
شفاه الصمت
اليوم لن أنبش أكوام أوراقي كي استل منها نصا يبوح بمكنون نفسي ومشاعري المتكدسة فوق مدمعي،
ولن أترك يراعي ينساب عذريا، فيأتي حقيقيا صادما كي لا يرهب عقلي، فتهرب على إثره رزانة خواطري.
بل سوف أخوض تجربة كتابية جديدة أحاول أن أكتب نصا فارغاً من المعنى عارياً بلا تنميق، أتركه في مهب الضياع مثل شجرة خريفية جافة وحيدة يائسة تصارع الرياح.
هكذا هي الكلمات عندما تيبس على شفاه الصمت تصبح خانقة موجعة متعسرة حتى الموت.
وحين يأتي الربيع مبتهجاً بحسنه، وغنج ورده وخضرته، فينتفض البوح على وحدته ووقته الكئيب الفائت تأبى الكلمات الاستسلام، وتهاجر الحروف مواسم القصيد.
ويصل طول خريف البوح ويالوحشة موت الكلمات في كهوف الصمت الطويل.
أما أن تسأل عن قسوة الصمت؟
أقول:
قسوة الصمت تكمن في تلك المشاعر الأبدية المائجة في حنايا الروح التي تزلزل الكيان، وتربك ثواني العمر دون ثغرة تمكن البوح من التنفس، يتولى الضغط على ما قبله، حتى ينفجر ثم تعاد الكرة تلو الكرة هكذا حتى انقضاء الوقت الذي يعصف بالأفكار يبعثر التعابير، ويبقى المراد شتات بوح على ناصية اللغة كما طائرا مهاجراً أضاع سربه والسماء.
يسرى هاني الزاير