(حين يُباع الباب صمت وسقوط مخفي)
بقلم: [منار السماك ]
في صباح رمادي خرج أحد الجيران ليلتقط جريدته فاكتشف أن بيت الرجل الذي في الزاوية بلا باب لا كسر لا خشب مخلوع ولا أثر لمعركة فقط فراغ صامت كأن الحائط تنفس فجأة وترك جرحًا مفتوحًا
ضحك البعض وسخر آخرون ثم قال أحدهم: يمكن الريح سرقته
لكن الحقيقة كانت أعمق وأوجع.
لم يُسرق الباب… بل باعه
استيقظ الرجل ذات صباح ليجد أن باب بيته قد اختفى الفتحة في الجدار لم تكن سوى صمتٍ معلق بين الداخل والخارج لم يشتكِ لم يرفع صوته بل جلس كأنه ينتظر شيئًا لا يأتي.
وتساءل الجيران بدهشة:
• هل سُرق الباب؟
• هل انسحب الرجل من الحياة وبدأ ببابه؟
لكن الحقيقة كانت أقسى وأبسط هو من باعه باعه كما باع قبل ذلك:
• أدوات مطبخه
• مرآته
• سترته الشتوية
• صور أمه
• وحتى ذكرياته…
وفي النهاية باع آخر ما يفصله عن السقوط لم يكن المال السبب الوحيد.
كان يبحث عن شيء واحد:
جرعة تريح رأسه ساعة وتخرب حياته سنوات.
الباب ليس خشبًا فقط الباب ليس شيئًا ماديًا بسيطًا.
الباب هو:
• الحاجز بينك وبين الفوضى
• إعلان أن لك مساحة تخصك
• دلالة على أنك موجود وتستحق أن تبقى آمنًا
بيع الباب ليس تخليًا عن الخشب بل عن الكرامة والأمان والنفس حين لا نواجه الحقيقة نخترع كذبة
عندما يصعب علينا الاعتراف بالسقوط نقول:سُرق الباب.
كأن الانهيار مؤامرة خارجية وليس نتيجة اختيارات داخلية لكن الحقيقة: الأبواب لا تُسرق بل تُباع
حين ننسى أننا نستحق أن نحمي أنفسنا.
الإدمان لا يبدأ بكارثة بل بهدوء قات
• يسرق نومك
• يربك أفكارك
• يقنعك أنك تتحكم
• ثم يجعلك ترى نفسك ضحية
• ثم يأخذ كرامتك دون مقاومة
وفي النهاية
تقف أمام فراغ في الجدار تخجل من الاعتراف فتقول: الريح سرقته
لكن من يعرفك جيدًا يعرف أنك أنت من باعه ليست قصة رمزية بل مرآة مشروخة الإدمان لا يخطفك دفعة واحدة بل يشتريك على أقساط:
• جزء من نومك
• قطعة من وعيك
• وجه من تحب
• ثم قلبك… ثم بابك
وكل قرار صغير يبدو بريئًا هو لبنة تُسحب من جدارك الداخلي حتى ينهار كل شيء لا أحد يبيع بابه وهو بخير
نهاية وبداية ممكنة الإدمان لا يجبرك إلى الأبد حتى من باع بابه يستطيع أن يبني واحدًا جديدًا باب لا يُغلق على الخوف بل يُفتح لطلب النجدة وإن شعرت أن شيئًا فيك يُباع بصمت فلا تنتظر أن تُفقد كلك
اطلب المساعدة ليس عيبًا أن تتراجع
بل أول خطوة نحو أن تقول بثقة:
هذا مكاني وهذا بابي وأنا أستحق أن أكون بخير.