أوجاع لا يراها أحد
تحدث الكثيرون اليوم عن الدراسات النفسية والمعالجة الحديثة لحالة القلب المنكسر تلك الحالة التي يعيشها كثيرون نتيجة الخذلان التعلّق أو حتى التراكمات الصغيرة من الأذى لكن الإسلام سبقهم جميعًا إذ لم يتعامل مع القلب كعضلة بل كجوهر الإنسان وروحه ومستقر مشاعره بل ومحلّ نظر الله في تعاليم الإسلام وتحديدًا في وصايا أئمة أهل البيت عليهم السلام نجد أن كسر القلب ليس مجرد حالة نفسية بل قضية أخلاقية وإنسانية عميقة فيها مسؤولية وحق وأثرلا يُستهان به وفي زحمة الحياة وبين ابتساماتٍ نخفي خلفها أوجاعنا هناك قلوب تمشي على الأرض مكسورة لا لمرضٍ جسد بل لأذى أصابها من بشرٍ آخرين قد يكون قريبًا أو حبيبًا أو صديقًا غدر لكن الكسر وقع والندبة باقية لا يأتي الأذى من الغرباء بل من زميلٍ تلفظ بما لا يليق سماعه أو نظرة استعلاء أو كلمة سُمم بها يومك دون مبرر إنه ذلك من الألم الهادئ لا يعلو صوته لكنه يترك في الداخل شيئًا ناقصًا أو مكسورًا لا يراه أحد.
لماذا يؤلمنا البشرأكثرمما ينبغي؟
لأن القلب بطبيعته ليس مصممًا لتحمل الغدر ولا القسوة نحن نمنح ثقتنا ونبني مساحات من الأمان فإذا جاء الأذى من داخل هذه الدائرة كان الصدأ أعمق والكسرأوجع قد يقال لا تأخذ الأمورعلى محمل شخصي لكن الحقيقة أن الأذى
الشخصي يحدث غالبًا بصيغة غير شخصية من كلمة عابرة تجاهل متكررأوخذلان غير مبرر وهنا تكمن المأساة أن كثيرًا من الناس يؤذون ولا يشعرون ولا يراعون ويظنون أن اللسان ليس سكينًا
القلوب التي لا تُرى ومما حدثنا به أئمة أهل البيت عليهم السلام نجد اعترافًا عميقًا بجرح القلوب لم يكن الحديث عندهم فقط عن الإيمان والعقيدة بل عن الإنسان وهمه وحزنه ومكانة القلب في كل ذلك
الإمام علي عليه السلام يقول:القلوب صحائف فاحرص أن لا يراك الله فيها إلا بخير(نهج البلاغة )بمعناه وإذا كانت القلوب صحائف فإن الكلمات والأفعال التي نلقيها على الآخرين تُكتب فيها إما كدواء أوكندبة
ما الهدف من طرح هذه الفكرة؟
أننا كثيرًا ما نظن أن الكلام يُنسى وأن العلاقات تُرمم لكن القلوب لا تُبرمج بهذه السهولة ومن واجبنا أن ننتبه لما نُسكنه في قلوب غيرنا لأن الكلمة ليست مجرد صوت بل قد تكون قنبلة تنفجرفي الداخل بصمت ومن واجبنا أيضًا أن نعيد التفكير
هل كنت يومًا سببًا في كسر قلب أحدهم؟
هل أُخذت كلمتي باستخفاف لكنها جرحت أحدهم بعمق؟
هل تجاهلت ألمًا في عين من حولي فقط لأني مشغول أو غير مبالٍ؟
و لمسؤولية الكلمة والقلب فحين تُكسرالقلوب لايُسأل فقط من كسرها بل كيف سنداويها؟
نحن مسؤولون عن كلماتنا وأفعالنا التي قد تكون جرحًا عميقًا أو شفاءً رفيقًا فلنحذر
أن نكون سببًا في كسر قلبٍ من حولنا ولنعمل على أن نزرع بالحب واللطف ما يُجبر تلك القلوب حتى وإن كنا لا نعلم حجم الألم الذي قد نخلفه بصمت وتبقى القلوب هي أثمن ما نملكه ولها علينا حق الحماية والرعاية بما نُقوله وبما نفعله وبما نتجنبه لنُعيد النظر في طريقتنا مع بعضنا فنكون للقلوب ملجأ لا سكينًا.
منار السماك
أوجاع لا يراها أحد /منار السماك
أوجاع لا يراها أحد تحدث الكثيرون اليوم عن الدراسات النفسية والمعالجة الحديثة لحالة القلب المنكسر تلك الحالة التي يعيشها كثيرون...
اقرأ المزيد