف معلنة فرحة زفاف فاضمة وحمو.
وهكذا، كتب القدر قصة حب لا تُنسى، حيث انتصر الحب رغم كل التحديات، وبقيت قلوبهم متحدة كجبال الأطلس التي شهدت ولادة حبهم.
النهاية
فاضمة موحى