فوزية جعيدي: باحثة وفنانة تشكيلية مغربية نموذج المرأة المغربية المبدعة
فوزية جعيدي باحثة وفنانة تشكيلية مغربية، نموذج المرأة المغربية المبدعة في مختلف مجالات الفنون الأدبية. استطاعت أن تضع قدمها في الفن المغربي المعاصر من أوسع أبوابه من خلال عشقها للرسم والفن التشكيلي، وقراءتها ونقدها لمجموعة من اللوحات الفنية والقصائد الشعرية والأشرطة السينمائية للعديد من المبدعين المغاربة، وخاصة قراءتها الأخيرة للفنان التشكيلي الراحل سعيد حجي.
اختارت فن التصميم، ونسجت عن طريق الآلة عدة منسوجات لقيت إقبالًا من طرف شركات متعددة. لقد نسجت وابتكرت مستلهمة من تراث الأجداد الذين كانوا يصبغون الصوف بالصباغة النباتية، فأدخلت الأصالة في قلب المعاصرة، وغيرت من مفهوم فن النسيج اليدوي عبر الآلة العصرية. من المعروف أن النسيج يدخل في الفنون الشعبية، وهي مصممة بارعة ركبت الأشكال والرموز والعلامات في تراكيب جديدة ومتميزة. كما أنها مديرة بارعة لهذا الفن الرفيع، مبدعة مهووسة بالطبيعة المغربية وسحر الألوان الشعبية الساخنة. وهي تعتبر الفن بصمة الروح والوجدان وترجمة للعواطف والأحاسيس، وتؤمن بأن الفن مرآة الروح والشعوب، ودليل الحضارات عبر الزمن، وشهادة حية لتاريخ الأجداد والأحفاد.
لم تكتف الباحثة والفنانة التشكيلية المغربية فوزية جعيدي بهذا القدر، بل ابتكرت لوحة فنية قابلة للمس صُممت خصيصًا ليستكشفها المكفوفون عن طريق حاسة اللمس، مما يجعل الفن متاحًا لفئة ضعاف البصر الموجودين على هامش المجتمع المغربي. وقد عُرض هذا العمل الفني في قاعة الميدياتيك حسن الثاني، ثم في المعرض الدولي للكتاب عام 2019.
صدر لها عدد من القراءات الأدبية في مجلة Quaderni الإيطالية في مارس ويونيو 2019. كما صدر لها كتاب بالفرنسية تُرجم إلى الإيطالية بعنوان Rêveurs de coupons de toile (الحالمون بالقماش) عام 2020.
ومن هنا كان لمجلة “أزهار الحرف” هذا الحوار معها لنبحر في عوالمها المتعددة، وفي ذكرياتها واختياراتها وتأملاتها حول الفن بمختلف أشكاله، وفي مسيرتها الفنية والإبداعية في الحياة. حاورها من المغرب: محمد زوهر.
السؤال رقم 1
بطاقة التعريف للناقدة والباحثة والفنانة التشكيلية المغربية والمصممة المبدعة فوزية جعيدي..؟
ج: فوزية جعيدي فنانة تشكيلية، من مواليد 1966 بالدار البيضاء بالمغرب.
السؤال رقم 2
تحدثي عن تجربتك مع الفن التشكيلي منذ الطفولة حتى اليوم..؟ وعن إصداراتك النقدية…؟
ج: عشقت الرسم منذ طفولتي بحكم انتمائي إلى عائلة فنية. فأختي الكبرى درست بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، وبعدها أخي أيضًا درس في نفس المدرسة، ثم التحقت أنا كذلك بعد حصولي على الباكالوريا.
أما عن الإصدارات، فكانت تجربتي مع مجلة إيطالية أكتب باللغة الفرنسية وتُترجم إلى اللغة الإيطالية.
أما قراءاتي وتحاليلي لبعض اللوحات الفنية فكانت خلال بعض المعارض الجماعية.
وأنا بصدد تأليف كتاب عن تاريخ الفن المغربي، أجمع فيه كل التحاليل الفنية التي قمت بها إلى اليوم.
السؤال رقم 3
1989 حصلتِ على دبلوم من المدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء. ماذا يمثل لك هذا الإنجاز..؟
وبماذا شعرتِ أثناء حصولك على الجائزة الأولى للدورة الثانية للمهرجان الوطني للفيلم المغربي..؟
ج: دراستي بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء ساعدتني على صقل الموهبة والتعرف على تاريخ الفن العلمي والإلمام بجميع المدارس الفنية.
أما الحصول على الجائزة، فكان اعترافًا بالموهبة وتشجيعًا على السير قدمًا.
السؤال رقم 4
تحدثي عن تجربتك وإبداعك لفائدة المكفوفين، تلك اللوحة التي ابتكرتِ…؟ وهل هي أول تجربة في المغرب والعالم..؟
ج: هذه التجربة الإبداعية كانت تحت عنوان (الفن للجميع). كنت حين أقيم معرضًا أو أزور معارض فنية لا أجد أي مكفوف واحد يزور المعرض. هنا أتت الفكرة. عند إنجازها وعرضها بقاعة الميدياتيك وجهت دعوة إلى رئيس جمعية المكفوفين بالمغرب السيد رشيد الرفاعي، وهو بنفسه مكفوف، ليتعرف على هذه اللوحة ويتمكن من رؤيتها عبر حاسة اللمس. كان إحساسه رائعًا ومميزًا. وبعد ذلك عرضت اللوحة بالمعرض الدولي للكتاب في رواق جمعية المكفوفين (A.M.A.R.D.E.F)، حيث تمكن العديد من المكفوفين من رؤيتها.
السؤال رقم 5
لماذا اخترت فن التصميم وتطبيقه في النسيج عبر الآلة…؟ وما هي المشاكل التي واجهتك في الطريق…؟
ج: لم أختر النسيج عبر الآلة، بل العصرنة هي التي حولت كل ما هو تقليدي إلى عصري. لم يعد هناك، خصوصًا في الدار البيضاء، من يشتغل بالطريقة التقليدية. يتم التصميم باليد، ثم يحول بالكمبيوتر ليمكن للآلة قراءته، وبعدها يُنسج عبر الآلة.
السؤال رقم 6
كيف تنظرين إلى التجربة المغربية في مجال الفن التشكيلي..؟ وهل هي معروفة على الصعيد العالمي..؟
ج: التجربة المغربية في الفن التشكيلي غنية ومتنوعة، تتميز بالعديد من الخصائص الفريدة التي تجمع بين التراث المحلي والتأثيرات العالمية. فقد تأثر الفن المغربي عبر التاريخ بالعديد من الثقافات مثل العربية، والأمازيغية، والأندلسية، والأفريقية، بالإضافة إلى الأوروبية الحديثة بعد الاستعمار.
يضم المشهد الفني المغربي مدارس وأساليب متعددة من الواقعي والتجريدي إلى الفطري والمعاصر.
الفن التشكيلي المغربي معروف عالميًا ويحظى بتقدير كبير في المحافل الدولية. ساهم في ذلك رواد مثل أحمد الشرقاوي وفريد بلكاهية وحسن حجاج، حيث عرضت أعمالهم في صالات عالمية كبرى واقتنتها متاحف مرموقة. كما استضافت متاحف وصالات عرض عالمية كبرى معارض للفن المغربي المعاصر، وأصبحت أعمال بعض الفنانين مطلوبة في أسواق الفن العالمية وتباع بمبالغ كبيرة في المزادات.
السؤال رقم 7
هل لك إصدارات نُشرت في هذا المجال؟ وهل لقيت إقبالًا من المتلقي..؟
ج: كما قلت سابقًا، أنا بصدد تأليف كتاب في هذا الصدد.
السؤال رقم 8
كناقدة في مجال الفن التشكيلي المغربي المعاصر، ألم تفكري في تأسيس مجلة إلكترونية أو ورقية تهتم بهذا المجال..؟
ج: لا، لم أفكر في ذلك.
السؤال رقم 9
لقد نظمتِ عدة معارض فنية في المغرب وخارجه. كيف كان رد فعل الجمهور مع أعمالك الفنية..؟
ج: شاركت في العديد من المعارض داخل المغرب وخارجه. وكان المتلقي يبدي استحسانًا كبيرًا، وقد اقتُني العديد من اللوحات.
السؤال رقم 10
تحدثي عن إصداراتك في مجلة Quaderni الإيطالية. ماذا تمثل لك هذه التجربة وهذه المرحلة..؟
ج: هذه التجربة كانت غنية وفريدة، حيث ناقشتُ من خلالها العديد من المواضيع التي تهم الفن، كما وُثّقت موضوعاتي في مجلة وكتاب ورقي. وقد أتيحت لي فرصة التعرف على فنانين إيطاليين وتبادل الخبرات معهم.
السؤال رقم 11
ماذا تمثل تجربتك في كتاب Rêveurs de coupons de toile الإيطالي الذي ضم منشوراتك..؟
ج: هو توثيق لأعمالي الفنية وكتاباتي في نفس الموضوع.
السؤال رقم 12
ما رأيك بالملتقيات الأدبية والفنية، لا سيما ملتقى الشعراء العرب ومجلة أزهار الحرف التي يرأسها الأديب والناقد والشاعر ناصر رمضان عبد الحميد..؟
ج: بشكل عام، الملتقيات الأدبية والفنية ذات أهمية كبرى في المشهد الثقافي العربي. فهي تشجع المواهب وتوفر منصة للأدباء والفنانين للتفاعل مع جمهور أوسع، وتثري الحوار والنقد، وتخلق بيئة مناسبة لمناقشة الأفكار والقضايا الثقافية. كما تتيح فرصًا للتواصل بين المبدعين من مختلف الدول العربية، وتعزز الوحدة الثقافية.
ملتقى الشعراء العرب ومجلة أزهار الحرف، بقيادة الأديب ناصر رمضان عبد الحميد، يبرزان كمنصتين فاعلتين لدعم الإبداع وتوثيقه، مما يعكس شغفه الكبير بالحركة الأدبية والفنية.
السؤال رقم 13
أخيرًا، ما الحلم الذي لا يزال يسكنك كفنانة..؟ وكيف تحبين أن يتذكرك الجمهور والوسط الثقافي المغربي..؟
ج: أحلم باليوم الذي يتجلى فيه الفن في كل ركن من أركان المجتمع المغربي، ويصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية. أحلم بأن يدرك الناس أن الفن ليس ترفًا، بل ضرورة روحية وعامل أساسي في بناء شخصية الإنسان وتنمية المجتمع.
أما كيف أحب أن يتذكرني الناس، فأتمنى أن يتذكروني كفنانة لم أكن مجرد صوت أو وجه، بل إنسانة عاشت لفنها. أن يتذكروني بأني كنت مخلصة لمبادئي الفنية، وجسرًا بين الأجيال، وأنني حفزت الشباب على اتباع شغفهم والمضي في طريق الإبداع. أحب أن يتذكرني الجميع كفنانة عاشقة لبلدها، ومؤمنة بقوة الفن في تغيير العالم.
كل التقدير…
حاورها من المغرب: محمد زوهر
