صبرينة براجي “رواية نارطوس”
حين يعجز المنطق عن التفسير وتستيقظ العوالم المجهولة.
من ولاية المدية، تطل الكاتبة صبرينة براجي بصوت أدبي جديد يحمل روح الجيل الصاعد وجرأة الخيال الحديث. خريجة كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة يحي فارس، متحصلة على شهادة الماستر في القانون العقاري (2024)، بعد مسار أكاديمي مكلل بالتميز منذ نيلها شهادة البكالوريا في شعبة الآداب والفلسفة عام 2019.
ورغم انشغالها بعالم القانون، فإن شغفها بالأدب قادها إلى تأسيس مشروعها الإبداعي Journalia_dz، وهو مساحة تحتفي بالكتابة والقراءة عبر صناعة الدفاتر والفواصل المخصصة للكُتاب والقراء — لتجعل من الورق عالمًا ينبض بالحياة والذوق.
لكنّ المشروع الأكبر في رحلتها الأدبية كان روايتها “نارطوس”، التي تضعها في مصافّ الكُتاب الشباب الذين يغامرون بالخروج من المألوف.
“نارطوس” ليست رواية فنتازيا عادية، بل رحلة عقلية ونفسية تمزّق الحدود بين الواقع والوهم.
الحكاية تبدأ من حفل تكريم بسيط لستة طلاب متفوّقين، ينطلقون في رحلة إلى صحراء جانت الساحرة.
لكن الرمال هناك تخفي أكثر مما تُظهر…
بوابة خفية تنفتح نحو عوالم غير منطقية، يتقاطع فيها الماضي بالمستقبل، والحقيقة بالوهم.
في قلب هذا التيه يقف آصف كامل، الطالب الهادئ الذي يجد نفسه عالقًا بين الذاكرة والخيال، بين ذاته وصوتٍ داخلي يجرّه نحو المجهول.
يظهر رجل غامض يدعى رمزي، يعرف أسرارًا عن والدته أكثر مما ينبغي، لتتحول الرحلة إلى صراع مع الزمن والعقل.
أصدقاء يختفون بلا أثر، أصوات تنادي من الظلام، وواقع يتهاوى أمام سؤال واحد يطرق الذهن كنبضٍ لا يهدأ:
> “هل أنا من أعيش القصة، أم أن القصة هي من تعيشني؟”
تُغرق رواية نارطوس قارئها في عوالم الهلوسة الفكرية والبحث عن الذات، بلغة تجمع بين الغموض والرمزية، لتقدّم تجربة قرائية تشبه الحلم الملتبس بالحقيقة.
هي رواية عن الإدراك، والذاكرة، والإنسان حين يواجه حدود وعيه، في عالمٍ يبتلع المنطق ويُعيد تشكيله من رماد الأسئلة.
صبرينة براجي، الكاتبة التي تجمع بين العقل القانوني والخيال الأدبي، تُثبت أن الإبداع لا يعترف بالتخصصات، وأن القلم حين يُمسك بالحقيقة، يمكنه أن يكتب الوهم بأجمل الصور.
“نارطوس” هي بداية قوية لكاتبة تُدرك أن الكتابة ليست رواية تُقرأ فقط، بل تجربة تُعاش وتُترك آثارها في الوعي.