أنايَ الأخرى تنتظرني – منار السماك مملكة البحرين
أنا
لستُ أنا
بل ارتباكُ لغةٍ
تحاولُ أن تتذكر نفسها
في وجوهٍ من نار
أمشي
ولا أعرفُ
إن كانت الأرضُ تحت قدمي
أم أنني أسير
على ظهرِ حلمٍ نائم
الزمنُ هنا لا يمشي
بل يتبخر
ثمة طائرٌ يرفرفُ داخلي
بلا جناحين
بلا ذاكرة
كلُّ نبضةٍ منهُ مدينة
وكلُ خفقةٍ
طريقٌ يعودُ بي
إلى بيتٍ لم يُبنَ بعد
إلى أُمً لم تلدني
إلى قصيدةٍ لم تُقرأ
الهواءُ رطبٌ
مُحملٌ بنداءاتٍ لم تُطلق
بعيونٍ أُغلقت قبل أن ترى
وبرسائلَ
طُويت دون أن تُكتب
عبقٌ من الذكرياتِ يُحيطني
كأني أسير
في معطفِ طيفٍ
نسجَتهُ يدُ امرأةٍ
نسيتُ اسمها
لكنّي أذكرُ
كيف كانت تضحكُ
في المرايا المقلوبة
الأصواتُ
تسقطُ من حناجرها إلى ظلالها
ثم تذوبُ
في ضوءٍ لا يُشبهني
وأنا
أُقلبُ وجهي كصفحةٍ قديمة
أبحثُ عن ملامحي
في حبرٍ سال
أُفتّش عني
في بقايا مقطعٍ موسيقي
انكسر قبل أن يُعزف
عقاربُ الوقت
لا تُشيرُ إلى شيء
تتراقصُ في الفراغ
كأصباع عمياء
تبحثُ عن نافذةٍ
تطل منها على اللامكان
الليلُ لا يسقط هنا
بل يتسرّب من بين المسام
كدخانٍ تائهٍ فوق ماءٍ راكد
كأنّ الظلالَ تُفكّر
وكأنّ النورَ يخجلُ من نفسه
وفي الداخل
صوتٌ لا صوتَ له
ينبضُ
كأمنيةٍ نسيتْ أن تولد
أراني
كخرائطَ بلا بحار
كشجرةٍ
تقرأ جذورها
ثم تُنكرها
الأفكارُ تتسلّل
مثل نملٍ أبيض
يأكلُ الخشبَ والطمأنينة
كلُّ شيءٍ يشهقُ هنا
لكن لا شيء يتنفس
الضوءُ معلّق
بخيطِ غياب
يرتجف
كشمعةٍ أمام قبرِ عاشق
في الزاوية
تجلسُ أنايَ الأخرى
تغزلُ من الصمتِ قميصًا
وتنتظرني
أن أعود
دون أن أجيء