“أنت العنوان” – الشعر كمرآة للضمير ورحلة روحية بقلم: أ.د. بكر إسماعيل الكوسوفي
بقلم: البروفيسور الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي
البريد الإلكتروني: [email protected]
المقدمة
يشكّل ديوان الشعر “أنت العنوان” للشاعر غنتيان ماشا حدثاً مهماً في الأدب الألباني المعاصر. فقد تحوّل حفل الترويج له إلى تظاهرة ثقافية وروحية ومدنية، حيث ارتفعت الكلمة الشعرية فوق الحدود الجمالية لتصبح نداءً للتأمل. وفي هذه الأمسية الأدبية، التي شارك فيها شخصيات من عالم الأدب والثقافة والعلم، جرى التأكيد على أن شعر ماشا ليس مجرد تزيين للكلمة، بل هو قبل كل شيء مرآة للضمير ووصية روحية.
يهدف هذا العرض إلى تقديم ملخص للكلمات التي أُلقيت خلال حفل الترويج، مبرزاً القيم الجمالية والموضوعية والاجتماعية للعمل، ومكانته في الشعر الألباني المعاصر.
كلمة المؤلف: الشعر كجرأة روحية
في افتتاح الحفل، أكّد الشاعر غنتيان ماشا أن هذا الكتاب هو ثمرة رحلة داخلية مثقلة بالتجارب والذكريات والحب. وبعد أن شكر الله، وعائلته وأصدقاءه، شدّد على البعد الأخلاقي للإبداع الأدبي قائلاً:
“كثيراً ما يتعيّن علينا أن نجرؤ، حتى وإن كان ثمن ذلك الفشل، بدلاً من أن نندم على أمان زائف يضلّلنا”.
وهذا الموقف يدل على أن الشعر بالنسبة له فعل جرأة روحية ومدنية، وأداة لمواجهة الواقع والنفس.
تقييم الشاعر فلامير ليتا: الشعر كوصية روحية
رأى الشاعر فلامير ليتا أن ديوان “أنت العنوان” هو “لقاء عاطفي ذو معنى عميق للشعر”، واصفاً صاحبه بأنه “روح شعرية كالعنقاء”. وبحسب رأيه، فالكتاب ليس مجرد أشعار، بل وصية روحية تلخّص ذكريات وآلام وصَداقات المؤلف، مقدّماً للقارئ مرآة جماعية لحياة جيله.
كما أشار ليتا إلى أن ماشا عرف كيف يحوّل الألم إلى قوة، والذكرى إلى شعر، والخسارة إلى حياة متجددة، تاركاً وراءه أثراً يتجاوز حدوده الشخصية.
تقييم الأستاذ سايمير مانساكو: الشعر كمرآة للمجتمع
أما أستاذ علوم الاتصال سايمير مانساكو فقد قدّم قراءة تحليلية، معتبراً أن الكتاب رحلة روحية ومرآة نقدية للمجتمع المعاصر. وأشاد بجرأة المؤلف في تناول موضوعات الظلم والنفاق والأزمة الأخلاقية والواقع الاجتماعي الصعب. لكنه أضاف أن بين أبياته بعداً للحب والإيمان بالخير:
“للكلمة وزن، والصمت تواطؤ، وعلى كل إنسان أن يكون له رسالة – أن يكون عادلاً، أن يكون نزيهاً، أن يكون إنساناً”.
هذا ما يجعل العمل ليس أدباً فحسب، بل دليلاً روحياً وأخلاقياً أيضاً.
تقييم أ. د. بكر إسماعيل: الشعر كوعي مدني
في كلمتي، أكّدت أن ديوان “أنت العنوان” يتجاوز الحدود الجمالية ليصبح فعلاً للوعي واليقظة. فشعر ماشا لا يسعى إلى الزخرفة الشكلية، بل يطرق عقل القارئ وقلبه ببساطته وقوته:
• يتحدث عن الحب والروح التوأم.
• يفضح الظلم الاجتماعي والوحدة الوجودية.
• يضع الإنسان أمام علاقته بخالقه وبنفسه.
إن هذا الكتاب إسهام ثمين في الشعر الألباني المعاصر، لأنه لا يكتفي بأن يكون فناً، بل يتحول أيضاً إلى فعل مدني وأخلاقي.
الخاتمة
لقد أظهر حفل الترويج لديوان “أنت العنوان” قوة الشعر في جمع الناس، وإنارة العقول، وإطعام الأرواح. إن شعر غنتيان ماشا بسيط في الشكل، عميق في المضمون؛ وهو دعوة إلى الحب، والصدق، والوعي.
ولا ينبغي النظر إلى هذا الكتاب كديوان شعري فحسب، بل كوصية روحية ومدنية مقدَّر لها أن تسافر عبر الزمن. إنه كنز ثمين للشعر الألباني، ودليل للإنسان الباحث عن النور في عالم مليء بالتناقضات.
كاتب الدراسة:
السفير والممثل السابق لكوسوفا لدى بعض الدول العربية
عضو مجمع اللغة العربية – مراسل في مصر
عضو اتحاد الكتاب في كوسوفا ومصر
E-mail: [email protected]