🌹مرايا السرمد 🌹
أيُّ هذيانٍ تسلّلَ منكَ إلى الوريدِ،
فأورقَ في صمتي
وكسَرَ مرايا العمرِ
حتّى غدوتُ أنا والزمنَ معًا
نُقيمُ لكَ محرابًا لا يبيدُ.
أدمنتُ وهمَكَ،
كأنّي أرتشفُ الغيابَ نبيذًا
وأسكبُهُ في شقوقِ ليلي
فيمتدُّ منك جسرٌ من طيفٍ
يعبرُني…
ويُعيدُ تكويني على الوعدِ.
يا مَن يكفيني من الوجودِ
ظلٌّ تسرَّبَ منكَ،
كيفَ اكتفى قلبي بالغيابِ؟
وكيفَ أتمَّكَ الناقصُ
حتّى صارَ هو الكمالَ سرمدِ؟
في لقياكَ
يندثرُ المدى،
تتكسّرُ خرائطُ الوقتِ،
ويُمحى من رملِ المعنى
كلُّ أثرٍ كانَ يقيّدُني…
ويشدُّني نحوَكَ بلا قيدِ.
أرنو إليكَ…
فتزهرُ ملامحي ابتسامةً
تفضحُ شوقي.
وحينَ يهبطُ الليلُ
يُرسلُكَ في صمتي قمرًا،
وأصيرُ أنا
مجرّةً تسبحُ في الأبدِ.
أنتَ سرابٌ من لحمٍ ودم،
وأنتَ يقينُ وهمي،
وأصدقُ ما في كذبةِ العمرِ،
متعةٌ تسقي الفؤادَ
وتنهلُهُ من نارٍ لا تَخْمُدُ.
قد كنتَ عالمي قبلَ العالم،
ونشيدي قبلَ اللغة،
وما عادَ لصوتي صدىً
إلّا إذا مرَّ من حنجرتِكَ،
كأنَّ صوتَكَ كوكبٌ
يضيءُ ارتحالي،
يشعلُ ظلامي،
ويُسامرُني في منافي البعيدِ.
أهيمُ بجنونِ العشقِ فيكَ…
ولو شُفيتُ منهُ
مِتُّ.
فما لذّةُ الحياةِ
إلّا أن أموتَ كلَّ يومٍ
فيكَ…
وأُبعَثَ من رمادي إلى الأبدِ
د. زبيدة الفول