الكاتبة حفري هيبة الرحمان… حين يتكلم النصف الخفي من الوجه
هيبة الرحمان حفري، كاتبة وروائية جزائرية صاعدة، تمزج بين الأدب، الفن، والصوت لتخلق أسلوبًا فريدًا يجمع بين الواقعية والأنمي، وبين الغموض والجمال. هيبة تمثل جيلاً جديدًا من المبدعين الذين لا يرون في الفن حدودًا، بل طريقًا لاكتشاف الذات وتحريرها.
من عمق تقرت… تولد الحكاية
من عمق مدينة تقرت، حيث تمتزج حرارة الجنوب ببرودة الحلم، ولدت كاتبة تحمل في داخلها عوالم كاملة من الرسم والكتابة والصوت.
إنها حفري هيبة الرحمان، ابنة جيلٍ لا يؤمن بالحدود، بل يخلق الفن من الضوء والظل معًا.
ولدت عام 2006، لكن نضجها الإبداعي يسبق عمرها بسنوات. اختارت أن تكون مختلفة منذ البداية، لأنّها — كما تقول — «لم تولد لتكون عادية».
وجعلت من القلم والريشة والعدسة والتعليق الصوتي أجنحة تُحلّق بها في فضاء الفن اللامحدود.
بدأ شغفها بالكتابة منذ سنوات المراهقة، حين كانت ترى في الحروف وسيلة للهروب من الواقع وبناء عوالمها الخاصة.
كانت تكتب أولى خواطرها على دفاتر الرسم، قبل أن تدرك أنّ الكلمات هي لوحاتها الحقيقية، وأن الصوت هو الريشة التي تُكمل الصورة.
روايتها الأولى: نصف وجه
هيبة لم تكتب رواية… بل خلقت عالمًا موازٍ من الظلال والانعكاسات، حيث لا شيء يبدو كما هو.
تدور الحكاية حول هارو، شاب يعيش صراعًا بين وجهين: أحدهما يبتسم للحياة، والآخر للموت.
بين الخيانة والانتقام، وبين الجنون والانكسار، يتلاشى الخط الفاصل بين الإنسان والوحش الذي يسكنه.
الرواية، الصادرة عن دار بيت الياسمين للنشر والتوزيع، هي أكثر من قصة؛ إنها رحلة نفسية داخل انفصام الذات البشرية، بأسلوب أنمي بصري يجعل القارئ يعيش المشاهد وكأنه يشاهد فيلمًا يتقاطع فيه الرعب بالجمال، والعتمة بالرسالة الوجودية.
«نصف وجه» ليست مجرد بداية، بل الشرارة الأولى لسلسلة روايات أنمي نفسية، تكشف الوجه الآخر للإنسان… ذاك الذي لا يراه أحد.
هيبة الرحمان ليست مجرد كاتبة، بل فنانة متعددة الأبعاد.
ترسم لتُحرّر ما تعجز الكلمات عن قوله،
وتلتقط بالكاميرا ما لا تُدركه العيون،
وتكتب لتُعيد تعريف الصمت بطريقةٍ جريئة ومؤثرة.
أما صوتها، ففيه نغمة من الحكاية؛ من خلال فنّ التعليق الصوتي الذي وجدت فيه وسيلة لتجسيد المشاعر وتحويل الصمت إلى مشهدٍ يُرى ويُسمع.
ما يميز كتابات هيبة هو قدرتها على خلق توازن بين الجمال والجنون، بين الهدوء والعاصفة.
تستخدم الرموز النفسية والخيال الأنمي لتعبّر عن صراعات داخلية بعمق فلسفيّ نادر في جيلها.
كل جملة عندها هي مرآة، وكل مشهد يختبئ خلفه سؤال عن الوعي، والهوية، والوجه الذي لا يُرى.
و بين الدراسة والحلم:
تحمل شهادة البكالوريا، وتؤمن أن التعلم الحقيقي لا يكون في القاعات، بل في التجارب، في كل لحظة يعيشها الفنان مع ذاته.
تقول:
> “الفن لا يُدرَّس… بل يُعاش.”
ترى هيبة أن الكتابة ليست غاية، بل طريق لاكتشاف الذات.
وهي اليوم تعمل على مشاريع أدبية جديدة تحمل طابعًا رمزيًا وتمردًا فكريًا، وتسعى من خلالها إلى إعادة تعريف الأدب الشبابي في الجزائر والعالم العربي.
في الختام
الكاتبة هيبة الرحمان حفري، المعروفة باسمها الأدبي
هيبة بين السطور
تمثل صوتًا جديدًا في الساحة الأدبية الجزائرية.
بأسلوبها الغامض والجريء، استطاعت أن تجمع حولها قرّاءً من مختلف الأعمار والثقافات، منتظرين منها دومًا الجديد…
الوجه الذي لم يُرَ بعد.
بقلم: ناعم زينب جيهان