
عن العزلة التي أنقذتني
✍ | #عبدالرحمن_السري
في زمنٍ يملؤه الضجيج وتغمره الأضواء، تبدو العزلة كملاذٍ نادر وغريب. لكنها ليست دومًا مأساة، بل قد تتحول إلى نبعٍ من السكينة ومصدرٍ للحياة.
في تلك اللحظات التي تُترك فيها بينك وبين نفسك، بعيدًا عن صخب العالم، تبدأ الرحلة الحقيقية إلى الداخل، إلى الذات التي نسيناها أحيانًا وسط الزحام.
العزلة ليست فراغًا، بل هي مساحة للإصلاح. حينما تجلس وحدك، تواجه كل الأفكار التي هربت منها، تستمع إلى صوتك الداخلي دون تشويش، تكتشف أن في داخلك قوةً لم تعرفها من قبل. في صمت العزلة يولد الفهم، وتنتعش الأحلام التي خمدت في زحمة الحياة اليومية.
هي ليست قسوة الوحدة، بل نعمة تزرع فيك السلام. تعلمك كيف تحب نفسك، وكيف تعانق هدوءك دون خوف. العزلة التي أنقذتني كانت بمثابة صديق وفي، يقف بجانبي حين تغادرني كل الأصوات. علمتني كيف أتنفس ببطء، كيف أنظر إلى أشيائي من زاوية جديدة، وكيف أبدأ من جديد عندما ينهار العالم الخارجي.
قد يظن البعض أن العزلة تعني الوحدة الحزينة، لكنني رأيتها فرصة للتجدد، فرصة لتأمل المعنى الحقيقي للوجود، فرصة لإعادة ترتيب أولوياتي. في قلب العزلة وجدت الصفاء، وفي عتمتها لمع نور بداخلي.
لذا، حين تشعر بثقل العالم على كتفيك، لا تخف من الانعزال قليلاً. جرب أن تكون وحدك، لا تهرب، بل احتضن نفسك. لأن العزلة قد تكون هي النافذة التي تفتح بها أبواب الأمل من جديد…!