من تونس الخضراء يطلّ علينا اسمٌ صار مرادفاً للشعر العابر للحدود، اسمٌ يكتب بلغة الروح وينسج من الكلمات جسوراً بين الشرق والغرب. إنّها ألفة كشك بوحديدة، التي اختارت أن تواصل بعد التقاعد رحلةً جديدة مع الحرف، فانتقلت من عالم الإدارة إلى فضاءات الإبداع، ومن ضجيج العمل اليومي إلى صمت التأمل حيث يولد الشعر.
أتقنت العربية والفرنسية والإنجليزية، ثم انفتحت على عوالم الشعر الياباني بكل أنواعه: هايكو، تانكا، وجيوجيوهيكا، حتى غدت واحدة من أبرز الأصوات العربية في هذا الفن الرفيع. تولّت مهام إشرافية في منصات أدبية عربية وعالمية؛ من معرض الكتاب الافتراضي التونسي إلى حلم الأرز اللبناني، ومن الفن حياة العالمية إلى هايكو المغرب الكبير.
وقد تُوّج عطاؤها بإصدار ديوانها بالفرنسية سنة 2023 تحت عنوان «ذبذبات الفصول – Vibrations des Saisons»، إلى جانب مساهماتها في أنطولوجيات جماعية ورقية وإلكترونية في اليابان وفرنسا وإيطاليا. ولم تتوقف عند حدود الكتابة، بل مدّت جسور الترجمة، فنقلت إلى الفرنسية مئات النصوص الشعرية، منها حوالي 280 نصاً للشاعرة الليبية نينة السرتاوي، وديوان للشاعر المغربي عيسى أبركان.
أما محطات التقدير فقد تجلّت في مشاركاتها المتواصلة في التظاهرات الأدبية والأمسيات الشعرية، وحصدها لجوائز مرموقة، أبرزها الميدالية التي نالتها سنة 2024 في المسابقة الإيطالية بروما، التي نظّمتها ASSOCIAZIONE CULTURALE IL FARO DI ROMA.
إنّها شاعرة اختارت أن تجعل من الشعر حياةً، ومن اللغة جسراً، ومن الكلمة نافذةً تطلّ على الآخر.
هي ألفة كشك بوحديدة… امرأة تكتب العالم بلغاته، وتترجمه بروحها، وتزرع في حدائق القلوب أزهار الهايكو الخالدة.
ويسعدنا في مجلة أزهار الحرف أن نحاورها لنقترب أكثر من عوالمها الإبداعية ونسافر معها بين الكلمات.
حاورتها جميلة بندر.
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
1.بدايةً، بعد رحلة طويلة في مجال الإدارة والعمل بالشركات، كيف وجدتِ الانتقال من عالم الأرقام والانضباط إلى فضاء الشعر والإبداع المفتوح على الجمال والخيال؟
– وجدت متعة بعد أن انتقلت من عالم الأرقام والانضباط إلى فضاء الشعر والإبداع المفتوح على الجمال و الخيال . كانت فرصة للخروج من القيد و التمتع بالحرية و بقلمي مع اكتشاف قدراتي الشعرية .
2.درستِ العربية والفرنسية والإنجليزية، فكيف ساعدتكِ هذه الخلفية اللغوية المتعددة على خوض تجربة الكتابة في فنون الشعر الياباني؟
_ لنا حرية إختيار اللغة بالمنتديات اليابانية أنا لا أتقن اليابانية و لكل شاعر حرية إختيار اللغة لكتابة أي نوع من انواع الشعر الياباني . هناك مترجم او مترجمة كالأستاذة CHIAKI بهايكو غاردن اليابانية HAIKU GARDEN تقوم بترجمة النصوص يوميا. كذلك نجد نصوصنا بالأنطلوجيات الورقية باللغة التي كتب بها النص مع الترجمة اليابانية
أنشر نصوصي باللغة الفرنسية بالمنتديات اليابانية و الغربية
باللغة العربية بالمنتديات العربية
لم أجد أي صعوبة في كتابة الشعر الياباني المهم تطبيق التقنيات مهما كانت اللغة
–
3.الهايكو، التانكا والجيوجيوهيكا كلها أنماط شعرية دقيقة ومرهفة، ما الذي شدّكِ إليها وأشعركِ أنكِ وجدتِ نفسكِ بينها؟
_ هي أنماط شعرية وجيزة مع عمق الصورة هذا ما شدني إليها.
وقعت علاقة حب بيني و بين الشعر الياباني المرتبط بالطبيعة و أنا أحب الطبيعة. جعلني الشعر الياباني أهتم بكل ما يدور حولي في تلك اللحظة لأن هذا الأسلوب هو الأساسي خاصة في الهايكو. نقل الصورة كما هي مع تحريك للحواس بطريقة وجيزة. كذلك اكتشفت الجمال في الربط بين الطبيعة و الحدث .
من اساليب الهايكو: الربط بين الطبيعة و الحدث ، الإنسان و الحيوان
4.أنتِ تشرفين على منصات ثقافية متعددة، منها معرض الكتاب الافتراضي التونسي، حلم الأرز اللبناني، الفن حياة العالمية، وهايكو المغرب الكبير… كيف تنظرين إلى دوركِ كمشرفة، وهل ترين فيه امتداداً لرسالتكِ الشعرية؟
_ مشرفة تعني بالنسبة لي رسالة أدبية، مساهمة في إنجاح الثقافة و تطورها، التعريف بالجديد في الساحة الثقافية
نعم أرى فيه امتدادا لرسالتي الشعرية لأنني عندما أكون مشرفة هناك إضافة و إفادة لي و للشعراء
أفيد و أستفيد
5.في مؤسسة “الفن حياة العالمية” تقدمين برنامج الجيوجيوهيكا، حدّثينا عن هذه التجربة: كيف نشأت فكرتها، وما الرسالة التي ترغبين في إيصالها من خلالها؟
_ في البداية ، منذ ٣ سنوات، تمت دعوتي من طرف صديقة لي شاعرة و بالتالي انضممت إلى مؤسسة الفن حياة العالمية. بدأت بنشر الجيوجيوهيكا فأعجب بها الأستاذ رياض ابراهيم الدليمي و كذلك الأستاذة د.ليلى الصيني رئيسي مجلس الإدارة فاتصلا بي على الخاص و طلبا مني تنشيط برنامج الجيوجيوهيكا الشهري و الحمد لله وفقت في ذلك
6.عضويتكِ في منتديات عالمية مرموقة مثل Haiku Column University وHaiku Garden وغيرها… كيف كان شعوركِ وأنتِ تمثلين تونس والعالم العربي في هذه الفضاءات اليابانية والفرنسية والإيطالية؟
_شعور لا يوصف
تعرفت على هايجن( الشاعر الذي يكتب الهايكو يسمى هايجن ) من جميع أنحاء العالم
كتبت عن عاداتنا و تقاليدنا بنصوصي و رحبوا بها كما اكتشفت عاداتهم و تقاليدهم و انبهرت بها
كذلك أحسست بالفخر و الاعتزاز عندما وصلتني أنطولوجيات جماعية ورقية عليها علم بلدي
7.ديوانكِ بالفرنسية «ذبذبات الفصول – Vibrations des Saisons» الصادر عام 2023 شكّل علامة فارقة في مسيرتكِ… كيف استقبلتِ صدور هذا العمل الأول، وماذا يعني لكِ أن يُتوّج في المنتديات اليابانية؟
_ كان يوم إصداره يوما مميزا و استقبلته بدموع الفرح .
تتويجه في المنتديات اليابانية فخر و اعتزاز لنا العرب جميعا
8.لكِ مشاركات في أنطولوجيات ورقية وجماعية عالمية تم إرسالها إلى تونس… ماذا تمثّل لكِ هذه اللحظة: أن ترين نصوصكِ عابرةً القارات ثم تعود لتستقر بين يديكِ في وطنك؟
_ إعتراف بالنجاح و إعجاب من طرف اليابانيين بنمط شعري خاص بهم. هو نجاح عربي في اليابان و إعتراف ياباني في تونس
9.قمتِ بترجمة ما يقارب 280 نصاً من الهايكو والتانكا للشاعرة الليبية نينة السرتاوي، إضافة إلى نصوص للشاعر المغربي عيسى أبركان… كيف تتعاملين مع الترجمة بين العربية والفرنسية، وما هي فلسفتكِ في الحفاظ على روح النص الشعري؟
_ أولا الحفاظ على روح النص قبل الترجمة وهو أهم شيء .
مترجم الهايكو او أي نوع من الشعر الياباني يجب أن يكون هايجن و يتقن كتابته . يجب أن يكون قد قام بدراسة عميقة و تعرف على جميع التقنيات و يتقن اللغتين طبعا
استفدت من الترجمة لأنها تجربة إضافية في عالم الشعر الياباني
أحس بصورة النص و كأنني أكتب نصي عند الترجمة
10.حين تُدرج نصوصكِ في أنطولوجيات إلكترونية عربية، فرنسية وإيطالية، هل تحسين أنكِ تكتبين “قصيدة كونية” بلا حدود لغوية أو جغرافية؟
_نعم أحس أنني أكتب ” قصيدة كونية ” بلا حدود لغوية أو جغرافية
لأنها طريقة تجمع إبداعات عالمية يتمتع بها القارىء
متعة بلا حدود
11.شاركتِ في أمسيات شعرية وتظاهرات أدبية متعدّدة… ما اللحظة التي شعرتِ فيها أن الشعر يحقق لكِ حضوراً حقيقياً بين الناس؟
_ هي اللحظة التي أرى فيها الإعجاب و البهجة على وجوه الحاضرين بعد قراءة نصوصي لأنه من الصعب قبول هذا النمط الياباني
12.الجوائز التي حصلتِ عليها، وآخرها ميدالية مسابقة روما سنة 2024 من ASSOCIAZIONE CULTURALE IL FARO DI ROMA، ماذا أضافت لمسيرتكِ؟ وهل تؤمنين أن التتويج يمنح الشاعر شرعية إضافية أم أنه مجرّد محطة عابرة؟
_ هذه الجوائز أضافت لي الثقة بالنفس و التشجيع على المواصلة في هذا العالم الجميل
_ أرى أن التتويج يمنح شرعية إضافية لأنه يمثل الإعتراف بأعمالي و قبولها
13.كيف ترين موقع الشعر الياباني (هايكو وتانكا) في الساحة العربية اليوم؟ وهل نحن أمام بداية نهضة لهذا الفن في العالم العربي؟
_ هناك منتديات عديدة اليوم للشعر الياباني( هايكو، تانكا ) و هذا يدل على قبوله و الترحيب به لأنه اندرج في نمط الأدب الوجيز
نحن في عصر السرعة و القارىء أصبح يكتفي بنص قصير مع صورة عميقة
14.بين الكتابة والإشراف والترجمة والمشاركة الدولية، كيف توزّعين وقتكِ وجهدكِ؟ وأيّ من هذه التجارب الأقرب إلى قلبكِ؟
_ أنا متقاعدة و أبنائي متزوجين و رسخت وقت فراغي لكل هذه الأعمال مع الحرص على تلبية طلبات العائلة و النظام الداخلي
15.ماذا تقولين للقارئ الذي يودّ أن يقترب أكثر من عوالمكِ الشعرية؟ وما الكلمة التي تودّين أن تبقيها خالدة بعد هذا الحوار مع مجلة أزهار الحرف؟
_ أقول للقارىء الذي يود الإقتراب أكثر من عوالمي الشعرية أن يفهم و يطلع أولا على مفهوم الشعر الياباني، تقنيات كل أنواع ، قراءة النصوص جيدا و محاولة فهمها و أعدهم أن الجاذبية ستحل محلها
– كلمتي لمجلة أزهار الحرف:
– أتمنى أن أكون في المستوى المطلوب و أن أنجح في إقناع القارىء بالشعر الياباني من خلال نصوصي
16.كامرأة عربية تونسية حملتِ رسالتكِ إلى فضاءات عالمية عبر الشعر الياباني والترجمة، كيف تنظرين إلى حضور المرأة في الأدب والفكر؟ وهل تحسين أن صوت المرأة الشاعرة ما زال بحاجة إلى مزيد من الاعتراف والإنصات؟
_ المرأة لها حضور فعال في الأدب والفكر مهما كانت جنسيتها. لها الحرية في الكتابة و المشاركة في جميع الأعمال الأدبية الفنية و الحمد لله .
اجتازت المرأة الشاعرة كل الصعوبات و عبرت جميع العراقيل بصمودها وعزيمتها، تعلمت و مازلت تتعلم فلتسعى للمحافظة على صوتها بالمواصلة دون تراجع
17.ما رأيكِ بالملتقيات الشعرية كفضاءات للتواصل والإبداع؟ وبشكل خاص، كيف تنظرين إلى دور ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد في تعزيز حضور الشعر العربي وتبادل التجارب بين المبدعين؟
_الملتقيات الشعرية هي فعلا فضاءات للتواصل والإبداع وهي مناسبة لتعارف الشعراء بعضهم ببعض و التعريف بإبداعهم.
_ ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد يمنح الشعراء العرب فرصة الحوار و تبادل الآراء كذلك الإطلاع على الجديد و النقاش
……………………………
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف