الشاعرة الكبيرة نوال مهني: تمثّلات الشعر والتربية والفكر الثقافي في تجربة شاعرة الصعيد ووادي النيل المعاصرة
بقلم: الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي
[email protected]
الملخص
يتناول هذا البحث تجربة الشاعرة المصرية نوال مهني بوصفها نموذجًا فريدًا يجمع بين الحسّ الشعري، الالتزام التربوي، والانخراط الثقافي الفاعل. ويركّز المقال على تحليل سيرتها الذاتية، ومنجزها الشعري والأدبي، وأثرها التربوي والمجتمعي، إضافة إلى دراسة نقدية مفصلة لقصيدتها “أنباء من كوسوفا” بوصفها نموذجًا للكتابة الشعرية ذات البُعد الإنساني والتوثيقي. تُظهر الدراسة كيف استطاعت مهني توظيف الشعر في خدمة القضايا التربوية والاجتماعية، محافظةً على الأصالة الأسلوبية والتعبيرية، كما تسلّط الضوء على موقعها الفكري الوسطي، وحضورها داخل المشهد النقدي والشعبي العربي، وتختتم بجملة توصيات تفتح أفقًا بحثيًا مستقبليًا لدراسة الشعر النسائي التربوي في العالم العربي.
المقدمة
شهدت الحركة الشعرية النسائية في مصر خلال العقود الأخيرة تحوّلًا نوعيًا أتاح للشاعرة أن تتجاوز دورها التقليدي، لتُصبح فاعلة ثقافية وتربوية ومجتمعية، تحمل خطابًا متعدد الطبقات. ومن بين هذه التجارب، برزت تجربة نوال مهني بوصفها مثالًا ناضجًا لتمثيل الشاعرة المربية والمثقفة، وهو ما يبرّر اختيارها موضوعًا لهذه الدراسة. تنبثق إشكالية هذا المقال من تساؤلين رئيسيين: كيف ينعكس التكوين التربوي والثقافي للشاعرة نوال مهني على بنيتها الشعرية؟ وما مدى خصوصيتها داخل المشهد الأدبي النسائي المعاصر؟ للإجابة، يستند المقال إلى منهج نقدي تركيبي يجمع بين التحليل الأسلوبي، السوسيولوجي، والثقافي.
الفصل الأول: السيرة الذاتية — نوال مهني بين التكوين المعرفي والمسار المهني
1. النشأة والتكوين العلمي
وُلدت الشاعرة نوال مهني في محافظة المنيا، في صعيد مصر الأوسط ، في بيئة ثقافية محافظة غنية بالتراث الشعري الشعبي والديني. انعكست هذه البيئة الريفية في لغتها الشعرية المبكرة، التي امتزجت فيها العربية الفصحى بالعاطفة الشعبية. تلقت تعليمها الجامعي، وتخصصت في دراسة الفلسفة وعلم النفس ثم دراسات خاصة في اللغة العربية والتاريخ الإسلامي والمصري، وهو موضوع تجلّى لاحقًا في أعمالها الأدبية. لُقبت الشاعرة بشاعرة الصعيد وشاعرة الوادي، نسبة إلى وادي النيل الذي تنتمي إليه وهي كاتبة وشاعرة و مفكرة واسعة الأفق.لها مؤلفات في معظم فروع الأدب .
2. المسار المهني التربوي والإعلامي
شغلت نوال مهني وظائف متعددة في الحقل التربوي، بدءًا من التدريس في المدارس الثانوية ومشرفة على الصحافة المدرسية. وكان لها دور بارز في تطوير البرامج الأدبية المدرسية، وتنظيم المسابقات الشعرية للطلبة، كما ساهمت في إعداد فقرات إذاعية تربوية، مما رسّخ صورتها كشاعرة تربوية ذات توجه إصلاحي. إلى جانب ذلك، عملت محررة في عدد من الصحف والمجلات المحلية، وشاركت في الكتابة النقدية والوجدان العام في الصحافة الثقافية المصرية والعربية. وقامت بإعداد الكثير من البرمج الإذاعية والتلفزيونية الثقافية والأدبية وكذلك برامج والمراة والطفل .
3. الانخراط الثقافي والقيادي
ارتبطت الشاعرة بعضويات في هيئات ثقافية مصرية، منها اتحاد الكتّاب و رابطة اللأدب الإسلامي والهيئة العامة لقصور الثقافة وشعراء الجنوب،وعدد من الجمعيات الأدبية ومؤسسات تربوية كثيرة . وقد ساهمت في عدة مهرجانات شعرية وطنية، وفي ملتقيات فكرية ذات توجهات تربوية وإسلامية معتدلة، ما يُبرز تعدد أدوارها الثقافية من حيث الانتماء والتمثيل.
4. مشاركات وترجمات للشاعرة / في المعاجم العربية
• دليل أعضاء اتحاد كتاب مصر ( مصر )
• دليل الروائيين العرب ( قطر )
• ديوان الشهيد محمد الدرة ( الكويت )
• معجم الأدباء الإسلاميين المعاصرين، ط 2 (الأردن )
• معجم البابطين ، ط 3 ( الكويت )
• موسوعة الشعراء العرب ( المغرب )
5. الجوائز والتكريمات
• تُوّجت تجربة نوال مهني بعدة جوائز وتكريمات، منها:
• درع النعيم من منتدى اثنينية النعيم الثقافية بالإحسااء بالسعودية (2002)
• جائزة الإبداع التربوي من وزارة التربية والتعليم المصرية. (2004)
• جائزة الشاعر محمد التهامي للشعر العمودي عن ديوان “ذات مرة”.(2009)
• درع الثقافة العامة في مؤتمر الجيزة الأدبي (الأدب ونبوءة الثورة). (2013)
• جائزة التميز من اتحاد كتّاب مصر عن مجمل أعمالها. (2014)
• ميدالية المبدعة المثالية من الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة.(2015)
• جائزة الشئون المعنوية للقوات المسلحة المصرية في القصة عن قصة “الشهيد الحي”.(2016)
• درع التفوق من الهيئة المصرية العامة للثقافة. (2016)
• درع العلامة د/ محمد إقبال من حكومة البنجاب بباكستان. (2016)
• درع رابطة الأدب الإسلامي العالمية.(2022)
• درع كلية الدراسات الإسلامية العربية للبنين بجامعة الأزهر.(2023)
• درع الشاعر عبد المجيد فرغلي.(2023)
• درع بيت الشعراء العرب بمصر.(2024)
• درع صالون يونس الثقافي.(2025)
• جائزة فلسطين العالمية لللآداب عن المسرحية الشعرية ( علي عتبات القدس) وهي جائزة عالمية رفيعة المستوى.
بالإضافة إلى عشرات من المدليات و شهادات التقدير من الجامعات والروابط الأدبية وأقيمت عشرات الندوات لمناقشة أعمالها، وكتبت عنها دراسات من أدباء ونقاد متخصصين.
وتُعَد هذه الجوائز مؤشرًا على تقدير الجهات الثقافية والتعليمية لدورها التكاملي بين الشعر والتربية.
6. إنجازات ومساهمات الشاعرة نوال مهني الأدبية والثقافية
تعتبر الشاعرة نوال مهني من الشخصيات الأدبية البارزة التي أثرت المشهد الثقافي بمشاركاتها المتعددة وإبداعاتها الغنية. لم يقتصر دورها على التأليف في مختلف فروع الأدب من شعر وقصة ورواية ومسرح، بل تعداه إلى المشاركة الفعالة في العديد من المؤسسات والمنظمات الأدبية والثقافية، محليًا ودوليًا.ــ كما أن لها جائزة سنوية بإسم الشاعرة نوال مهني للشعر الفصيح تحت رعاية اتحاد كتاب مصر .
1. مناصب قيادية وعضوية في منظمات كبرى:
• نائب رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، كما تشغل منصب رئيسة لجنة الأديبات بالرابطة في مصر، وعضو مجلس الأمناء بالرابطة في الرياض.
• عضو مجلس إدارة اتحاد كتّاب مصر ورئيسة اللجنة الفكرية بالاتحاد.
• عضو مؤسس ورئيسة نادي الأدب بمحافظة الجيزة لعدة دورات.
2. عضويات محلية ودولية:
• عضو منظمة الكتّاب الأفريقيين الآسيويين.
• عضو اتحاد الجامعات الأفروآسيوية للأكاديميين والكفاءات.
• عضو رابطة الأدب الحديث بالقاهرة.
• عضو جمعية الكاتبات المصريات بالقاهرة.
• عضو نادي القصة المصري.
• عضو دار الأدباء بالقاهرة.
3. مساهمات أخرى:
• عضو مؤسس في ندوة ملتقى الأربعاء بنقابة الصحفيين المصرية.
• عضو مؤسس ملتقى المبدعات العربيات بالقاهرة.
• محاضر مركزي بالهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر.
• عضو أمانة مؤتمر الإقليم لعدة دورات.
الفصل الثاني: المنجز الشعري والأدبي — البنية الفنية، الموضوعات، وأفق التجديد
1. الدواوين الشعرية للكبار والصغار
أصدرت الشاعرة عددًا من الدواوين التي تخاطب جمهورًا متعددًا:
• للكبار: مثل أغاريد الربيع “أنغام ثائرة” و “ذات مرة” ، وبين ضفاف الحياة وهي أعمال تميّزت بالخطاب الوطني، الوجداني، والصوفي، مع توظيف لبلاغة الصورة وانكسار الإيقاع.
• للصغار: مثل ديوان “لعبة لحروف” و ديوان الطفولة : مجموعات قصصية مثل مغامرات فسدق وبندق ومكتبة ندى ، وهي أعمال اعتمدت على أسلوب تبسيطي غني بالرمزية، بهدف غرس القيم وتشكيل ذائقة لغوية مبكرة للأطفال.
2. الكتابة المسرحية والأزجال باللهجة العامية
قدّمت الشاعرة عددًا من المسرحيات الشعرية الموجّهة للطلبة والمهرجانات التربوية، ومنها مجموعة مسرحيات قصيرة بعنوان “لمحات من عبق التراث ، الذي يُمثّل سردًا وطنيًا بلغة شفوية شاعرية. كما كتبت بالأزجال العامية المصرية نصوصًا ذات طابع نقدي اجتماعي، مثل موال من بلدي “، وأظهرت فيها قدرة على تطويع اللهجة العامية للرسائل الشعرية دون أن تفقد فصاحتها الجوهرية.
3. الكتابة النثرية: مقالات ودراسات تربوية
إلى جانب الشعر، انخرطت مهني في كتابة المقالات النقدية والتربوية، خصوصًا في المجالات التعليمية والثقافية. تناولت قضايا مثل “الشعر كأداة تربوية” و”صورة الأم في الأدب المدرسي”، وهو ما يدل على انشغالها بالفكر التربوي كجزء من مشروعها الثقافي.
تعد الشاعرة والأديبة نوال مهني من الأسماء البارزة في المشهد الأدبي العربي، حيث قدمت إنتاجًا غزيرًا ومتنوعًا شمل الشعر والنثر والمسرحيات والروايات والقصص القصيرة وكتب الأطفال، فضلًا عن مشاركتها الفاعلة في المؤتمرات الأدبية المصرية والعربية.والإسلامية بأبحاث قيمة ,
تميزت مسيرتها الإبداعية بتوثيق عطاءاتها في أكثر من ثلاثين مؤلفًا، تنوعت بين الدواوين الشعرية العميقة، والمسرحيات الشعرية والنثرية، والروايات التاريخية والاجتماعية، بالإضافة إلى إسهاماتها المهمة في أدب الطفل والدراسات النقدية. كما كتبت مقدمات للعديد من الكتب والدواوين لزملائها الأدباء، ونشرت إبداعاتها في صحف ومجلات مصرية وعربية مرموقة مثل الأهرام، الهلال، الأزهر، منبر الإسلام والشرق الأوسط، والأدب الإسلامي وحواء والمجلة العربية.: ومجلات الأطفال مثل : قطر الندي والفردوس
وفيما يلي قائمة مؤلفاتها المنشورة، والتي تعكس ثراء تجربتها واتساع آفاقها الإبداعية:
مؤلفات الشاعرة/ نوال مهني
1. نبع الوجدان (ديوان شعر) – دار الفكر العربي، القاهرة – 1991.
2. أغاريد الربيع (ديوان شعر) – دار الفكر العربي، القاهرة – 1993.
3. الفارس والأميرة (مسرحية شعرية) – دار الفكر العربي، القاهرة – 1995.
4. ذات مرة (ديوان شعر) – دار الفكر العربي، القاهرة – 1997.
5. رحلات ابن بطوطة (سلسلة أطفال) – دار قباء، القاهرة – 1999.
6. أصل الحكاية (سلسلة أطفال) – دار قباء، القاهرة – 1999.
7. الجميلة والعراف (مسرحية شعرية) – مكتبة الآداب، القاهرة – 2000.
8. أغاني الطفولة (ديوان شعر) – مكتبة الآداب، القاهرة – 2000.
9. موال من بلدي (أزجال عامية) – دار حراء، المنيا – 2001.
10. أوراق شاعرة (كتابات نثرية – الجزء الأول) – دار حراء، المنيا – 2001.
11. فيض الأشجان (ديوان شعر) – مكتبة الآداب، القاهرة – 2003.
12. أناشيد الطفولة (ديوان شعر) – مكتبة الآداب، القاهرة – 2003.
13. شاعرة من مصر (جزءان – إعداد) – مكتبة الآداب، القاهرة – 2006.
14. حذر فزر (فوازير ثقافية) – دار حراء، المنيا – 2008.
15. شمس غاربة (رواية) – مركز نهر النيل، الزقازيق – 2008.
16. الصومعة (قصص قصيرة) – مركز نهر النيل، الزقازيق – 2008.
17. أنغام ثائرة (ديوان شعر) – مكتبة الآداب، القاهرة – 2010.
18. قصيدة النثر وتأثيراتها السلبية (دراسة نقدية) – مكتبة الآداب، القاهرة – 2010.
19. بسماتيك الأول (رواية تاريخية) – دار الهلال، القاهرة – 2011.
20. إيزادورا هبة إيزيس (رواية تاريخية) – دار الهلال، القاهرة – 2012.
21. على عتبات القدس (مسرحية شعرية) – الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة – 2012 (الطبعة الثانية: مكتبة رؤى، الجيزة – 2025).
22. أزهار اللوتس (قصص أطفال) – الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة – 2013.
23. البحث عن أطلنطا (رواية) – كتاب نون، القاهرة – 2014.
24. وعاد الحب (قصص قصيرة) – الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة – 2016.
25. مغامرات فستق وبندق (قصص أطفال) – سلسلة طيوف، يسطرون، الجيزة – 2017.
26. أهازيج الطفولة (ديوان شعر) – سلسلة طيوف، يسطرون، الجيزة – 2017.
27. لمحات من عبق التراث (مسرحيات نثرية) – سلسلة طيوف، يسطرون، الجيزة – 2018.
28. أغاريد الطفولة (ديوان شعر) – سلسلة طيوف، يسطرون، الجيزة – 2020.
29. في رياض الشعراء (مساجلات ومختارات شعرية) – مكتبة رؤى، الجيزة – 2020.
30. أوراق شاعرة (كتابات نثرية – الجزء الثاني) – مكتبة رؤى، الجيزة – 2021.
31. لعبة الحروف (لرياض الأطفال) – الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة – 2021.
32. مكتبة ندى (مجموعة قصصية للأطفال) – مؤسسة يسطرون، سلسلة طيوف، الجيزة – 2021.
33. شاعرة من مصر (الجزء الثاني) – 2022.
34. سير ومواقف – مكتبة الآداب، القاهرة – 2022.
هذا الإنتاج الغزير يجسد مسيرة حافلة بالإبداع، تضع نوال مهني في مكانة متميزة بين رواد الأدب العربي المعاصر.
الفصل الثالث: القصيدة “أنباء من كوسوفا” — بين التوثيق الشعري والموقف الإنساني
أنباء من كوسوفا
أنباء من كوسوفا إليكم في بيان مختصر
الشاشة البيضاء ترجف في أسى
وتبث شيئًا حول تفصيل الخبر
والصورة السوداء تحكي للدنا
مأساة شعب
فوق خارطة لأرض يستغيث ترابها
وعلى وجوه نسائها ران الكدر
كوسوفا نقش في الخريطة بارز
كانت لأبناء العشيرة مستقر
الصورة السوداء تظهر، تزدهي
وتحدث الوغد الليثم محذرًا
الصرب فوق اللوم
لا القانون أو عرف لديها يعتبر
الصرب فوق اللوم
لا القانون أو عرف لديها يعتبر
الصربو فوق مسائل الفيتو
أو التهديد
بل قد تستبيح القتل والتمثيل
لا قيد عليها لا حذر
هل بعد ذلك أي عدل ينتظر؟
الكيل فاض
وها هنا ذي صورة
دمها يسيل وحزنها
وطفولة خلف البراءة تختفي
نظراتها خوف ورعب
في توقع للخطر
أماه .. أين أبي الحنون؟
تراه مات؟
لم الفناء الرحب في بيتي الكبير
لم استحال إلى حفر؟
أماه قولي وافصحي
ماذا وضعتم في الحفر؟!
الأم تبكي – لا مجيب السائل
هل كانت الحفر التي تبكي الديار لحفرها
إلا قبوراً للبشر؟!
وعصابة القتل المقيت على نواصي الدرب والخوف انتشر
والموت يهوي خلف هجمات التتر
الصورة السوداء تفضح صمتنا
وصراخ طفل جائع
وأنين قافلة الرحيل أو الفرار بغير زاد للسفر
أماه أين طريقنا؟
ضاع الأمان وبيتنا
هذا الضياع مقامنا
بين المفاوز أو شعاب الأرض
نقتات العذاب ولا مفر
هلا وقفنا برهة
فعسى يبلل ريقنا رش المطر
الصورة السوداء تظهر تزدهي
وتجد الشيطان بين خطوطها
سفاح هذا القرن ملعونًا ظهر
الصورة السوداء تصرخ ها هنا
شعب يباد وينمحي
والسمع يشهد والبصر
القصف دوى والمدينة روعت
يا أيها المتآمرون بصمتكم
الصمت داء محتقر
لو كان يحمي خائنًا أو غادرًا
أو كان يدفع بالحقوق حتفها
الأمن ضاع
وسطوة للظلم تجتاح القلوب
فهل ترى
من بعد ذلك أي عدل ينتظر؟
تحليل قصيدة “أنباء من كوسوفا” — التوثيق الشعري وتمثيل المأساة الإنسانية
1. سياق الكتابة ووظيفة الخطاب الشعري
تتّخذ قصيدة “أنباء من كوسوفا” موقعًا مركزيًا في المنجز الشعري للشاعرة نوال مهني ، وقد كُتبت في سياق تاريخي يتمثّل في الحرب الأهلية في كوسوفو أواخر التسعينيات، التي خلفت آلاف القتلى والمشرّدين، وانعكست على الضمير الإنساني العربي والمصري بصورة مؤثرة. اختارت مهني أن تُعيد رسم هذا الحدث بمقاربة شعرية تُوظِّف الصورة لا التقريرية، والنبض الداخلي بدل الإحصاء الرسمي، ما يجعل النص فعلًا سرديًا-شعريًا يُدين بصمت، ويُبصّر بمأساة تراجيدية.
2. البنية الأسلوبية: بين التوتر والإيقاع الدرامي
يُبنى النص على تكرار ثنائيتي “الصورة البيضاء” و”الصورة السوداء”، كوسيط بصري يحمل دلالات البراءة والتواطؤ، مقابل الحقيقة والفضح. ترتكز الجُمل الشعرية على تتابع سردي متوتّر، تُقطعه نداءات الطفولة والاستفهامات الوجودية. تظهر تقنيات التكسير الإيقاعي، حيث تنحرف البنية الوزنية لصالح توصيل الصدمة، ما يُحاكي حالة التخبّط الذهني للمُتلقي.
أبرز السمات الأسلوبية:
• التكثيف الصوري: استخدام مكثّف للصور البصرية والمجازات الحيّة
• الحوار الداخلي: الطفل يُنادي، الأم تبكي، الشاعر يُؤرّخ
• الانتقالات السردية: من المشهد العام إلى التفاصيل المُزلزلة
• تقاطع الإعلام والشعر: القصيدة تُحاكي تقريرًا مرئيًا بنسق شاعري
3. الفكرة المركزية في القصيدة
القصيدة تصوّر مأساة شعبٍ منسيّ في زمن الصورة المنمّقة، وتدين الصمت العالمي إزاء الجرائم الإنسانية، عبر خطاب شعري توثيقي، وجداني، وإنساني. تعبّر الشاعرة عن هذا المعنى لا من خلال تقريرٍ سياسي أو صيحة إيديولوجية، بل عبر الصورة الشعرية التي تدمج بين براءة الأطفال وفزع الأمهات، لتُحيل المأساة إلى تجربة إنسانية عالمية تتجاوز الجغرافيا.
الرمزية الشعرية: الصورة السوداء وتجسيد المأساة
تتخذ “الصورة السوداء” موقعًا محورياً في بنية القصيدة، حيث تتكرّر عبر عدة مشاهد وتُمثّل البوابة التي تعبر من خلالها الشاعرة إلى توثيق المأساة الإنسانية في كوسوفا. إن هذه الصورة لا تُقدّم بوصفها مجرد عنصر بصري، بل تتحوّل إلى رمز مركزي للحقيقة الدموية المغلفة، لتعارض مباشرةً مع “الصورة البيضاء” التي تُوحي بمشهد إعلامي صامت، ساذج، أو مزيّف. الصورة السوداء لا تصرخ وحسب، بل تُدين. فهي التي تكشف فزع الطفلة، دمعة الأم، صمت الشارع، وهمهمة القبور. في كل مرة تظهر، تُجبر المتلقي على التوقف والتأمل، لأنها تُجسّد الكارثة التي تُبثّ دون أن تُفهم. إنها لغة احتجاج ضمنية، اختارتها الشاعرة بدلًا من الشعارات أو الإدانة المباشرة. وبهذا المعنى، تتحول الصورة السوداء من عنصر وصفي إلى خطاب أخلاقي بصري يحمل الذاكرة والألم ويضع العالم أمام مرآته المتواطئة.
4. التناص الثقافي والتشكيل الدرامي
يستدعي النص تناصات متعددة:
• دينية: في ذكر “الآلهة”، والقتل باسم القوة، مما يستحضر سرديات التسلّط باسم المقدّس
• تاريخية: عبر استدعاء مشاهد الحروب القديمة والتطهير العرقي
• جمالية: بحضور تقنيات السيناريو البصري، ممّا يجعل النص يصلح للعرض المسرحي
تمثّل الأصوات المتعدّدة (الأم، الطفل، السارد) ديناميكية درامية تُحاكي أسلوب المسرح الشعري، وتُعطي القصيدة عمقًا سرديًا يجعلها نصًا متعدد الطبقات، لا ينحصر في خطاب احتجاجي بل يتعداه إلى خطاب أخلاقي وجمالي.
5. البعد الجمالي والتعبيري
تتمتع القصيدة بجماليات سردية متعددة:
• مشهدية شعرية قابلة للتصوّر البصري
• بلاغة تمزج بين السرد والشاعرية
• توازن بين الانفعال والتوصيل المعرفي
• تماسك داخلي رغم التقطيع البنائي
تميل القصيدة إلى أسلوب ما يُسمّى بـ “الشعر البصري الاحتجاجي”، الذي يُسجّل مأساةً عبر كاميرا المجاز، لا عبر آلة التوثيق التقليدية.
6. موقع القصيدة داخل المشروع الشعري للشاعرة
تمثل “أنباء من كوسوفا” نقطة تحوّل في خطاب نوال مهني، حيث ينتقل شعرها من الذات إلى الجماعة، ومن الغنائي إلى الاحتجاجي، دون أن يفقد حسه الفني. إنها قصيدة تأسيسية في شعرها، تُمكّنه من التوغّل في الوجدان العربي، وتسجّل حضورًا أصيلًا ضمن التجارب الشعرية النسائية التي تُؤرّخ لمأساة الإنسان دون تكلف.
الفصل الرابع: الأثر التربوي والثقافي — نوال مهني بين الرسالة الشعرية والوظيفة المجتمعية
1. الشعر في خدمة التربية
تندمج تجربة نوال مهني الشعرية مع رسالتها التربوية في مقاربة متكاملة، حيث تُوظّف الشعر وسيلةً لغرس القيم الأخلاقية والإنسانية لدى النشء. ومن خلال مشاركتها الفاعلة في البرامج المدرسية، والمسابقات الأدبية بين الطلاب، تُقدّم الشعر ليس كنص جمالي فقط، بل كمنهج لبناء شخصية الطالب وحسّه اللغوي والاجتماعي. وقد صرّحت في إحدى المقابلات بأن “القصيدة قادرة على بناء الإنسان قبل أن تُطربه”، وهو ما تجلّى في عدد من أعمالها الشعرية للأطفال التي تبنّتها وزارة التربية والتعليم المصرية.
2. الكتابة للطفل وتعزيز ثقافة المدرسة
حرصت الشاعرة على إنتاج قصائد ومسرحيات موجّهة للطفل، ضمن سياق تربوي يراعي مراحل النمو اللغوي والوجداني. وقد نُفّذت العديد من عروضها المسرحية في المدارس المصرية، مثل عرض “يحيا العدل”، الذي تناول موضوعات الوطنية والهوية بأسلوب شعري مبسّط وتفاعلي. كما ساهمت في إعداد فقرات إذاعية مدرسية، وإشرافها على نشاطات أدبية في المدارس، مما جعل حضورها التربوي مستمرًا ومؤثرًا في البيئة التعليمية.
3. الأثر الثقافي في الحقل العام
يتجاوز تأثير نوال مهني السياق المدرسي إلى الحقل الثقافي العام، حيث تُشارِك في ندوات ومهرجانات شعرية تربوية وثقافية، وتحظى بقبول لدى جمهور واسع يقدّر قدرتها على المزج بين الجمال التعبيري والرسالة التوعوية. وقد نُشرت أعمالها في مجلات ثقافية مؤسساتية مثل “مجلة الثقافة ” و”مجلة الطفل العربي”، مما يُظهر احتضان التجربة من قبل الجهات الثقافية الرسمية.
4. دورها في بناء خطاب نسائي تربوي
تمثل تجربة الشاعرة نموذجًا نادرًا في تكوين خطاب نسائي تربوي، حيث تستثمر هويتها الأنثوية بصيغة غير تقليدية، تُعطي قيمة للقصيدة كأداة تعليمية، وتسعى لتمكين دور المرأة في قيادة المشهد التربوي والثقافي. ويُعد هذا الدور مساهمة في إعادة تعريف موقع المرأة في التعليم والشعر، بما يتجاوز الصورة النمطية نحو نمط المُنتجة للخطاب والقيمة.
الفصل الخامس: الموقع الفكري والديني — بين الوسطية والالتزام الثقافي
تتبلور تجربة الشاعرة نوال مهني ضمن أفق فكري إنساني – تربوي، يُجسّد فهمًا عميقًا للإسلام بوصفه منظومة أخلاقية وثقافية، لا خطابًا دعويًا أو سياسيًا. إن استدعاء المرجعية الدينية في شعرها لا يقوم على الإلزام العقائدي، بل على ترسيخ قيم الرحمة، التراحم، والعدل، بما يجعل الشعر وسيلةً لترميم الوعي المجتمعي، لا لتوجيهه الحزبي أو الشعاراتي.
1. الإسلام الثقافي في الخطاب الشعري
يتقاطع شعر نوال مهني مع ما يُسمّى في الدراسات الحديثة بـ “الإسلام الثقافي”، الذي يستند إلى تمثيل القيم العليا (الكرامة، التضامن، التعاطف) دون أن يسقط في جدل الهوية المتوترة. ويتجلّى ذلك في قصائدها عن فلسطين، كوسوفو، وفي كتاباتها للأطفال، حيث يتموضع “الوطن” كقيمة تربوية لا عَلمية، وكعاطفة وجدانية تتجاوز الحدود السياسية. إن هذا النموذج يقترب من تيار النهضة الأخلاقية في الشعر العربي المعاصر، ويعيد بناء صورة الشاعرة بوصفها حارسةً للذاكرة، وليست مكرّسة للحدث.
2.من التديّن التعبدي إلى التمثيل الرمزي
في قصيدتها “أنباء من كوسوفا”، يظهر الإسلام لا من خلال مفردات العبادات، بل عبر استدعاء الرموز الأخلاقية: الرحمة، غضب المظلوم، تساؤلات الطفل، دمعة الأم، نداء المعذب. فالنص يتحوّل إلى منبر وجداني يُدين بصوت الشاعرة، ويتأمل في صمت العالم. وهذا الانتقال من التديّن التعبدي إلى التديّن الرمزي، يُعدّ تطورًا في الكتابة النسوية التي استثمرت المرجعية الروحية بوصفها طاقة تعبيرية لا أداة مباشرة للإقناع.
3.الحضور في الفضاء الثقافي النهضوي
شاركت الشاعرة في عدة فعاليات تُعلي من الفكر النهضوي، مثل ملتقى الفكر العربي المعاصر الذي يحتفي بالأصوات غير المركزية في الخطاب الثقافي، ومهرجانات الشعر المقاوم التي تضع البُعد الإنساني فوق الصيغة الأيديولوجية. هذا الحضور لا يُترجم كنوع من الانتماء السياسي، بل كموقف مثقفة تربوية تؤمن بأن الشعر هو شكل من أشكال التربية القيمية. كما أن مشاركتها في مجلة قطر الندى ومجلة الفردوس لثقافة الطفل يكشف عن صيغة تطبيقية لهذا الفكر، عبر مؤسسات رسمية وشعبية.
4.إعادة إنتاج صورة المرأة المسلمة الكاتبة
إن المشروع الشعري لنوال مهني يُعيد إنتاج صورة المرأة في السياق الإسلامي التربوي، حيث لا تكتب كصوت واعظ أو سارد شخصي، بل كمثقفة تتوسّط بين النص والواقع، وتنقل المفهوم الديني إلى لغة الفن. وقد أسهم هذا التوجّه في تجاوز النموذج التقليدي “المرأة الوعظية”، ليصوغ تمثيلًا جديدًا: المرأة المنتجة للمعنى، الراوية للواقع، الملتزمة أخلاقيًا دون صخبٍ فِكريّ أو حزبي.
5.الروح الوسطية وسياق الاعتدال
تميل تجربتها إلى ما يُسمّى بـ الاعتدال السلوكي واللغوي، حيث تتجنّب اللغة القطعية أو الإقصائية، وتستحضر “الوسطية” بوصفها اتزانًا بين الحُلم والألم، بين الشاعرية والرؤية، دون تخلي عن الموقف الأخلاقي. وهذا النهج يُفسّر لماذا تحظى كتاباتها بقبول واسع من الأوساط التربوية والثقافية، وتُستضاف في منتديات لا تحمل طابعًا حزبيًا بل فكريًا – تربويًا ذا صبغة جامعة.
الفصل السادس: التلقي النقدي والشعبي — شهادات في تجربة نوال مهني الشعرية
1. موقعها في المشهد الشعري العربي
تُجمع الشهادات النقدية والأدبية على أن نوال مهني تحتل موقعًا متقدمًا بين الشاعرات العربيات، لما تمتلكه من موهبة شعرية أصيلة، وثقافة لغوية راسخة، وقدرة على التعبير الصادق والراقي. وصفها الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي بأنها “تجلس في المقاعد الأولى للشاعرات العربيات” ، مؤكدًا أن ديوانها “ذات مرة” دليل على عبقريتها الشعرية ومقدرتها اللغوية.
2. فرادة الصوت الشعري والوجداني
يرى الدكتور عبد الحميد إبراهيم أن في شعر نوال مهني خصوصية وجدانية لا نجدها عند كثير من الشاعرات، حيث تصدر عن شعور رئيسي هو الحب للأسرة والوطن والطبيعة، مما يمنح شعرها تنوعًا وصدقًا يبعده عن التكرار أو الملل. ويصفها الشاعر محمد التهامي بأنها “تعلن ديمقراطية الشعر”، وتتمرد على المدارس النقدية، وتكتب بلغة صافية وهادئة، نابعة من صدق داخلي.
3. التوازن بين الوجدان والفكرة
يشير الدكتور عبد اللطيف عبد الحليم إلى أن نوال مهني “تحس حين تفكر وتفكر حين تحس” ، وهي قادرة على ركوب البحر الصعب في الوزن والقافية، فتجعله سلسًا وسهلًا، وتُظهر في شعرها ملامح رومانسية وأنوثة راقية، مع لمحة تفاؤل نادرة في الشعر النسائي المعاصر.
4. الأصالة والتجديد في الكتابة
يصفها الدكتور عبد العزيز شرف بأنها تمتلك “مقومات الأصالة” التي تجعلها تقف في مصاف الشعراء الكبار من الرجال والنساء ، بينما يرى الأديب حسني سيد لبيب أنها “تغمس ريشتها في مداد الطبيعة”، وتبدع صورًا شعرية معطرة بالحب والصفاء، في وقت يتخبط فيه أدعياء الشعر وراء الغموض والتفكك.
5. التميز المسرحي والتربوي
أشاد الدكتور حسن فتح الباب بمسرحيتها “الفارس والأميرة”، معتبرًا أنها عبّرت عن الروح المصرية والعائلية بأسلوب شعري جميل، ونجحت في تعريب العامية إلى صور شعرية فصيحة. كما أثنى الأديب عبد اللطيف الجوهري على قدرتها في بناء الشخصيات المسرحية بلغة راقية، واعتبرها شاعرة متعددة القوى والمهارات.
6. التفاعل الشعبي والنقدي
تنوّعت الشهادات بين شعراء ونقاد وصحفيين من مصر، ليبيا، فلسطين، والسعودية، وجميعهم أجمعوا على أن نوال مهني تمتلك قدرة تعبيرية حساسة، وموهبة حقيقية، ونتاجًا شعريًا يصلح للتلحين والإنشاد، ويُغذّي الذوق العام بما فيه من تهذيب وتثقيف. وقد وصفها الدكتور محمد بدر معبدي بأنها “تملك من التعبيرات ما لا يعطيه غيرها”، وأن شعرها “نغمات حب تصدر عن قلب عاشق للحياة”.
7. التقدير المؤسسي والمجتمعي
أشاد الأديب محمد بن صالح النعيم بمكانتها الأدبية والاجتماعية، مؤكدًا أن تفاعل الجمهور معها يدل على نجاحها الباهر، وأنها بنت لنفسها مجدًا أدبيًا رفيعًا من خلال أعمالها وتراجمها للأدباء العرب والإسلاميين. كما وصفها الشاعر الفلسطيني يعقوب شيحا بأنها “الشاعرة الرومانسية الحالمة”، التي ترسم الطبيعة بكلماتها وتُحاكي الشفق والشجر والقمر.
الخاتمة والتوصيات — شعرية الالتزام وبُعد التوثيق الثقافي
تُشكّل تجربة الشاعرة نوال مهني نموذجًا فريدًا للشاعر-المربي-المثقف، حيث تتكامل عناصر الوجدان والتعبير مع رسالة تربوية واضحة، وانخراط ثقافي مؤثر. فعبر ديوانها الشعري، وأعمالها المسرحية، ومقالاتها التربوية، وسيرتها الذاتية، يُمكن أن نرصد بجلاء ملامح مشروع شعري وإنساني متماسك لا ينفصل عن سياقه الاجتماعي ولا ينغلق على ذاته التعبيرية. لقد كشفت هذه الدراسة عن قدرة الشاعرة على دمج الجمالي بالوظيفي، حيث تؤدي القصيدة دورًا مزدوجًا: إبداعيًا وتوجيهيًا، وتثبت أن الكتابة النسائية يمكن أن تكون جسرًا بين الذات والآخر، وبين الشعر والمجتمع، دون أن تفقد عمقها الفني أو أصالتها الثقافية. كما أن تلقي تجربتها النقدي والشعبي يُؤكد حضورها كصوتٍ نسائي راسخ، لا يكتب من أجل الظهور بل من أجل الرسالة، وما قيل عنها من شعراء ونقاد عرب يبرهن على اتساع تأثيرها وتميّزها في الكتابة الشعرية النقية ذات النفس التربوي والوطني.
توصيات البحث
• أرشفة تجربة نوال مهني ضمن المكتبة التربوية والشعرية العربية، بوصفها نموذجًا للشعر المُلتزم بقضايا الوطن والإنسان والطفولة.
• تشجيع الدراسات النقدية النوعية التي تُعالج التجارب الشعرية النسائية في الأقاليم المهمّشة (مثل الصعيد)، بعيدًا عن مركزية المدن الكبرى في التقييم الثقافي.
• إدماج نماذج من شعرها في المناهج الدراسية باعتباره وسيلة تعليمية مؤنسِنة، قادرة على تشكيل الذائقة والقيم لدى الطلاب في مراحل مبكرة.
• اقتراح دراسة مقارنة بين أعمالها وأعمال شاعرات تربويات عربيات (كفوزية أبو خالد أو بثينة شعبان)، لتبيان تنوّع الخطاب النسوي التربوي في الشعر العربي.
• تأسيس منتدى ثقافي رقمي لتوثيق أعمالها المسرحية والشعرية، وإتاحتها للباحثين، خاصة في مجال تعليم الشعر، وتوظيفه في المواد اللغوية والتربوية.
قصيدة “حوار العبقرين: من النيل إلى بريشتينا”
(مهداة إلى الشاعرة الكبيرة د. نوال مهني – بقلم د. بكر إسماعيل الكوسوفي)
1.النص الشعري
مطلع القصيدة:
بَيْنَ الأَهْرَامِ وَالصَّعِيدِ تُنَادِينِي
وَبِكُوسُوفَا الْجَرِيحَةِ أَشْتَاقُ
نَهْرُ الْعِلْمِ يَجْرِي: مِصْرٌ تُعَانِقُنِي
وَبِحُرُوفِ الضِّيَاءِ نَتَفَاضُ
مقطع العلاقة العلمية:
كُنَّا عَلَى مِحْوَرِ الْكَلِمَةِ الْبَاقِي
شِعْرٌ يُرَصِّعُ الدُّرَّ الْفَصِيحَ
أَنْتِ بِأَحْجَارِ الصَّعِيدِ بُنَاتِي
وَأَنَا بِالْجَلْدِ الْكُوسُوفِيِّ أَبْنِي وَأَفِي
مقطع الحوار الثقافي:
تَقُولُ مِصْرُ: “هُنَاكَ الْقَلْبُ يَنْبُضُ”
وَأُجِيبُ: “هَذِهِ الأَرْضُ الْجَرِيحَةُ تَحْتَضِنُ الْقَلْبَ”
نَحْنُ حِكَايَةُ الْوَرْدِ الَّذِي لَمْ يَذْبُلْ
رَغْمَ صَقِيعِ التَّارِيخِ وَالزَّمَنْ
مقطع الخاتمة:
سَتَبْقَى الْكَلِمَةُ الْجَمِيلَةُ جِسْرًا
بَيْنَ الْعُقُودِ وَالأَفْقِ الْمُضِيءِ
وَسَيَكْتُبُ النِّيلُ وَالدْرِينا
فَصْلًا جَدِيدًا فِي سِفْرِ الْعُظَمَاءِ
2. التحليل الأدبي للقصيدة
أ. البنية الفنية
• اللغة:
o جمعت بين الفصحى التراثية والرمزية المعاصرة
o توظيف التراكيب المكثفة (مثل: “بحروف الضياء نتقاضى”)
• الإيقاع:
o تفعيلة متحررة من بحر الكامل مع تنويعات إيقاعية
o تكرار صوتي يعكس التواصل (مثل: “تناديني/أشتاق”)
• الصورة الشعرية:
o صور مركبة (النيل والدرين كشريانين ثقافيين)
o رموز تاريخية (الأهرام، الصعيد، كوسوفا)
ب. الطبقات الدلالية
1. العلاقة العلمية:
o تشبيه التعاون بـ”نهر العلم” و”المحور الباقي”
o الإشارة إلى التكامل بين التراثين المصري والكوسوفي
2. البعد السياسي:
o توظيف كوسوفا كرمز للجراح الإنسانية
o مصر كحاضنة للثقافة المقاومة
3. الحوار الثقافي:
o تبادل الأدوار بين صوتي الشاعرين
o الأرض الجريحة (كوسوفا) مقابل القلب النابض (مصر)
ج. التناصات
• التاريخي:
o إشارات إلى الحضارة المصرية القديمة
o ذكر معاناة كوسوفا كحدث معاصر
• الجغرافي:
o تقاطعات بين النيل ونهر درينا في البوسنة
• الأدبي:
o استحضار شعر المقاومة والهوية
د. الأبعاد النقدية
• الخصوصية الثقافية:
o تمازج الهويتين دون ذوبان
o الحفاظ على الخصائص المحلية في حوار عالمي
• الرسالة الإنسانية:
o التأكيد على دور الأدب في تجاوز الحدود
o توثيق التحالف الفكري بين مثقفي الجنوب العالمي
3.الخاتمة: القصيدة كوثيقة ثقافية
تُمثّل هذه القصيدة:
• نموذجًا للشعر التوثيقي الذي يسجل التحالفات الثقافية
• إعادة تعريف لدور المثقف في زمن الأزمات
• توظيفًا إبداعيًا للعلاقات الشخصية في بناء خطاب جمعي
المراجع الأكاديمية:
• مهني، ن. (2000). أنباء من كوسوفا. القاهرة: دار الإبداع.
• مهني، ن. (2005). ذات مرة. القاهرة: دار الفكر العربي
• مهني، ن. (2010). الشعر والتعليم: جدلية التأثير.
مجلة التربوي المعاصر، (8)، 41–58.
• عبد الحميد، إ. (2004). التشكيل البصري في شعر المرأة: دراسة سيميائية.
مجلة دراسات عربية، (15)، 77–95.
• طنب، هـ. (2011). السرد البصري في الشعر العربي: بين التعبير والصوت.
مجلة النقد الأدبي، (21)، 33–58.
• درويش، م. (2009). لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي. بيروت: دار رياض الريّس.
• أبو خالد، ف. (2001). الكتابة من الجرح. بيروت: دار الآداب.
• الهواري، ع. (2007). الصوت الأنثوي والمقاومة الرمزية في الشعر المصري.
مجلة فصول، (3)، 19–38.
• الجوهري، ع. (2007). قراءة في بنية الشخصية المسرحية في أعمال نوال مهني.
صحيفة صوت الجنوب، (12).
• فتح الباب، ح. (2011). نقد مسرحي لديوان الفارس والأميرة.
مجلة الطفل العربي، (18)، 59–61.
• شيحا، ي. (2012). الشعر الرومانسي في خطاب الطبيعة.
مجلة الثقافة الفلسطينية، (9)، 44–50.
• ناصف، و. (2013). شعر الصعيد بين القيود والتحرر.
الصحافة الثقافية المصرية، (21)، 17–25.
• خطاب، زكي (2014). النغم والقافية في ديوان “ذات مرة”.
مجلة عروضيات عربية، (7)، 36–41.
• خفاجي، م. ع. (2000). تقديم نقدي لديوان نوال مهني.
ملف: قالوا عن الشاعرة نوال مهني.
• الجوهرى، م. م. (2005). المسرح الشعري لدى نوال مهني.
ملف: قالوا عن الشاعرة نوال مهني.
• الحضيرى، م. ح. (2004). نوال مهني: صوت تربوي وطني.
ملف: قالوا عن الشاعرة نوال مهني.
• العويد، ع. ن. (2014). تكريم الشاعرة نوال مهني في الأحساء.
أثنينية النعيم الثقافية.
• الديولي، أ. إ. (2015). الخصائص اللغوية والوجدان في شعر نوال مهني.
الصحافة الثقافية السعودية.
• عبد العظيم، ب. (2016). الرومانسية النقدية في شعر المرأة المصرية.
مجلة قراءات نقدية، (22)، 28–39.
كاتب الدراسة:
السفير والممثل السابق لكوسوفا لدى بعض الدول العربية
عضو مجمع اللغة العربية – مراسل في مصر
عضو اتحاد الكتاب في كوسوفا ومصر