ليست المرأة نهاية جملة ولا بداية نظرية بل هي ما بين الأقواس حالة مستمرة من التشكل، لا تنتمي إلى الماضي ولا تركن للمستقبل بل تنمو داخل الحيرة نفسها ليست مشروعًا مكتملًا ولا مخططًا واضحًا، بل احتمال دائم، يتحرك فوق خريطة مرسومة بخط اليد، بقلم لا يعترف بالحبر وحده
في اللغة تُعامل كمفرد مؤنث عاقل لكن الواقع أوسع من قواعد اللغة فهي ليست مفردًا بل هي التعدد ذاته لا تطلب أن تُفهَم، بل أن تُرى كما هي غامضة أحيانًا، بسيطة أحيانًا، ومُربكة حين تقرر أن تكون كل ذلك دفعة واحدة
تمشي المرأة في الحياة كما لو أنها تمشي على سطح ماء غير موجود لا تسأل
هل الطريق آمن؟ بل تسأل: هل قدماي ما زالتا لي؟
تتنفس من هواء لا يُرى وتحمل في صدرها قلبًا كأنه جُبل من مادة قابلة للكسر وإعادة التشكيل في الوقت ذاته
تتناقض دون أن تعتذر عن ذلك قد تضحك وهي تتذكر لحظة خذلان وقد تصمت أمام لحظة يُفترض أن تكون فيها ثائرة وهذا ليس ضعفًا في الإدراك، بل مرونة في الفهم هي ليست ردة فعل، بل فعلٌ بحد ذاته حركة داخل الصمت تصنع حضورها بعيدًا عن الضوضاء
يبدو للبعض أنها تنتظر أن يُنقذها أحد، لكنها في العمق مشغولة بحفر نفق لا يؤدي للخارج، بل للداخل تعرف أن الإنقاذ لا يأتي من يدٍ خارجية، بل من لحظة وعي داخلي تقول فيها: أنا أستطيع أن أكون حتى حين لا أريد أن أكون
تضحك أحيانًا من العبارات التي تُقال عنها وكأنها قوانين: المرأة القوية المرأة الخارقة المرأة الصامتة تسخر من هذه الصور المتكررة، من هذه القوالب الجاهزة التي تحاول أن تضبط إيقاعها على نغمة واحدة لكنها موسيقى فوضوية، وذوقها لا يحتمل التكرار
المرأة ليست مخلوقًا ضعيفًا أو قويًا بالمقاييس المعتادة بل هي معيار جديد، لا يخضع لمعادلات ثابتة تمشي بخفة على الكلمات، وتحفر بجمل قصيرة نوافذ لأفكار عميقة لا تُقال تقول أنا بخير وهي لا تعني ما يُفهم عادة ليست تخفي الحقيقة، بل تكتبها بطريقة لا تُقرأ إلا بالقلب
في المساحات غير المرئية، تبني عالَمًا داخليًا بالغ التعقيد فيه غرف سرية، ومداخل خفية، ونوافذ لا تُفتح إلا حين تغيب الشمس تعيش أكثر من حياة في حياة واحدة، وتحمل في داخلها ذاكرة لا تُروى، بل تُشعَر كأنها تسير وهي تجر خيوط قصص كثيرة، لا تتشابك، لكنها لا تنفصل
هي لا تطمح إلى الاكتمال، لأن الاكتمال كما تراه حالة من الجمود جاءت لا لتصل بل لتجرب لتفشل لتعيد المحاولة لتكسر القالب وتبني شكلًا جديدًا كل مرة إنها المشروع الذي لا ينتظر تصفيقًا، بل يطلب ببساطة أن يُترك في سلام
ليست المرأة شيئًا يُفهم، بل شيء يُلاحظ كأنك ترى كائنًا يتحرك بسرعة لا تناسب الزمن تدرك لاحقًا أنها لم تكن تمشي بل كانت تُريك كيف تمشي أنت هذا هو عمقها لا يسطع، بل يلمع بصمت
أخيراً
المرأة في حقيقتها ليست دورًا محددًا ولا وجهًا واحدًا بل هي سؤال مفتوح، صيغة لا تثبت ولغة لا تتكرر هي التجربة التي تُخاض، والاحتمال الذي لا يُغلق هي الحضور الذي لا يطلب تفسيرًا والغياب الذي لا يعني الفراغ
وإن بدت غامضة فذلك لأنها أعمق من أن تُختصر
وإن بدت ساكنة فذلك لأنها تنمو بصمت
وإن لم تُفهم فذلك لأنها لم تُخلق لتُفهم بل لتُحترم
المرأة ليست نهاية وليست بداية بل طريقة في الوجود ونبضٌ لا يُقاس.