أنا هنا لا أتحدث عن حياتي، بل عن ما اكتشفته جليًا خلال تجربتي.
أنا شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، بدأت حياتي مع مرض شلل الدماغ بسبب نقص الأوكسجين، مما أدى إلى شلل كامل. منذ البداية، تملكتني رغبة قوية في التعلم قبل إخوتي. حين رأى أهلي هذا الإصرار، بدأوا رحلة البحث عن مدرسة تحتضنني رغم وضعي الصحي. في منطقتنا لم نجد من يقبل وضعي الصحي، وإن وُجد، كانت المطالب المالية باهظة جدًا. إلى أن دلّنا أحد المعارف على احد المراكز
الطبي، وهناك تم قبولي، وبدأت رحلتي التي غيّرت مفاهيمي عن الحياة بعد 21 سنة من العلاج. وحتى بعد نحو سبع سنوات من خروجي من المركز، ما زالت العبرة الحقيقية التي عشتها حيّة داخلي.
العبرة التي اكتشفتها لم تكن فقط في حكم الأطباء، بل فيما صنعته أنا من نفسي:
لم أكن أعلم بقرارات الأطباء أو توقعاتهم، لكنني قرأت الظروف بطريقة مختلفة.
ومن خلال هذه القراءة، اكتشفت أن الخيال يمكن أن يكون أداة لتجاوز القيود وكسر قواعد الواقع المفروضة علينا.
من خلال الخيال، رأيت قيمة الهدف قبل أن أصل إليه، وولّد في داخلي الإرادة.
ومع الإرادة، جاء الجهد الذكي الذي مكّنني من تطوير ذاتي وكسر تصوراتهم وقيود توقعاتهم، مهما كانت توقعات الآخرين أو الظروف المحيطة.
بهذا، لم يحددني كلام الأطباء أو ظروفهم، بل تحديد نفسي كان من خلال رؤيتي لنفسي، وخيالي، وإرادتي.
الفكرة الأساسية التي أريد إيصالها هي:
الظروف أحيانًا تكون نفسها عند أشخاص مختلفين، لكن ما يميّز النتيجة هو كيف يفكر كل شخص فيها.
من يفكر سلبيًا ويركز على الألم فقط، يصل إلى الفشل.
ومن يفكر إيجابيًا ويستخلص من الألم ما يقوّيه ويطوّر ذاته، يصل إلى النجاح.
هنا يظهر دور الخيال بوضوح: فهو ليس مجرد حلم أو تصور حرفي للواقع، بل أداة عقلية لتجاوز قيود الواقع، وتحويل الظروف نفسها إلى فرصة، وبناء إرادة صلبة، وتوجيه الجهد الذكي نحو الهدف.
فالخيال يصنع العقلية، والعقلية تحفظ الإرادة، والإرادة تولّد الصبر، والجهد الذكي يمكّننا من الوصول إلى الهدف، حتى عندما يكون الواقع مليئًا بالقيود، مثل الاعتماد على عصا المشي أو أي أداة تحدد قدراتنا الجسدية.