الشيخ محمد السنرواي (توفي 2008) … رجل الظل الذي كتب خواطر الشعراوي وعاش في الخفاء
رحل الشيخ محمد السنرواي عن عالمنا عام 2008م، بعد أن قضى عمره في خدمة الدعوة والفكر، وكان يشغل منصب المستشار الديني لمحافظة الفيوم، وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف. عُرف بتواضعه وعلمه الواسع، لكنه ظل بعيدًا عن الأضواء رغم مكانته الكبيرة، لأنه آثر أن يكون في الظل، يخدم الدين والعلم بصمتٍ وإخلاص.
في حياة الإمام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي، كان السنرواي أقرب الناس إليه، رفيق دربه العلمي والروحي، والمستشار الذي وثق به في أدق تفاصيل فكره ودعوته. وقد كشف الكاتب الصحفي رجب البنا في مقاله «الشيخ الشعراوي والتصوف» أن السنرواي كان هو الذي يكتب خواطر الشعراوي التي اشتهرت فيما بعد، إذ كان الشيخ الشعراوي يُفيض بالمعاني والخواطر بعفوية حين يتحدث، بينما كان يجد صعوبة في تدوينها بنفسه، فكان السنرواي يدوّنها بدقة، محافظًا على روح الشيخ وعمق معناه.
ورغم هذا الدور الجليل، لم يسعَ الشيخ السنرواي إلى شهرةٍ أو ظهور، بل ظلّ رجل الظل الذي يعمل في صمت، مستمدًا نوره من العلم ومجالسة العلماء، مؤمنًا بأن خدمة العلماء فريضة، وأن الإخلاص في الكلمة أعظم من كل أضواء الإعلام.
كانت العلاقة بين الشيخين علاقة تصوفٍ وعلمٍ ومحبة، جمعت بين صفاء القلب ونقاء الفكر، وكان السنرواي يرى في الشعراوي نموذجًا للداعية الذي يخاطب العقول والقلوب معًا. وبعد رحيل الشعراوي، بقي السنرواي وفيًّا له، فأنشأ مكتبة ضمّت مقتنياته ومراجعه التي تجاوزت عشرة آلاف كتاب، لتكون منارة للباحثين ومركز إشعاعٍ علمي وروحي.
كتب السنرواي في صحف عديدة مثل الأهرام واللواء الإسلامي وعقيدتي، فكانت مقالاته وفتاواه امتدادًا للفكر الأزهري الوسطي الذي يجمع بين الأصالة والتجديد، وبين الروح والعقل.
رحل الشيخ محمد السنرواي كما عاش، هادئًا زاهدًا متواضعًا، تاركًا أثرًا لا يُمحى في وجدان من عرفوه.
إنه بحق رجل الظل الذي حفظ وهج النور من أن يخبو، وكتب بيده ما ألهمه الله لشيخٍ من أعظم دعاة الإسلام في العصر الحديث.
___
ناصر رمضان عبد الحميد
عضو اتحاد كتاب مصر
رئيس ملتقى الشعراء العرب