حوار مع الشاعرة اللبنانية د. هالا شرارة: بين الوطن والمنفى… قصائد تهاجر على أجنحة اللغة
من الجنوب اللبناني حيث العطر يختلط بصوت البحر وذاكرة الحقول إلى شوارع الولايات المتحدة الأمريكية التي حملت إليها الحلم والمعرفة، سارت الشاعرة والأكاديمية اللبنانية د. هالا شرارة في درب طويل جمع بين الإعلام والحقوق والسياسة واللغات ، وبين الصحافة والتدريس والترجمة. صاحبة أربعة دواوين شعرية صدرت بين 2015 و2019، منها: بصمة روح، نسيت، لا تقطف القمر، Butterfly.
وكان لها مشاركة قيمة في موسوعة “مدارات الحب” الصادرة عن ملتقى الشعراء العرب
فمن هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار لنتحدث عن البدايات، والهجرة، والشعر، والوطن..
حاورتها من الولايات المتحدة الأمريكية الشاعرة اللبنانية /ليلى بيز المشغرية…
1- من الجنوب إلى بيروت، ثم إلى الولايات المتحدة… كيف تصفين ملامح طفولتك الأولى وأثرها على شخصيتك وشعرك؟
ما كان لي مع دفء حضن مسقط رأسي، قانا الجليل، سوى أول عامين من عمري، ثم انتقلت العائلة للعاصمة بيروت حيث نشأت وترعرعت في احيائها الشرقية.وكانت الزيارات الصيفية للقرية هي التي صبغت الذاكرة بالطفولة والقرية الحالمتين وكان لزيتون قانا وبيادرها وذكريات اللعب في الحقول والتنقل بين احيائها المشهورة بتنوعها حيث جمعت قانا التنوع العقائدي والطَبَقي إذ اختلطت احيائها بالتنوع بين الأديان والمغتربين”الأثرياء جدا” والمقيمين”الفقراء جدا”، كان لذلك الأثر الكبير في نفسي.
2- ما أول نص شعري كتبته، وهل ما زلتِ تحتفظين به؟
أول نص شعري كان قصيدة “يا جنة الاوطان” وكنت في المرحلة المتوسطة والقيتها في عيد العَلَم في احتفال مدرسي. نعم، لا زلت احتفظ بها.
3- كيف كانت تجربة الهجرة إلى الولايات المتحدة في أواخر الثمانينات، وما أبرز التحديات التي واجهتكِ؟
كل الهجرات متشابهة، أرى الهجرة عن الوطن كالهجرة عن الأم.التحديات عديدة، لم تكن التحديات تعجيزية بقدر ما كانت مُحبِطة.بكل الأحوال الشاعر دائما يشعر انه مهاجر أو مغترب حتى وهو داخل بيئته.
4- درستِ الإعلام والحقوق في بيروت، ثم العلوم السياسية واللغة الفرنسية، فاللغة الإنجليزية واللغويات… كيف جمعك هذا التنوع الأكاديمي؟
في بيروت، كنت قد بدأت بدراسة الحقوق حبا بالقضاء والعدالة وكان حلم أبي ان اصبح قاضيا، ثم عشقت الصحافة فالتحقت بكلية الاعلام، وداومت في الجامعتين لأربع سنوات قبل الانتقال الى أمريكا حيث لاحقا، ساهمت ظروف العمل، في التحاقي بكلية التربية. وتضافرت الصدف وفرص العمل لأختمها بالدراسات العليا باللغة الانكليزية ومن ثم بحوث الدكتوراه في علم اللغويات.
5- ما الذي جذبك إلى دراسة اللغويات والحصول على الدكتوراه في هذا المجال؟
بعض الأسباب تعود للصدف والبعض لضروريات العمل. والسبب الرئيسي هو المتعة الكبيرة التي أجدها في الترجمة وكتابة المقررات اللغوية.
6- من خلال تجربتك في التدريس الجامعي، كيف تجدين اهتمام الشباب العربي المهاجر بلغته الأم وثقافته؟
أنه بالأكثر أمر شخصي وليس هناك موجة عامة في هذا الاتجاه. هو ميل شخصي، البعض يتبعه والأغلبية ينشغلون بتعلم لغة البلد وما يناسب أعمالهم. ولكن، نلحظ التحول الملموس في السنوات العشرين الأخيرة، في التوجه لتعلم اللغة العربية من الطرفين، ذوو الأصول العربية وغيرهم ومن الناطقين وغير الناطقين بها ايضا.
7- عنوان ديوانك “لا تقطف القمر” يحمل صورة شاعرية… كيف وُلد هذا العنوان؟
هو الخيال والأمنيات. وكأن رحيل الحبيب، او نهاية حديث مسامرة، او أي خاتمة تشبه نهاية السهر أو الوداع، وكأن النهايات ترتبط بالقمر، فخَطَر ببالي، ان نعتبر القمر غير ناضج ولم يحن قطافه، فليكن طويل العمر على عكس الواقع.
8- أي ديوان من أعمالك الأربعة الأقرب إلى قلبك، ولماذا؟
ديوان “نَسِيت”، فيه مواجهة مع الذات وآلامها ومع الذاكرة التي تحيينا وتقتلنا معاً.
9- ما المواضيع أو القضايا التي تلهمك أكثر في كتابة الشعر؟
الشوق. العدالة. الحزن.
10- كيف أثرت تجربتك في جريدة السياسة الكويتية على أسلوبك الأدبي؟
هما دربان مختلفان فقد كان عملي متعلقا بالمواضيع السياسية. أما الناحية الادبية فقد كتبت حينها مقالات في جرائد ومجلات مختلفة كاللواء والشراع وغيرها.
11 – عملك في تقديم البرامج التلفزيونية… ماذا أضاف إلى شخصيتك وشعرك؟
لقد فتح لي بابا آخر على الصحافة المرئية وبالأخص انه لم يكن متعلقا بالسياسة فكان نفحة جديدة صبغتني وصبغتُها بتجربة كانت ناجحة جدا.
12- ما أبرز المواقف التي بقيت محفورة في ذاكرتك من عملك مع “Translators Without Borders”؟
عمل ممتع وبالأخص أنهم في الأمم المتحدة يقدرون العمل الطوعي. لا زلت أعمل معهم وخلاصة الإفادة هي، ومن خلال الترجمة، تسنح فرصة الإطلاع على كثير من القوانين الملزمة للمؤسسات غير الربحية وبالأخص التي تعنى بحقوق الأطفال.
13- هل تفكرين بترجمة دواوينك إلى الإنجليزية أو الفرنسية؟
هناك محاولة لترجمة ديوان” نسيت” للإنكليزية.
14- الغربة… هل تراها د. هالا شرارة منفى للروح أم فسحة لاكتشاف الذات؟
أراها كالولادة، هَجر للرحم أو الوطن الذي ألفناه،-من جهة- وولادة، سواء اخترناها ام لم نخترها- من جهة ثانية. حلوٌ و مُرٌّ في آن واحد.
15- كيف غيّرت الغربة ملامح قصيدتك؟ وهل أضافت إليها أبعادًا جديدة أم نزعت منها بعض دفء الوطن؟
غيرَتها كثيرا… وعَلَّمَتها كثيرا.. ولونَتها كثيرا. أضافت شيئا ما لكنها لم تنزع أي من دفء الوطن فهو ممزوج بالأنفاس.
16- في غربتك الطويلة، هل وجدتِ بديلًا عن إحساس الانتماء الذي يمنحه الوطن للشاعر؟
“ما بين اللاهُنا واللاهُناك،،، لم يبق لنا وطن سوى القصيدة”
17- هل تشعرين أن الشاعر في المهجر يكتب بعيون الحنين أكثر مما يكتب بعيون الحاضر؟
نعم، يغلب الحنين على الحاضر.
18- كيف تتعاملين مع الازدواجية بين ذاكرة المكان الذي نشأتِ فيه والمكان الذي تعيشين فيه الآن.
رغم الصعوبة في الفصل وعدم المقارنة أحاول جاهدة ألا أقارن ولا أشبِّه ولا أقيس ولكن يبقى الاهم وهو: الأفضلية.
مبدأ الازدواجية غير موجود، لكلّ من المكانين ذاكرته المستقلة.
19- هل تجدين أن المنتديات والصالونات الشعرية في المهجر تؤدي دورها في الحفاظ على اللغة والهوية الثقافية؟
بالطبع بل هي ضرورة من الضرورات.
20- شاركتِ في لقاءات وملتقيات أدبية، كيف تصفين هذا الجو بالنسبة للشاعر المغترب؟
أنها مناسبات تنعش الروح الشعرية وتعطيها زخما ايجابيا ودافعا للمواصلة وخاصة في المغترب.
21- هل تؤمنين بأن اللقاءات الشعرية المباشرة ما زالت قادرة على منافسة فضاء السوشيال ميديا في إيصال القصيدة؟
لا شك أن التواصل المباشر أغنى بكثير من أي نوع آخر من التواصل. اما بالنسبة للمنافسة، فهذا باب آخر لأن للضرورة أحكام. المهم هو التواصل سواء مباشر او غيره.
22- كيف يمكن للشاعر أن يستفيد من المنتديات الشعرية لتطوير تجربته الأدبية؟
التفاعل الحاصل في المنتديات الأدبية يؤدي لتعرض الشعراء للنقاشات المفتوحة والنقد والأهم من هذا وذاك التفاعل، يخلق تجديدا واحيانا منتجا جديدا.
23- ما النصيحة التي تقدمينها للشعراء الشباب في المهجر الذين يبحثون عن منصة لإيصال صوتهم؟
الإستمرارية بالكتابة ومحاولة التواصل مع القراء والزملاء في هذا المجال.
24- كيف ترين صورة لبنان في وجدانك بعد كل هذه السنوات في المهجر؟
لم تتغير صورة لبنان ولا حصورة العالم العربي في الوجدان، الذي تغير هو طعم الألم، أصبح أكثر مرارة ووقع الشوق أصبح أكثر حرقا.
25- ما رأيك في وضع الشعر العربي اليوم، وهل ما زال يحتفظ بمكانته في قلوب الناس؟
وضع الشعر متأخر ودخل الشعر المعتبر عالم الندرة لكن أظن ان مكانته في القلوب لم تتأخر لكن عدد المهتمين انحسر عن السابق.
26- كيف يمكن للمغترب أن يحافظ على هويته ويوازن بين الانتماء والانفتاح على الثقافات الأخرى
المغترب اعتبره محظوظا لأنه يكسب كل الإضافات التي يعيشها ويختبرها في تجربته في البلد المقيم فيه ومسألة المحافظة على الهوية من الأمور التعجيزية، فيلزمه ان يكون منعزلا ليحافظ على هوية واحدة، المغترب متعدد الهويات ولا أرى في ذلك أي سلبية
أسئلة سريعة
27- كتاب أثر فيك كثيرًا؟
ألف ليلة وليلة
28- شاعر عالمي تحبينه؟
Victor Hugo
29- كلمة لا تفارق قصائدك؟
“أنتَ”
ليلى بيز المشغرية
محررة في مجلة أزهار الحرف