طفلة الحسون
قصة قصيرة
كانت قطرة الندى قد عقدت العزم .
رحلة طويلة تنتظرها ، ما بين شُرُفات الذبياني وأقدام ابن بطوطة .
لم تستثنِ شعراء المهجر، ولا من بكفِّه
طير الوروار، ولا من خبأ قصيدته في جراب راعٍ يمرُّ كل مساء على حدود الزمن .
*سلِّملي على الحبايب *
كانت جملتها الوحيدة التي تهمس بها كلما فتحت نافذتها على شمسٍ جديدة. تقولها للقصائد. وللفراشات، ولأشجار التين المبتورة الفصول.
كانت تناديها على متن زورق صغير ، يطفو فوق نهر الأمازون ، على مقربة من مجرة التبانة .
الكل يجري ….
كأن الوحوش أطلقت من صدور الناس ، لا أحد يلتفت لصورة سقطت من جدار ، ولا لفكرة تنتحب فوق الرصيف .
الغيوم مليئة برسائل مهملة ، والهواء ملوّت بأحلام غير مكتملة .
قصصها تتسائل :
لماذا لا أحد يراها ?
هل الجمال أصبح ترفاً ?
هل الفن أصبح شيئا يُرمى في زوايا النسيان?
كأن الإنسان نائم، تشرق عليه الشمس ، تمد له يدها ، لكنه يعاند ذاتهُ، ويستسلم للآلة التي احتلت حياته. تأمره، ويطيع.
يريد أن يفهم. لكنه لم يُدَرَّب
فُوجئ بالحياة ، فخبط خبط عشواء .
ثم اكتشف أن لديه عقلًا….. فتسائل : هل هذا تطور? أم خطأ مطبعي في كتاب الوجود ?
في منتصف الهلوسة ، صرخة تشقُ الليل :
أ بَترُ رحمي …أحدث كل هذه الضجة ?
أم أفرغ المكان للمزيد من أحاديث السراديب ?
تبحث عن العراة….عن حفاة الوجود ….عن الذين لم يصبهم الطلاء، ولا التجميل، عن الذين يصلون على رفاة بعيرهم ، ولا يخجلون البكاء .
قالت : **سأخرج كل ما في جوف صبري حتى لا يبقى إلا الصبر نفسه. نعم ، تا الله ، لأجمعنًّ الأخضر، واليابس، والمهترئ. كل شيء يعاد تدويره، حتى الحبّ.**
طفلة الحسون ، تلك التي أحبت غدًا، ولم تنتظر .
لستُ الشاعر أنس الدغيم، ولا أملك ذاكرة ملساء ، لكنني أصنعُ طائرات ورقية من الماء ، وأدق بابك، اسمعيني ياجارة الوادي .
هل تسمعين ?
إنها البداية وربما النهاية ….أو مجرد نقطة جديدة في لولب لا ينتهي.
ميكو هناء