رحيل المشاعر
أصبحتُ جسدًا بلا نبض؛ رحلتْ روحي، ورحلَ معها الحبُّ والحنين. التزمتُ الصمتَ كحارسٍ على أبوابِ فقدٍ لا يُشفى، أنظر حولي فلا أرى إلا عيونًا تشوّه وجهي، تتمعّن في كسري كما لو أنها تريدُ تهديمَ آخرِ آمالي. هم لصوصُ القلوبِ؛ سراقُ البسمةِ والحكايا، مرّوا فسرقوا ضحكتي، وأخلّفوا في صدري جبالًا من أحزانٍ وثغراتٍ من دموعٍ لا تنتهي.
ماتتِ الفَرْحَةُ؛ وحلَّ محلَّها الألمُ، صار الصباحُ ثقيلاً كحجرٍ لا ينفكّ عن صدري، وصار الليلُ مرآةً لأسماءٍ غرقت في النسيان. بقيتُ وحيدًا مع بعضِ المشاعر التي لم تُهجر بعد؛ حتى تلك الرحلتْ في قطارِ العمر، وتركتني أودِّعُ ما تبقى منها على رصيفِ الانتظار. لا أدري إن كانت ستعودُ أو ستستمرُّ الرحلةُ آخرَ مرّةٍ دون رجعةٍ — لكنّي أقول: إن القلبَ رغم كلّ النّهب، ما زال يحتفظُ ببصيرةٍ صغيرةٍ، ضوءٍ هزيلٍ يقاومُ الظلامَ حتى لو بانكسَر.
شكرية العبيدي