مقامات الطرق الخفية
في الثَّانيةِ التي تَسْبِقُ انهِيَارَ السَّاعَةِ،
حينَ يَتَكَسَّرُ الصَّمْتُ عَلَى أضْلُعِ الأَنْفَاسِ،
سَمِعْتُ نَقِيضَ الطَّرْقِ
لَيْسَ صَوْتَ بَابٍ،
وَلَا صَدًى لِغِيَابٍ…
إِنَّهُ أَنْت،
حِينَ تَدْعُوني بِحَرْفٍ لَا يَمْلِكُ اسْمًا،
وَتَحْلُق بَيْنَ ضِلْعِيَ وَظِلِّي.
أَرّتَدِي الذُّهُولَ كَثَوْبِ الْوَرَى قَبْلَ الْوِقَافَةِ،
وَأَمْشِي نَحْوَك كَمَنْ يَسْبَحُ فِي أَعْمَاقِ نَفْسِهِ.
المَدِينَةُ تَغْفُو عَلَى صَدْرِ الْحِجَارَةِ،
تُرَتِّلُ بِأَلْسِنَةِ الْأَحْجَارِ الْبُكْمِ،
وَالْحَصَى يَتَنَفَّسُ بَيْنَ حُلْمَيْنِ،
كَأَنَّهُ يَسْتَرْجِعُ زَلَّةَ آدَمَ
حِينَ سَقَطْنَا مِنَ الْيَقِينِ إِلَى جَسَدِ الدُّنُوِّ.
أَبْسُطُ اللَّيْلَ عَلَى رُوحِي كَسَجَّادَةِ الْعَارِفِينَ،
وَأَسِيرُ…
كُلُّ نَافِذَةٍ تُشْبِهُ قَفَصًا مِنْ صَفِيحٍ،
وَكُلُّ بَابٍ يَحْمِلُ دَهْشَتِي عَلَى عَتَبَتِهِ
إِذَا اخْضَرَّ بِرُؤْيَاك.
الطُّرُقَاتُ تَنْسَحِبُ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيَّ خَجَلًا،
أَوْ اعْتِرَافًا بِأَنَّ الْوُصُولَ إِلَيْك
لَيْسَ عَلَى خَرِيطَةِ الزَّمَنِ الْعَتِيقِ،
وَأَنَّ الْحُبَّ مَزَارٌ لَا يُدَلُّ عَلَيْهِ بِالْأَثَرِ.
وَأَنْت…
هُنَاكَ،
وَرَّاءَ بَابٍ لَا تُفَتَّحُ أَقْفَالُهُ بِمَفَاتِيحِ الدُّنْيَا،
وَلَا تَدْقُّهُ الْأَيَادِي،
إِنَّمَا تَفُكُّهُ دَمْعَةٌ تَهْطِلُ مِنْ عَيْنِ الرُّوحِ
قَبْلَ أَنْ تَلِجَ الْعَيْنَ.
وَوَصَلْتُ…
لَكِنَّ الْبَابَ لَمْ يَنْفَتِحْ،
وَلَا قَرَعْتُ،
وَلَا أَجَابَتْنِي وَجْهَتُكَ “كُنْتَ مُتَأَخِّرًا جِدًّا!”
وَقَفْتُ…
كَأَنِّي حَجَرٌ فِي مَذْهَبِ الْوَجْدِ،
أَوْ نَفَسٌ غَادَرَكِ ثُمَّ نَسِيَ مَخْرَجَ الْعَوْدَةِ.
فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ مُنْتَصَفِ الْفِرَاقِ،
الطَّرِيقُ يَصِيرُ سُؤالًا،
وَأَنَا…
لَا أَدْرِي:
هَلْ أَنَا الطَّارِقُ؟
أَمْ أَنَا الْبَابُ الَّذِي يَنْتَظِرُ نَفْسَهُ؟
أزهَرُ… وَاللَّامُ نِهَايَةُ الْكَلامِ…
✍🏻مريم حسين أبو زيد