نظرة الاحباط
كأنّي نملةٌ صغيرة،
أمشي بين حبات الغبار،
أحمل على ظهري ما يتساقط من فتاتِ الأيام،
وأخفيه في تجاويفٍ لا يراها أحد.
في الصيف،
حين تلمع الشمس فوق رؤوس الغافلين،
أظلّ أبحث عن قمحٍ ضائع،
عن كسرةٍ يتركها العابرون،
أعرف أنّ الجوع سيأتي،
وأن الرياح ستغلق أبواب الحقول،
وأن البرد سيعضّ أصابع الفقراء.
أنا النملة التي لا يعرفها أحد،
لكنها تبني قصرها من لا شيء،
وتخزّن قمحها في قلبٍ صغير،
قلبٍ يعرف أنّ الشتاء ليس موتًا،
بل امتحانٌ للصبر،
وموعدٌ لمعرفة قيمة ما ادّخرته الروح.
وأنا الشاعر أيضًا،
أجمع كلماتي كما تجمع النملة حبوبها،
أخزنها في زوايا الورق،
أخبئها تحت وسادة الليل،
لأفتحها يومًا،
حين يشتد الصقيع،
حين يتركني الناس للثلج،
حين لا أجد غير نار الحروف لتدفئتي.
أيها الإحباط،
أنت لست نهاية،
أنت شتاءٌ عابر،
وأنا سأظلّ أكتب،
كما تظل النملة تبحث،
حتى لو لم يرني أحد.
بقلم الشاعر رضا بوقفة شاعر الظل
وادي الكبريت
سوق أهراس
الجزائر
الشعر اللغز الفلسفي