الإسقاط
*
بين النفس والوعي والرمز
مقدمة: تعدد المعاني
كلمة “إسقاط” تحمل معانٍ متعددة بحسب السياق؛ فقد تشير إلى فقدان الحمل قبل الأسبوع العشرين، أو إلى آلية دفاع نفسية يتم فيها نسب الصفات غير المقبولة للآخرين، أو إلى عملية رسم أشكال ثلاثية الأبعاد على سطح مستوٍ في الرياضيات والهندسة . وفي كل حالة، يظهر الإسقاط كوسيلة لتفسير أو تحويل الواقع بطريقة معينة، سواء كانت نفسية، علمية، أو عملية( المرجع غوغل )
الإسقاط في الشعر
في الشعر، يصبح الإسقاط آلية نفسية وحسية؛ إذ يلقي الشاعر صفاته أو عيوبه أو رغباته المكبوتة على عناصر خارجية في النص، سواء كانت شخصيات، أحداثًا، أو صورًا رمزية، فتتحول المشاعر الداخلية إلى محتوى محسوس يمكن للقارئ ملاحظته.( المرجع ويكبديا )
على سبيل المثال : عندما يتامل الشاعر بالطبيعة ، يصفها بالحزن و الغدر ، هنا يسقط حالته النفسية من الاكتئاب و الحزن عليها .
مفهوم الإسقاط النفسي
علم النفس يعرف الإسقاط (Projection) على أنه حيلة دفاعية لاشعورية يستخدمها الفرد لحماية ذاته، من خلال نسب عيوبه ونقائصه أو رغباته المستهجنة للآخرين. إنه عملية لوم خارجية (.المرجع و يكبديا )
تشير الابحاث إلى أن الإسقاط مرتبط أحيانًا ببعض مشكلات الصحة النفسية، مثل القلق والاكتئاب، وأنماط الشخصية مثل النرجسية أو الشخصية الحدية .
المرجع :
Bidaya Center . آلية الإسقاط النفسي ودورها في الصحة النفسية. متاح على: https://bedayaccpa.com/العلاج-النفسي
الإسقاط في التاريخ والرمز
1. أحد الأمثلة الرمزية العميقة على الإسقاط هو قصة آدم وحواء في سفر التكوين. الكتاب المقدس، سفر التكوين، أصحاح 3، آيات 6-7 و 9.
عندما واجه الله آدم بأكله من الشجرة المحرمة او من شجرة معرفة الخير و الشر ، أجاب آدم: “المرأة التي أعطيتني هي أطعمتني”، وقالت حواء: “الحية أغرتني”. كأن الغواية والآخرين هم السبب، لا الرغبة في المعرفة نفسها.
هذا نموذج أولي للإسقاط، حيث تُلقى المسؤولية على عناصر خارجية لتبرير الأخطاء .
الإسقاط في السلوك اليومي
هل اصبح في الجينات
اليوم ؟
نرى الإسقاط يتكرر في الحياة اليومية. إذا وقع الرجل في خطيئة، يضع اللوم على زوجته بأنها باردة أو مريضة او لا تهتم به … وإذا أخطأت المرأة، تبرر بنفس أسباب الرجل .
قد تبرر ما حصل بأنها كانت ضحية ظروف أو تصرفات الآخرين.
حتى الأطفال يمارسون الإسقاط بشكل بسيط؛ عندما تُكسر لعبتهم، يلقون اللوم على أخٍ لهم، أو على اللعبة نفسها، وكأنها “فعلت فعلتها” بنفسها.
الإسقاط والكذب
يتضح لنا أن الإسقاط مرتبط بالكذب الداخلي والبراءة الزائفة، وهو سلوك متأصل في الطبيعة البشرية. كل الشرائع السماوية والاجتماعية حرمته (حتى ورد من ضمن وصايا الله العشر : لا تكذب ) ، لأنه يحجب الحقيقة عن الذات ويحوّل المسؤولية إلى الآخرين. والوعي بهذه الآلية هو خطوة أولى نحو الصدق مع النفس، وفهم أعمق لأسباب سلوكنا وسلوك الآخرين ..
ملفينا توفيق ابومراد
عضو اتحاد الكتاب اللبنانين
2025/10/8