#أمنية_أخيرة_لعاشق_الألِف
كان يمر في شارع المدينة يحمل ثقل سنينه على كتفيه، يتذكر يسترجع، يتخيل، يتمتم بحروف متلعثمة الجسد يهيم بين أرصفة الذاكرة والفكر يجول في شريط ٱخر ما أنتجتت حكاياته، وصل مفترق طرق ولم ينتبه ليواصل خطواته الضائعة في متاهات الأقدار وفجأة سمع صوت منبه سيارة يصدع أذنيه حاول الإلتفات ليرى ما يجري لكن السيارة لم تمنحه الفرصة لتصدمه وترمي به على قارعة الطريق ، يرتطم رأسه بحافته ويخرّ على الأرض فاقدا الحركة، دماء تسيل من كل جسده وتغطي وجهه الشاحب ، كان يسمع أصوات خافتة من حوله تهرع نحوه لتغيب تلك الأصوات وتبتعد ليستقر فكره في صورة وحيدة و صوت وحيد تمنى أن يسمعه في تلك اللحظة ولا يريد غير ذلك ، لكن للأسف أمنية بعيدة المنال ، تزايد سيلان الدماء من جسده تمتم باسمها مرات ومرات ولم يفهمه أحد من الموجودين حوله غير حرف الألف ،كان يناديها ، يناشدها ، يرجوها أن تأتي دون جدوى. وفي لحظة غاب عن وعيه و صمتت تمتماته، اتصلوا بالاسعاف ليأتي بعد بعض الوقت ينزل فريقه بسرعة محاولا إسعافه تأكدوا أن حالته خطيرة ويجب نقله إلى المستشفى على جناح السرعة حملوه إلى السيارة وانطلقوا بسرعة وعند وصولهم أدخل قسم الاستعجالي وحضر الطبيب والمساعدين والكل يحاول إسعافه ، شعر بإبرة تدق في شريان يده ، عاد يتتمتم باسمها من جديد ، سأله الطبيب ماسمك؟ من أين أنت ؟ ماذا جرى؟ لم يخرج من شفتيه غير تلك الحروف الضائعة والغير مرتبه ، هو ينادي باسم حبيبته التي لا يحتاج غيرها في حالته تلك ، تفطن أحد الممرضين إلى وجود هاتفه في جيبه سحبه ليرى بمن يتصل ليعلم عائلته و من الضروري أن يكون أول رقم هو رقمها فحرف الألف سيد الحروف وأولها وكان أخر رقم اتصل به قبل الحادث ، اتصل الممرض لتجيبه الألف، أبلغها أن صاحب الهاتف تعرض لحادث وهو في المستشفى وحالته خطيرة وضروري أن تحضر عائلته وأغلق الخط ، رغم خطورة حالته ورغم جيده الجريح و رأسه المفتوح شعر بصوتها وهي تجيب على الهاتف أحس بشيء من الفرح حتى ابتسم ، غابت ٱلامه و اندثرت في حضور صوت حبيبته واستسلم للانتظار والقدر و لمحاولات الفريق الطبي لإسعافه والدماء تسيل من جسده بغزارة ، رغم الكسور التي في الجسد كان ما يؤلمه فقط هو كسر في قلبه يأمل جبره من صاحبة الألف قبل موته، مرت اللحظات والدقائق وشيء من ساعة مضت ، حتى سمع طقطقة قدميها على بلاط أرض المستشفى تهرع إليه باحثة عنه هو يعرف جيدا صوت خطواتها، هرعت سائلة كل من يعترضها ليشير إليها أحدهم برقم الغرفة ، دفن الباب لتجد مشهدا لم تتوقعه أبدا ، نعم إنه من أحبها ومن عشقها ومن منحها كل الحب والعطف والحنان والإهتمام نعم إنه هو اقتربت منه فاشتم عطرها وسمع صوتها نادته باسمه فكانت الحروف تتغلغل في مسمعه وفي شرايينه لتشعره بشيء من القوة التي تمكن من أن يفتح بها عينيه ، يااااا الله لقد حضرت حبيبته ، نعم انها هنا بجانبه والدمع ينهمر من عينيها و على صفحات وجهها ارتسمت ملامح الأسف وكأنها تعتذر وتقول ٱسفة حبيبي لم أدرك أنك تحبني إلى هذه الدرجة ، لم تتوقع هذا المصير من ٱخر محادثة بينهما ، مسكت يده قبلتها و قالت ، متأسفة سامحني لم أقصد ، أعرف انك تحبني أعرف انك مغرم بي و متيم بحبي وأقدر فيك مشاعرك التي كثيرا ما أسعدتني ، المهم الٱن حبيبي لا ترهق نفسك أنا هنا معك وستكون بخير نعم حبيبي ستكون بخير ، نظر إليها في تشابك للأيدي و دمعة من عينه و الأخرى من عينها ، قال لها بصوت خافت : عانقيني واحضنيني. اقتربت لتعانقه وتحتضنه وضعت رأسه على صدرها و هو بين ذراعيها وعندما شعر بجسدها وعطرها وكان شعرها يهفو على وجهه ، فتح عينيه ، نظر إليها في مقلتيها وأطال النظر برهة ثم قال: بعد حضن أمي لم أتمنى الموت إلا في حضنك أنت أيتها الألف، وها هي أمنيتي تتحقق الٱن، مااااا أسعدني يا حبيبتي مااااا أروع هذا الشعور يا معذبتي وأنا أودع الدنيا بين يديك و حضنك يحتويني ودمعك يبلل وجهي ، أنا سعييييييد جدا يا حبيبتي أنا سعيد الٱااان تأكدي أنك أسعدتني كما أنني عشت معك عمرا في هذه الثواني ، أحبك … أحبك يا ألفي يا يائي أحبك ، نطق هذه الكلمات بصوت خافت وبدأ جسده يرتخي شيئا فشيئا حتى صمتت الحروف و توقفت الأنفاس ، سكت ذاك القلب العاشق ، رحلت روح أحبت روحها حتى الموت ، عانقته بقوة وبكت بحرقة وفي عينيها أسف وندم و حسرة قبلت جبينه ثم همست في أذنه : أحبك حبيبي أحبك ، لأول مرة قالتها لكن بعد رحيله ، هو حقق أمنيته ومات في حضنها أما هي ستحيا بعده لتستمر الحياة ، قد تعيش لذكراه لبعض الوقت وقد لا تنسى أنه قال لها ذات مرة: لن تجدي رجلا في الكون يحبك كما أحببتك ويعشقك كما عشقتك ويخاف عليك مثلي ولن تجدي قلبا ينبض لك كما نبض هذا القلب الذي أحبك حد الموت .
علاء الدبابي