إضاءة على قصيدة “وأعود”
للشاعرة اللبنانية : زينب الحسيني.
بقلم الروائي والناقد العراقي الأستاذ حمودي عبد محسن.
القصيدة:
وأعود ..
كم إخال ذاتي
سفينة تائهة شريدة المحطات ..
غافلة عمن يحرِّكها
كيف يجذبها ؟ !
يصرعها ثم يغويها..
يداريها ،ولا يعنيه
ما يصطخب من الأنواء فيها ..
تارة تعتلي زبد الموج
وحينا تختفي
في التيه أعاليها ..
لكنها، تواصل الطريق
لا تعرف بدءاً لها
ولا كيف تنهيها …
تختفي أمام ناظريَّ الحدودُ
بين الحاضر والآتي
بين المرئي واللامرئي
بين الكلامِ والصمت
بين الظلام والضَّوءِ..
…وأعودُ
لألوذَ في أعماق ذاتي …
زينب الحسيني/لبنان.
الإضاءة:
هذه القصيدة النثرية رمزية – تعبيرية من حيث مدلولها، والإحساس بالواقع المعاش خاصة ونحن نعرف ان الأمواج احيانا تتلاطم بصخب او تقبل بعضها بعضا بشفافية حينما يكون البحر هادئا، وعادة السفينة تضم ما تحتويه بتساو، فالكل يغرق حين تجرفها الأمواج إلى عمق البحر، وكلهم ايضا ينجون إذا كان البحر ساكنا، فقد اختارت الشاعرة زينب رمز الوجود سفينة في بحر، وهذا ما يدل على عمق المفهوم الفلسفي – العاطفي الذي تتناوله الشاعرة، فكيف، واذا كانت السفينة تائهة في سعة البحر، وهذا يشير لنا عن جوهر الاغتراب الذي تناوله كافكا في روايته (المسخ). نعم، الشاعرة توجز التيه؛ ليس تيه الذات الوجدانية فقط بل مصير الانسان عموما في تأزم الحالة الراهنة للبشرية، لذلك جاءت القصيدة النثرية موجزة مكثفة ذات لغة انسيابية شفافة لموضوع واحد: وهو ان مصير البشر يندرج في وحدة واحدة بين الحياة والبؤس، لكن السفينة تمخر البحر، ولابد ان تصل شاطيء الأمان. هذه القصيدة تندرج في الحداثة لأنها كثيفة ومعبرة وتوجز شجرة الحياة ورعايتها قبل ان تجف اوراقها، وتسقطها رياح الخريف…. دام تألقك شاعرتنا المميزة زينب التي تلتقطين جوهر الفكرة في عالم ينحو نحو المجهول. دام ابداعك الجميل، ودمت انت للإبداع المميز.
الأديب الأستاذ حمودي عبد محسن/العراق.