✦ المرآة التي لم تُخترع ✦
✍︎ نازك الخنيزي
العدمُ كان هناك،
يكتب نفسه في غرفةٍ لم تسع الوقت،
أمام مرآةٍ لم تُخترع،
يريد أن يرى وجهه…
فأجابه الانعكاس:
من تُفتّش عنه
قد اختار ألا يكون،
أو مرّ من هنا
كظلٍّ لم يُسلّم على الضوء.
⸻
الحروف التي لم تُخلق
أرسل لها نبضة.
كانت ألفًا،
لكن الريح مالتها إلى لام،
فأضافت هي ميمًا…
وصار البدء: لم
ثم تدحرجت نقطةٌ كانت تسكن الأعلى،
فانقلب المعنى إلى: لِمَ؟
ومنذها…
صمتت اللغة،
وأغمض البياض عينيه،
كأنه اكتفى بما لم يُكتب.
⸻
الزمن لم يكن هناك،
بل تواطأ مع الصمت
على إخفاء لحظة الوصول.
حاولا اللقاء في منتصف الساعة،
ما فوق،
انسحب كضوءٍ بلا ذاكرة،
وما تحت،
ارتفع كندبةٍ لا تُرى.
وبينهما…
مسافةٌ لا اسم لها،
تتّسع كلما ظنّا أن التنفّس قد يُعيد الحكاية.
⸻
في آخر الليل،
أشعل ظلّه شمعة،
ورسم بجمرته جملةً على جدارٍ بلا جهة:
كلّ هذا الذي تسمّونه عدماً
كان تردّدًا في نطق الاسم.
⸻
لم تُكتب تلك الصفحة،
وقال الفراغ
ما عجزت عنه اللغة،
وما تبقّى…
سكن البياض كما يسكن الوعدُ فمًا لا يجرؤ على القسم.
⸻
في البياض،
كانت المرآة
تحبس صورتها
خشية أن تُعيد سؤالًا لم يُجب عليه.
@highlight
#نصوص_نازك
#نصوص_وجدانية