
صباح بسحر البنفسج
………………
حتى الصباح تنضج قصائدي على خثرات السهاد ولما يستوي البوح تتوهج تفعيلات قوافيها على نسق الشوق. أصابعي تئن من ملامسة يراع الاعتراف، كلما اقترنت بنزق خواطري تفيض مآقي الورق حتى تلفظ حبرها الأخير.
لم أزل كما كنت منذ الطفولة أحبس لساني بالصمت إن جلدتني كلمات الورى حتى ما إذا نغزت أحجارهم شغافي أرخيت حبال ودهم، ولم أبقِ على نبضة أثرِِ لهم في قلبي.
مقتضبة قطرات الندى مع تلهفي لبرودة مائها، إنها تتخطى حواجزي لمغازلة وجوه الأشياء المحيطة بي قبل أن تهاجمها خيوط الشمس فتبسط نفوذها على الكائنات. أحداث شتى تمر من أمامي يؤرخها نظري الملاحظ المتأمل لآيات النهار الناطقة بالجمال، وبين تلك المشاهد التي تلتقطها عيني أنسى قليلًا لذعات البؤس المسيطرة على أطر أيامي.
أغالط هواجسي عندما أتنفس عطر الصباح
أحاول حشد أنفاسي للداخل وملء كل ثقوب رئتي بالنسمات وطرد انبعاثات الذبول مع كل زفرة تنطلق من أنفي، ومع كل شهقة تنزلق للأعماق تخف أوزار التعب العالقة في صدري.
مع انصداع الصباح تصفو أفكاري وتستقيم معاني أشعاري على أوزان البحر حيث ترقص على موسيقى الروي حروف الأنس التواقة لشقاوة التغزل بسحر البنفسج.
أيها الفجر لا تتسرع في المضي وانتظر في أفق تأملي فإنني لعلى شغف غريب في الوقوف بين يديك، لا تغادرني دون أن تترك لي موعدًا لحياة أخرى مطرزة بالانشراح. سأبقي نوافذ ذاتي منفتحة دائما حتى تلج إلى أضلاعي أنفاسك الربيعية المتجددة.
نافورة الصباح تلطف أجواء الريح التي تتوافد من أيسر قلبي وترتل ما تيسر من سورة الحب على كراسي المنتزه حيث لا حضور هناك إلا لعابر يتصبب حسرة، لوّث البين آخر ذرات المشاعر في أحشائه المتصحرة بفعل انهيارات الثقة المطلقة، ولما تدلى سمعه لصدح التراتيل انطفأت نار الندم الثائرة في براكين روحه وطفق ينثر مياه النسيان عليها، وراح يكتب على وجه الصباح عبرة لن تنسى ( لا عتاب لمن رحل بإرادته ).
بقلم. أسماء الشيباني